سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حزب الوزير الأول يقود «انقلابا» ضد مدونة غلاب ويثير جدلا تحت قبة البرلمان السليمي: الاستقلال يسعى إلى إبعاد «تهمة» المدونة عنه من خلال تقسيم الأدوار بينه وبين نقابة شباط
دفعت موجة ارتفاع أسعار الخضر والفواكه ومواد أساسية أخرى فرقا برلمانية، كانت قد ساندت مشروع مدونة السير على الطرق، إلى الخروج عن صمتها أياما قلائل بعد دخول قانون رقم حيز التنفيذ، موجهة سهام نقدها إلى المدونة وصاحبها وزير النقل والتجهيز الاستقلالي كريم غلاب. واتهم النائب البرلماني، عبد الله بوانو، عن حزب العدالة والتنمية، بشكل صريح وزير التجهيز والنقل، بالتسرع في إخراج المدونة إلى حيز الوجود، دون أن يأخذ بعين الاعتبار التعديل المقدم من طرف حزب العدالة والتنمية، القاضي بتأجيل العمل بالمدونة لمدة سنة من صدور المراسيم التطبيقية حتى يتم الإعداد الجيد لها، ويتم تجاوز الاختلالات التي تضمنتها»، مشيرا خلال جلسة الأسئلة الشفوية يوم الأربعاء الماضي بمجلس النواب إلى أن «الارتفاع الذي تعرفه أسواق الخضر والفواكه في الوقت الراهن هو نتيجة لتطبيق المدونة وليس بسبب المضاربات». وفي نفس الاتجاه سار النائب عبد النبي الفيلالي، عن تحالف اليسار الديمقراطي، حين وصف مدونة غلاب بالمدونة «المنبوذة»، مؤكدا أن تطبيقها لم يعمل إلا على ارتفاع الأسعار. ولم يقتصر الهجوم على مدونة السير على مجلس النواب وفرق برلمانية تصنف في خانة المعارضة فقط، بل تعداه إلى الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، فريق الوزير الوصي على القطاع، الذي فاجأ فرق الأغلبية قبل المعارضة ب«الانقلاب» على غلاب ومدونته، حين انتقد المستشار البرلماني عبد السلام اللبار، المحسوب على حميد شباط الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، نصوص المدونة وصفها بالضبابية، متهما وزير النقل والتجهيز ب«إغفال الفرقاء الاجتماعيين الذين ساهموا بوفرة في إغناء المدونة ونصوصها، والاجتماع بشكل مفاجئ وتحت جنح الظلام، مع جمعيات خاصة». ولئن كان الموقف، الذي عبر عنه مستشار الفريق الاستقلالي، أثار استغراب أحزاب الأغلبية والمعارضة، على حد السواء، واصفة إياه ب«الحملة الانتخابية» و«الازدواجية في الخطاب» و«المزايدة السياسوية»، فإن محمد الأنصاري، رئيس الفريق الاستقلالي، لم يتوان في تصريحات ل«المساء» عن مهاجمة بعض الفرق، متهما إياها بمحاولة الركوب على «الإحاطة علما»، التي تقدم بها اللبار وتحقيق أغراض سياسوية وشعبوية. وأشار الأنصاري إلى أن هناك سوء فهم وقع فيما يخص تفسير موقف الحزب من المدونة بالقول: «سيكون من باب العيب أن نكون ضد قانون دافعنا عنه، وأدخلنا عليه تعديلات بتوافق مع جميع الهيئات السياسية، وبتنسيق مع الحكومة، ليخرج النص متوازنا. وعليه، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نكون ضده، لكن ذلك لا يمنعنا من طرح بعض الاختلالات التي يمكن تسجيلها على مستوى التطبيق على أرض الواقع، وما لها من تأثيرات سلبية على المواطنين. وفي هذا السياق كان تدخل المستشار اللبار، إلا أنه مع كامل الأسف، لم تترك له الفرصة لإتمام تدخله الذي كان يروم فتح باب الحوار من أجل تخطي بعض المشاكل خاصة الزيادة في الحمولة». وبالنسبة لعبد الرحيم منار السليمي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، فإن الجدل الذي أثارته مدونة السير تحت قبة البرلمان المغربي بين فريق حزب الاستقلال وباقي الفرق البرلمانية، يعتبر أمرا عاديا بالنظر إلى طبيعة المرحلة الحالية، التي تتميز بمحاولة كل فريق برلماني البحث عن نقط ضعف باقي الأحزاب، خاصة تلك المشكلة للحكومة الحالية للترافع ضدها، مشيرا إلى أن النقاش الذي تثيره المدونة بين الأحزاب حاليا لا ينصب على مضامينها وآثارها وانعكاساتها، وإنما هو نقاش متوجه للانتخابات القادمة، وستكون له بدون شك تداعيات على بعض الأحزاب». وفي رأي أستاذ العلوم السياسية، فإن ما يمكن استخلاصه من «انقلاب» فريق حزب الاستقلال، الذي دافع بكل ما أوتي من قوة عن المدونة في مسارها التشريعي، بدءا بلجنة الداخلية وانتهاء بالمصادقة عليها بمجلس النواب وتمريرها بمجلس المستشارين، هو أن حزب الوزير الأول عباس الفاسي، بدأ سعيه لإبعاد « تهمة المدونة» عنه بأخذ مسافة عنها، على اعتبار أن هذا القانون المثير للجدل قد تكون له تكلفة باهظة على حظوظ الحزب خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2012، مشيرا إلى أن حزب الاستقلال ووزيره الوصي على قطاع النقل والتجهيز سبق لهما أن دفعا تكلفة مماثلة خلال الانتخابات الجماعية ليونيو 2009، خاصة على مستوى مقاطعات مدينة الدارالبيضاء. ويذهب السليمي إلى القول بأن الجدل الذي أثاره موقف الحزب من مدونة السير يشير إلى أن «هناك توجها لتقسيم الأدوار بين حزب الاستقلال ونقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، فالحزب بدأ يأخذ مسافة من المدونة، فيما اختارت النقابة طريق معارضتها، وهو أمر غير عادي، ويطرح أكثر من علامة استفهام حول من سيتحمل آثار وانعكاسات تطبيق المدونة: هل الحكومة متضامنة أم حزب الاستقلال في شخص الوزير الوصي؟». ويشير السليمي إلى أن ما أثاره دخول مدونة السير حيز التطبيق في بداية أكتوبر الجاري، من انعكاسات وجدل وصل صداه إلى قبة البرلمان، بسبب غموضه على مستوى التنفيذ، يشير إلى أن هذا القانون تم اعتماده دون أن تكون هناك