توشيح المدير العام للأمن الوطني والمخابرات "عبد اللطيف حموشي" بوسام الأمير نايف للأمن العربي من الدرجة الأولى    "مشروع قانون المسطرة الجنائية ورهانات حقوق الانسان " موضوع ندوة وطنية بالقصر الكبير    في إشارة لوزير العدل.. ابن كيران: هناك من يحرض النيابة العامة والرئاسة الأمريكية ضدي!    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال21).. الدفاع الحسني الجديدي يتعادل مع ضيفه المغرب الفاسي (1-1)    العرائش تتألق في البطولة الوطنية المدرسية لكرة السلة بزاكورة وتتوج بلقبين    عبد اللطيف حموشي يوشّح بوسام الأمير نايف للأمن العربي    تعبئة 133 مليون درهم لحماية مدينة تطوان من الفيضانات    نتنياهو يتعهد بتنزيل "رؤية ترامب"    المغرب يؤكد الالتزام بحسن الجوار    بروباغندا اليأس بالجزائر .. "النظام الكذاب" يرفع جرعة استهداف المغرب    منتخب السيدات يواجه غانا وهايتي    تحيين جديد يخفض أسعار الغازوال ب 12 سنتيما .. والبنزين في استقرار    تصريحات بركة حول دعم الأضاحي تثير مطالب بتتبع عمليات الاستيراد    سلا تتصدر مقاييس الأمطار بالمغرب    تساقطات مهمة تعم إقليم ميدلت    "نفس الله".. رواية جديدة للكاتب والحقوقي عبد السلام بوطيب    لماذا لا تتحدثون عن شعرية النقد الأدبي؟    تعدد الأنظار إلى العالم    إسرائيل تتسلم شحنة قنابل ثقيلة بعد موافقة ترامب    المغرب أفضل وجهة سياحية في العالم لعام 2025    لطيفة العرفاوي تغني لتونس    حريق يلتهم 400 محل تجاري بسيدي يوسف بن علي مراكش    المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يبرم اتفاقا بشأن الإغلاق المالي لمشروع إنشاء محطة الغاز "الوحدة"    تقرير: المغرب يحصل على تصنيف أحمر في مؤشر إنتاج الحبوب    توقيف شخصين بتهمة اختطاف واحتجاز سيدة في سيدي بنور    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    رشيدة داتي وزيرة الثقافة الفرنسية تزور العيون والداخلة والرباط    أكادير.. افتتاح الدورة الثانية للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني    بين الاحتفال بشعيرة الأضحية وإلغائها بسبب الجفاف.. "برلمان.كوم" يرصد آراء مواطنين مغاربة (فيديو)    كان الشباب 2025: القرعة تضع المغرب في مجموعة الموت    "المغرب يطلق منصة رقمية "Yalla" لتسهيل تجربة المشجعين في كأس أمم أفريقيا"    التصويت في الاتحاد الإفريقي.. من كان مع المغرب ومن وقف ضده: مواقف متوقعة وأخرى شكلت مفاجأة في مسار التنافس    ميارة: قانون الإضراب يساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص الشغل وفق تعاقد اجتماعي واضح    تناقضات النظام الجزائري.. بين الدفاع الصوري عن فلسطين والتجارة مع إسرائيل    مسؤولون وخبراء يجمعون على أن المغرب يسير في اتجاه عصرنة وسائل النقل المستدام    افتتاح الخزانة السينمائية المغربية في الرباط: خطوة هامة نحو حفظ التراث السينمائي الوطني    نتنياهو يرفض إدخال معدات إلى غزة    إعادة انتخاب نزهة بدوان رئيسة للجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع    حمزة رشيد " أجواء جيدة في تربص المنتخب المغربي للمواي طاي " .    مصرع 18 شخصًا في تدافع بمحطة قطار نيودلهي بالهند    فتح باب المشاركة في مهرجان الشعر    غوفرين مستاء من حرق العلم الإسرائيلية في المغرب ويدعو السلطات للتدخل    ريو دي جانيرو تستضيف قمة دول "بريكس" شهر يوليوز القادم    رفْعُ الشِّعار لا يُخفِّض الأسْعار!    في أول زيارة له للشرق الأوسط.. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يصل إلى إسرائيل    بنعلي تؤكد التزام المغرب بنظام تنموي قوي للأمم المتحدة    الصين: 400 مليون رحلة عبر القطارات خلال موسم ذروة السفر لعيد الربيع    ندوة بمراكش تناقش مدونة الأسرة    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    حقيقة تصفية الكلاب الضالة بالمغرب    خبير يكشف التأثير الذي يمكن أن يحدثه النوم على التحكم في الوزن    "بوحمرون" يصل الى مليلية المحتلة ويستنفر سلطات المدينة    تفشي داء الكوليرا يقتل أكثر من 117 شخصا في أنغولا    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آن الأوان لتغيير نظام التقويم في الباكلوريا
نشر في المساء يوم 02 - 11 - 2010

مما لوحظ، في متم السنة الدراسية الفارطة، أن هناك اهتماما خاصا فوق العادة حظيت به عملية تصحيح أوراق المترشحين لامتحانات الباكلوريا،
حيث تم استدعاء مشرفين على صعيد كل مادة إلى الأكاديميات وقُدِّمت لهم توجيهات خاصة تتعلق بالتواصل مع الأساتذة المكلَّفين بالتصحيح، من أجل حثهم على ضرورة اتخاذ كل أساليب الحيطة والحذر بخصوص قرارات التنقيط وتقدير المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقهم من حيث موضوعية ومصداقية التقويم، ضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين. ولئن كانت هذه الإجراءات مطلوبة ومرغوبا فيها، بالنظر إلى حجم الشكاوى المقدَّمة كل سنة بخصوص «المفاجآت» التي تحدث للعديد من المترشحين بعد إعلان النتائج الختامية للباكلوريا، من جهة، وبالنظر إلى ما يمكن أن يسفر عن التسرع أو غياب الجدية اللازمة بخصوص قرارات التنقيط من عواقب وخيمة من الناحية الأخلاقية، تتعلق أساسا بمصير ومستقبل المترشحين من جهة أخرى.
لكنْ إلى أي حد يمكن لهذه الإجراءات وحدها أن تضمن مصداقية الشهادة وتكافؤ الفرص بين المتعلمين؟ من الأكيد أن هذه التدابير المعزولة، وعلى الرغم من أهميتها، تدابير تعكس نوعا من الحيرة والتخبُّط وغياب التحكم في الكيفية التي ينبغي أن تُدبَّر بها منظومة التقويم. منظومة يمكن القول إنها تعرف اليوم مرحلة انسداد أفقها جراء عدم تحقيق رهاناتها التي كانت وراء الإصلاحات المتتالية التي شهدها نظام الباكلوريا، ومنذ ظهور النظام الأكاديمي، الذي برز في سياق محاولة تخليص المتعلمين من هاجس وإرهاب الامتحان، ومرورا بتعديله من حيث تقليص عدد الدورات التي كانت تمتد على مدى السنوات الثلاث في التعليم الثانوي، ووصولا إلى صيغته الحالية التي يجمع فيها بين الوطني والجهوي والمراقبة المستمرة.
إنها الصيغة التي لم يعد خافيا على كل المهتمين والمعنيين بالشأن التعليمي التربوي أنها قد أفرزت، بدورها، العديد من السلبيات التي مست مصداقية هذه الشهادة وقيمتها، سواء على المستوى الداخلي، حيث تجد المؤسسات والمعاهد الوطنية العليا نفسها أمام أمر واقع وهو حصول المترشحين المسجلين في لوائحها على ميزات مختلفة، كميزة «حسن» مثلا، وفي الشُّعب العلمية، لكن بنقط متدنية في المواد العلمية، كالرياضيات أو الفيزياء مثلا، إذ يمكن، على سبيل المثال وليس الحصر، لمترشح حاصل على نقطة 7/20 في الامتحانات الوطنية في مادة الرياضيات أن يحظى بميزة «حسن»، بفضل رصيده من النقط المحصَّل عليها في الامتحانات الجهوية والمراقبة المستمر. وفي مقابل ذلك، لا يمكن لمترشح حاصل على 15/20 في الرياضيات أو الفيزياء في الامتحانات الوطنية، مثلا، الاستفادة من أي ميزة، بالنظر إلى رصيده المتواضع أو المتوسط في الامتحان الجهوي وفي المراقبة المستمرة.
إنه الواقع الذي أضر كثيرا بصدقية هذه الميزات على المستوى الخارجي أيضا، الشيء الذي حذا بالعديد من المعاهد والمؤسسات خارج الوطن إلى عدم أخذها بعين الاعتبار الميزةَ المثبتة على الشهادة وإلى لجوئها إلى إعادة اختبار المترشحين الراغبين في التسجيل لديها، بناء على معاييرها الخاصة. لقد آن الأوان لأن تتوفر شجاعة اتخاذ قرار إعادة النظر في منظومة التقويم بالشكل الذي يعيد الثقة ويرد الاعتبار لشهادة الباكلوريا، لأن المسؤولين عن القطاع يدركون، أكثر من غيرهم، تفاصيل الضرر الذي لحق الميزة في الباكلوريا، كما يدركون جيدا أن النظام الحالي يفرز نوعين من الباكلوريا، الأولى حقيقية، وهي المحصَّل عليها بواسطة المعدل في الامتحان الوطني، وأخرى من درجة ثانية ولا صدقية لديها، وهي المحصل عليها بواسطة الغش والجهوي والمراقبة المستمرة... كما أنهم يدركون، أيضا، أن مجموعة من المتغيرات والمستجدات برزت بتزامن مع عشرية الإصلاح، وبصفة خاصة ما يسمى حصص الدعم أو الساعات الخصوصية التي تلقن للمتعلمين خارج المدرسة العمومية ومن قبل مدرسيهم من جهة، والبروز القوي للمدرسة الخصوصية كفاعل جديد في الميدان التعليمي التربوي، حيث بدأت تنتعش ويتسع صيتها على حساب المدرسة العمومية، وبمنظومة قيم جديدة ومعايير محدثة ذات صلة بقيم السوق والمنافسة والربح المادي، بالمعنى العامي المباشر من جهة أخرى.
إن هؤلاء المشرفين على القطاع يدركون -أو عليهم أن يدركوا- أن اختراق قيم السوق منظومةَ التربية والتكوين يطرح اليوم إشكالا خطيرا يتعلق بوظيفة المدرسة الوطنية ومفهوم المواطن الذي تسعي إلى تكوينه وبنائه ضمن مدرستين -العمومية والخصوصية- لا تحكمهما نفس القيم والمعايير ولا تسعيان إلى تحقيق نفس الغايات والأهداف. كل ذلك يدعو، وبإلحاح، إلى ضرورة إعادة النظر في مكونات نظام التقويم لنيل شهادة الباكلوريا. وبلغة مباشرة، إن المراقبة المستمرة وبالنظر إلى هذه المتغيرات التي عرفها الحقل التعليمي التربوي، وبصفة خاصة الساعات الخصوصية والمدرسة الخصوصية، لم تعد معيارا صالحا لقياس الفروق بين المتعلمين بشكل منصف تتكافأ فيه الفرص بين الجميع، بل أصبحت تُشكِّل، وضمن الشروط المستجدة التي يتم خلالها الأداء التعليمي التربوي وما يحكمه من إكراهات سواء داخل المدرسة العمومية أو الخصوصية، أصبحت تشكل إحراجا كبيرا بخصوص علاقة المعلمين بالمتعلمين، والتي لم تعد كما كانت عليه علاقة منزهة خالصة ومجردة عن كل منفعة مادية، بل أصبحت علاقة مشوبة وقد اخترقها الجانب النفعي المادي المباشر،علما أن النفعي العامي المباشر يشكل، في نظر الفلاسفة والعلماء، عائقا يحول دون الوصول إلى الحقيقة، أيا كانت هذه الحقيقة. فما العمل، حينما يتعلق الأمر بحقيقة ومصداقية شهادة يفترض أن يكون حاملها مؤهلا لمواجهة كل أنواع التحديات في عالم ارتقت فيه معايير الجودة والاستثمار في العقل البشري لتتربع على رأس قائمة كل أنواع الاستثمار؟

عبد الحق الحاج خليفة - حارس عام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.