سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مقتل جنديين بعد اختفاء أربعة عناصر من البحرية الملكية كانوا على متن طرادة بشاطئ العرائش البحر ألقى بالطرادة فارغة وجثتين عاريتين لجنديين منهم والغموض يلف مصير الباقين
«ليست لدينا جثة ولا أسباب مقنعة تؤكد أن أخي توفي . كيف يمكننا أن ننسى أخانا الذي اختفى في ظروف غامضة ولم نتوصل بعد مرور 11 شهرا بجثمانه؟ والدتي اشتد مرضها وأصبحت تهرع كل ليلة إلى باب المنزل فرحة وهي تطالبنا بفتح الباب لابنها العائد، قبل أن تعي بما حولها وتعود للبكاء والنحيب. كيف يمكن أن ننسى أنه تم اتهام أخي ورفقائه الثلاثة بأنهم تركوا عملهم و «حركوا» إلى خارج أرض الوطن، قبل أن تكذبهم أمواج البحر وتلقي بالطرادة فارغة من كل محتوياتها إلى الشاطئ، وبعد ذلك تلقي بجثتي زميلين له عاريتين ومتعفنتين صعب تهديد هويتهما، فيما ظل مصيره ومصير زميله الرابع غامضا إلى حد الآن». بهذه الجمل الحزينة والتساؤلات المحيرة بدأت حنان زعرة حكي ما جرى لشقيقها الرقيب محمد زعرة، الذي اختفى رفقة زملائه الثلاثة على متن طرادة لحراسة السواحل الوطنية بضواحي مدينة العرائش ليلة 14 نونبر 2009 في عرض المحيط الأطلسي. توصلت الأسرة قبل أسبوع بمحضر الدرك الملكي، الذي زاد من غموض الحادث. وطالبت شقيقة الضحية تدخل الملك محمد السادس من أجل إعادة فتح تحقيق دقيق للوقوف على تفاصيل الواقعة المجهولة التي انتهت باختفاء الجنود الأربعة مع كل عتادهم وأسلحتهم، موضحة أنه تم استدعاؤهم من أجل استخراج شهادة الوفاة لشقيقها المختفي، الذي لم يعرف بعد إن كان ميتا أم محتجزا من طرف عصابات المخدرات أو الهجرة السرية، علما أنه بعد اختفاء الطرادة بدقائق معدودة كان برج المراقبة بالمنطقة قد كشف عن وجود جسم غريب كان يسير بسرعة فائقة في عرض البحر، وطلب من قائد الطرادة اللحاق به، قبل أن يختفي الجسم بعد نصف ساعة، وتختفي بعده الطرادة، التي كان على متنها أربعة جنود، هم الرقيب هاشم اليعقوبي (من مواليد سنة 1978، متزوج وزوجته كانت لحظة اختفائه حاملا في شهرها الخامس) وهو قائد الطرادة، والرقيب محمد زعرة الميكانيكي (متزوج وأب لطفلين)، والعريف أول لحسن فهري الميكانيكي (مطلق وأب لطفل)، والعريف أول إدريس حنبلي المكلف بتثبيت الحبال (متزوج وأب لطفلين). وزادت حيرة أسر الضحايا بعد تسلمها محضر الدرك الملكي، الذي ذكر فيه أن مجموعة من الصيادين أصحاب المراكب صرحوا لعناصر الدرك القضائي بأنه أثناء وجودهم في عرض البحر تلقوا عبر أجهزتهم اللاسلكية مكالمة من برج الناظور للمراقبة، تفيد اختفاء الطرادة. كما صرح قائدا سفينتي صيد السردين للدرك الملكي أنهما التقيا في حدود العاشرة والحادية عشرة ليلا من يوم الحادث بالطرادة التي تحدثا إليها عبر الجهاز دون أن يتمكنا من رؤيتها بوضوح بسبب الضباب الذي كان يخيم على المنطقة. فيما أفادت مصادر أخرى أن البحر كان ليلتها هائجا وكان الضباب كثيفا يحجب الرؤية إلى درجة عدم قدرة أصحاب المراكب على ولوج البحر للصيد تفاديا لخطر الأمواج التي كانت تنكسر بقوة بالمدخل الرئيسي للميناء. اختفاء الطرادة كانت (الطرادة دال01 نوع اركور 46) التابعة للقاعدة الخامسة للبحرية الملكية بالقصر الصغير، وعلى متنها أربعة جنود، قد دخلت مياه المحيط الأطلسي في حدود العاشرة من ليلة السبت 14 نونبر 2009، أي بعد 11 يوما من التحاقها لأول مرة بالميناء العسكري بالعرائش، بهدف مراقبة السواحل ابتداء من منطقة مولاي بوسلهام إلى حدود ميناء أصيلا. وكان برج الناظور قد ربط الاتصال بالطرادة في حدود الساعة الثالثة صباحا من فجر اليوم الموالي، وأخبر قائدها بضرورة الاتجاه إلى منطقة أصيلا حيث كان يوجد جسم غريب يطفو فوق الماء ويسير بسرعة فائقة في اتجاه الشمال قرابة منطقة سلا. وكانت الطرادة حينها قبالة مولاي بوسلهام. وعاد نفس المداوم حينها بالبرج (محمد المسعودي) بعد نصف ساعة ليتصل بقائد الطرادة ويخبره باختفاء الجسم الغريب، وكان ذلك آخر اتصال تم ربطه مع الطرادة التي اختفت بعد ذلك في ظروف غامضة. كما أكد المداوم في محضر الدرك الملكي أنه لاحظ عبر جهاز الرادار أن الطرادة أخذت مكانها في حدود الرابعة صباحا وسط مجموعة من قوارب الصيد، مما صعب عليه متابعة تحركاتها، واختفت بعد ذلك من جهاز المراقبة. قائد الطرادة كان قد اتصل بزوجته وأخبرها بأنه في مهمة بعرض البحر، وأن الضباب كثيف والرؤية منعدمة. وأفادت زوجته أمينة فقير، في محضر ردها على أسئلة الدرك الملكي، أن زوجها كان يتحلى بسلوك حسن وأخلاق حميدة وأنه لا يتناول الخمر ولا يدخن، وكانت حينها حاملا في شهرها الخامس تنتظر مولودها الأول. كما صرحت حبيبة الحمري، زوجة الرقيب محمد زعرة، بأن زوجها الذي أنجبت منه طفلين (مروة خمس سنوات وأسامة 12 سنة) اتصل بها قبل دخوله عرض البحر. لكن الرقيبين لم يردا صبيحة اليوم الموالي على هاتفي زوجتيهما. وقالت حنان وكلها ألم وحسرة بسبب الاختفاء الغامض لشقيقها: «حل الدرك الملكي بمدينة المحمدية بمنزل أخي، وكنت حينها أنا وأمي مع زوجة أخي، فأخبرونا بأن أخي اختفى رفقة ثلاثة جنود. في البداية استفزونا على أساس أن الجنود ومعهم أخي «حركوا»، وظلوا يطرحون علينا عدة أسئلة، ويبحثون عنه وعن معلومات من أجل الوصول إليه. وقد شمل البحث كل الأهل وأقارب زوجته بمنطقة بوفكران بمكناس وعائلتي وكل من يحمل اسم زرعة بنواحي سيدي قاسم. ولم يتوقفوا عن استفزازنا إلا بعد أن تم العثور على الطرادة وبعد ذلك جثتي زميلين له، حيث اتضح لهم أن مكروها أصابهم فغيروا أقوالهم وسلوكهم معنا». وأضافت شقيقة الضحية زرعة أنه تم توقيف صرف راتب أخيها الشهري، وبعد شهرين منحوا الأسرة راتبا شهريا مؤقتا حدد في 2500 درهم، رغم أن شقيقها كان يكتري منزلا بمبلغ 1500 درهم شهريا، مما جعل الأسرة في ضيق مالي شديد. محاولات فاشلة لنجدة المختفين محمد فريد المسؤول عن الوحدة أكد في محضر الاستماع إليه من طرف الدرك القضائي أن الطرادة التي مهمتها حراسة الشواطئ والتدخل السريع لمدة شهر واحد سبق أن قامت بسبع دوريات بحرية قبل يوم الحادث. وأضاف أنه في يوم 14 نونبر 2009 على الساعة التاسعة و45 دقيقة ليلا خرجت الطرادة وعلى متنها أربعة جنود، وأنه لم ينتبه إلى اختفاء الطرادة إلا صباح اليوم الموالي حين خرج لتفقد الميناء حيث لم يعثر على الطرادة المعنية، ليتم استنفار كل أجهزة البحرية الملكية من أجل الاتصال أو العثور على الطرادة دون جدوى. أرسل محمد فريد طرادة ثانية في حدود التاسعة والنصف صباحا من أجل البحث عن الطرادة المختفية. وأوضح المسؤول المباشر عن البحرية الملكية بالعرائش أنه لم يخبر السلطات المحلية، من درك وأمن وطني وعمالة، لاعتقاده أن الطرادة معطلة في مكان ما في عرض البحر، وأنه سيتم قطرها إلى الميناء بعد الاهتداء إلى موقعها، ولم يخبر قائد الحامية بطنجة إلا في حدود السابعة مساء من اليوم الموالي لحادث الاختفاء. كما أكد مراقب البرج أن قائد الطرادة أخبره مباشرة بعد دخوله البحر أن الطرادة بها عطل ميكانيكي دون أن يحدد نوعيته، فتم إرسال طرادة ثانية لنجدتهم وإصلاح العطب أو قطرها إلى الميناء. كما أكد قائد الوحدة أنه قام بتحريات سرية مكثفة داخل الميناء لمعرفة سبب اختفاء الطرادة، ولم يتم إبلاغ الدرك الملكي المحلي، الذي علم بالخبر بالصدفة أثناء وجوده بالميناء في حدود الساعة الثالثة زوالا من اليوم الموالي لليلة الحادث، لتبدأ عملية البحث والتحقيق في الاختفاء بعد أن تم إخبار القيادة الجهوية للدرك الملكي بطنجة ونائب وكيل الملك بابتدائية العرائش، وكذا ربط الاتصال اتباعا بالكولونيل المزروعي و الكولونيل الخليفي التابعين لمديرية العدل العسكري بالرباط اللذين أعطيا تعليماتهما بتمديد البحث والتعميق فيه. العثور على الطرادة وجثتين تم بعد مدة العثور على الطرادة فارغة وبها عدة كسور وتصدعات، وتم يوم 24 نونبر 2009 العثور على جثة عارية تعود للرقيب هاشم اليعقوبي قائد الطرادة، وبعد 24 ساعة من العثور على الجثة الأولى لفظت مياه الأطلسي جثة أخرى عارية تعود للعريف أول لحسن فهري الميكانيكي، فيما لم يتم العثور على جثتي المسمين قيد حياتهما إدريس حنبيلي ومحمد زعرة، ولا على الألبسة أو الأجهزة الأسلحة التي كانت بالطرادة، حيث اختفت كل أجهزة الطرادة من وسائل التغذية والأغطية ووسائل الاتصال والمراقبة والأسلحة (رشاش جماعي و740 خرطوشة من عيار 7.5 مم وبندقيتان نوع فال و90 خرطوشة من عيار 7.62 مم). ولم تتمكن حينها فرقة الغطاسين التي انتشلت الجثتين من وسط الصخور الواقية للرصيف الشمالي بمدخل ميناء العرائش من الاهتداء إلى هويتي صاحبيهما، حيث كانتا متحللتين. وقد تمت إحالتهما اتباعا على قسم التشريح بمستشفى لالة مريم بالعرائش، قبل أن تُأخذ عينتان من فخذيهما وتبعثان داخل آلتين للتبريد إلى المختبر الجيني التابع للدرك الملكي بالرباط قصد تشخيص هوية الجثتين.