كالوالد الذي خيب ابنه آماله، كشف السير الاسكتلندي أليكس فيرغوسون، مدرب مانشستر يونايتد، عن رغبة مهاجمه واين روني في ترك النادي الإنجليزي العريق. فقد وجد المدرب الشهير نفسه حائرا بين الثأر من ابنه المدلل الذي رعاه على مدى ست سنوات وكان الملجأ بالنسب إليه، وبين الصدمة التي تلقاها لدى إعلان الأخير قراره بترك النادي وتحديدا في ال 14 من غشت الماضي. لطالما عبر فيرغوسون عن آرائه بصلابة وتحد خلال المؤتمرات الصحافية التي عقدها خلال مسيرة مظفرة شهدت إحرازه حوالي أربعين لقبا مع أبردين أولا، ثم مع مانشستر يونايتد على مدى الأعوام ال24 التي أمضاها على رأس الشياطين الحمر، لكنه هذه المرة بدا مصدوما من «خيانة» أقرب المقربين إليه، وتمالك نفسه في ذرف الدموع في مشهد مؤثر لم تشهده أروقة أولدترافورد سابقا. لقد أظهر فيرغوسون بوضوح مدى خيبة أمله الكبيرة إزاء تصرفات واين روني ووضع الأخير في قفص الاتهام أمام أنصار النادي والرأي العام البريطاني، بعد أن كشف حقائق لا تقبل الشك على الإطلاق. أظهر فيرغوسون تماسكا كبيرا خلال المؤتمر الصحافي، ودافع بشراسة عن تاريخ ناديه، والقيم التي يمثلها. كان المدرب المخضرم يعرف دائما كيف يتحاشى الدخول علنا في مشاكل النادي، خصوصا أمام الصحافيين، لكنه وجد نفسه مجبرا على كشف حقائق لم تكن في متناول الرأي العام. وقال فيرغوسون «كنت في مكتبي في الرابع عشر من غشت الماضي عندما اتصل بي ديفيد غيل، المدير التنفيذي، ليقول لي إن روني لا يريد تجديد عقده، حسب ما أعلن مدير أعماله». وأضاف قائلا: «بالطبع صدمت بهذا النبأ، خصوصا وأن روني كان يعتبر نفسه قبل أشهر قليلة في أعرق ناد في العالم». وتابع «اجتمعت باللاعب شخصيا وأعلمني برغبته في ترك النادي أيضا، لا أستطيع أن أجد أي سبب لذلك، أستطيع أن أتكهن وإياكم طويلا، لكننا لن نجد الجواب الصحيح عن هذه التساؤلات». وكان واين روني صرح قبل انطلاق كأس العالم بأنه لا يريد الانتقال إلى أي ناد آخر، «فأنا ألعب في أحد أعرق الفرق في العالم، ومستعد للدفاع عن ألوانه مجانا». وكشف فيرغوسون قائلا: «قلت لروني كلاما واضحا بوجوب احترام النادي الذي منحه الكثير وساعده في الأوقات الصعبة التي مر بها، لكني أعتقد بأنه لم يقم بذلك». وبات من شبه المؤكد أن يغادر الفتى الذهبي معقل اولدترافورد الذي فتح له ذراعيه عام 2004 قادما من ايفرتون، وربما يحصل هذا الأمر خلال فترة الانتقالات الشتوية في يناير الماضي خصوصا وأن قيمته ستبدأ بالتراجع كلما اقترب موعد انتهاء عقده في يونيو عام 2012. لقد خسر فيرغوسون لاعبين مؤثرين في الموسمين الأخيرين هما البرتغالي كريستيانو رونالدو المنتقل إلى ريال مدريد مقابل مبلغ قياسي، والأرجنتيني كارلوس تيفيز الذي يدافع عن ألوان الجار اللدود مانشستر سيتي، لكنه لم يكن يعتقد خسارة روني على الإطلاق. لن تمر خسارة جهود روني مرور الكرام على فيرغوسون الذي استثمر كثيرا في هذا اللاعب، ليس من الناحية المادية فقط، بل من الناحية المعنوية أيضا حيث كان بمثابة الأب الروحي له، فعندما خسر روني أموالا طائلة في الميسر، كان فيرغوسون الأب الحاضن له وساعده على الخروج من محنته، بالإضافة إلى دفاعه المستميت عنه بعد فشله في نهائيات كأس العالم الأخيرة، وبالتالي فإن خيبة الأمل التي تعرض لها المدرب تساوي العطف الكبير الذي يكنه تجاه هذا اللاعب. لقد وثق فيرغوسون ثقة عمياء بروني وبنى فريقه من حوله، لكن الأخير قرر التنكر لكل هذه الأمور واضعا نفسه في وضع لا يحسد عليه في الأسابيع القليلة المقبلة خصوصا تجاه أنصار الفريق. تبدو الجسور مقطوعة بين فيرغوسون وروني حاليا، بيد أن المدرب المحنك الذي عرف كيف يقنع الفرنسي اريك كانتونا بالعودة إلى صفوف الفريق بعد إيقافه ثمانية أشهر إثر اعتدائه على أحد المتفرجين الذي استفزه عام 1995، ونجح في إقناع رونالدو في البقاء موسما إضافيا في صفوف الفريق قبل الانتقال إلى ريال مدريد، ربما يجد الحل الأبوي المناسب للمحافظة على جوهرته.