العطلة الصيفية طقس سنوي يحرص عليه الكثيرون للخلود إلى الراحة والتخلص من أعباء العمل اليومي. يتمتع بها البعض، والبعض الآخر لا يهتم بها أو لا طاقة له على تحمل تكاليفها. لكن كيف يقضي عدد من الوزراء المغاربة إجازاتهم السنوية؟ مع مطلع شهر غشت، يبدأ وزراء المغرب في مغادرة مقاعد وزاراتهم، آملين أخذ قسط من الراحة التي لا تتعدى مدتها عشرة أيام على أقصى تقدير. وكثيرون من هؤلاء يفضلون قضاء العطلة الصيفية داخل المغرب، خصوصا بمدن الشمال، مبتعدين عن أجواء الضغط والسفر إلى أقطار مختلفة خلال أيام العمل. حين يتحدث وزراء المغرب عن عطلتهم الصيفية تكتسب بحة صوتهم بعض «الارتياح» «هذا صحفي لا يريد أخبار السياسة» قال أحدهم، فيما علق وزير آخر: «كنا نعتقد أنك تبحث في المواضيع المزعجة فقط»، قبل أن يتبعها بضحكة ارتياح في حين يرفض البعض الآخر الحديث بدعوى أن الأمر يتعلق ب«الحياة الشخصية». صباح أمس الخميس، كان وزراء الحكومة يجمعون آخر الأوراق داخل حقائبهم الجلدية ويستعدون للقاء الوزير الأول عباس الفاسي في المجلس الحكومي، ويبدو أن هناك إجماعاً ضمنياً بين وزراء المملكة على قضاء العطلة الصيفية في مدن شمال المغرب، وهو ما عبر عنه وزير الدولة محمد اليازغي قائلا: «الشمال دائما»، فيما يفضل توفيق احجيرة، وزير التعمير والإسكان والتنمية المجالية، قضاء عطلته الصيفية رفقة والدته في السعيدية، أما محمد عبو، وزير تحديث القطاعات العامة، فسيترك لأبنائه حرية اختيار موقع التخييم «وغالبا ما سيكون في الشمال». ومن جانبه فكاتب الدولة في الصناعة التقليدية أنيس بيرو يفضل أن يقضي أيام عطلته بين بركان ومدن الشمال، وهو نفس الاختيار الذي ظل يفضله لأكثر من 18 سنة، وسعد العلمي الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان لم يتردد في التعبير عن عشقه لقضاء العطلة بين أحضان مدينة شفشاون الجبلية، وفي المقابل فوزيرة الثقافة ثريا جبران لا تملك الكثير من الوقت هذا الصيف وستكتفي بطلب 5 أيام لاستقبال ابنتها التي ستعود من ديار المهجر في الأيام القليلة القادمة، والاستمتاع بمشاهدة شاطئ البحر رفقتها بمنطقة «دار بوعزة»..هكذا تحدث وزراء المملكة عن عطلتهم الصيفية. احجيرة.. في السعيدية إلى جانب والدته بالنسبة إلى توفيق احجيرة، وزير التعمير والإسكان والتنمية المجالية، فإن العطلة تعني البحر والعائلة. احجيرة اختار هذه السنة مدينة السعيدية، القريبة من منزل عائلته بوجدة، لقضاء عشرة أيام بعيدا عن أجواء العمل وصراعات مافيا العقار ومخططات محاربة دور الصفيح. «لم أقرر بعد أين يمكن أن أقضي عطلة هذه السنة»، يقول احجيرة، لكن الأكيد، يضيف، «أنني لن أسافر إلى الخارج، وأرجح أنني سأذهب إلى مدينة السعيدية للقاء العائلة والأصدقاء». ويرى وزير التعمير أن معالم هذه المدينة الساحلية، القريبة من بيت والدته، تغيرت كثيرا في الآونة الأخيرة، لذلك سيكون ممتعا قضاء بعض الوقت رفقة أبنائه هناك، كما أن وجود عدد من أصدقائه بها يجعله يفكر في قضاء أيام معدودة إلى جانبهم، وإلى جانب والدته التي تضطر إلى قطع مئات الكيلومترات لرؤيته كلما اشتاقت إليه. عبو... يترك لأبنائه حرية الاختيار محمد عبو، وزير تحديث القطاعات العامة، ترك لأبنائه حرية اختيار الوجهة التي سيقضون فيها عطلتهم الصيفية. وقد استقر الرأي على الشمال المغربي. يقول عبو: «هذه السنة سأرافق أبنائي إلى شواطئ الشمال». ويضيف: «أحب أن أكون مع عائلتي خلال أيام العطلة، والعشرة أيام التي أحصل عليها كعطلة سنوية أدع الأبناء يتحكمون فيها، لأن باقي أيام السنة أكون فيها أسيرا للعمل». لا يفكر محمد عبو في السفر إلى الخارج خلال عطلته، ويعتبر المكوث في المغرب بين ذويه وأبنائه أمرا مريحا أكثر بالنسبة إليه. وخلال هذه الرحلة القصيرة سيعرج وزير تحديث القطاعات العامة على مدينتي طنجة وتطوان، حيث سيستسلم لأشعة الشمس ويعانق مياه البحر. اليازغي.. الشمال دائما محمد اليازغي، وزير الدولة، ينتظر أيضا عطلته الصيفية التي «لن تتعدى عشرة أيام». وعن التاريخ الذي قرر أن يختاره لقضاء العطلة، قال اليازغي: «ستكون في بداية شهر غشت»، ومثل العديد من وزراء الحكومة فقد اختار اليازغي أن يقضي عطلته أيضا في شمال المغرب وأضاف: «أنا دائما أقضي عطلتي في الشمال، وهذه السنة سأقضيها في مدينة تطوان ونواحيها». واستطرد اليازغي، الذي كان يستعد للذهاب للمشاركة في المجلس الحكومي، قائلا: «بلدنا جميل جدا وفيه كل المؤهلات لقضاء عطلة رائعة، ولدينا مناطق خلابة جدا». وحول الأجواء التي يقضي فيها وزير الدولة عطلته الصيفية، أكد اليازغي: «أنا أقضيها مع أفراد عائلتي، ومع بعض الأصدقاء». كما كشف اليازغي أن «العطلة الصيفية تكون أيضا فرصة للقاء بعض الزملاء في الحكومة الذين يختارون أيضا الأقاليم الشمالية لقضاء عطلتهم». ثريا جبران.. خمسة أيام فقط بالنسبة إلى وزيرة الثقافة، ثريا جبران، «لن يكون من السهل الاستمتاع بعطلة طويلة هذا الصيف بسبب كثرة المهرجانات»، حيث إن الوزيرة ستكون مطالبة بالحضور في كل المهرجانات المتبقية هذا الصيف، كما كشفت قريطيف أنه «لن يكون بإمكاني إقفال الهاتف النقال ويجب أن أبقى متتبعة لما يحدث، خصوصا إذا كانت هناك أشياء مستعجلة»، لكن وزيرة الثقافة قالت إنها ستعمل على طلب عطلة قصيرة جدا «لأتمكن من استقابل ابنتي التي ستعود من الخارج هذا الصيف». وعن مدة العطلة التي ستطلبها الوزيرة فقد حصرتها في فترة لن تتجاوز خمسة أيام أو أسبوع على أكثر تقدير، واستطردت:«ستكون هذه هي الفرصة الوحيدة لأرتاح قليلا، وسأقضيها مع زوجي وبناتي». وقد وقع اختيار ثريا جبران على منطقة دار بوعزة لقضاء عطلتها القصيرة «لأنني أرتاح كثيرا عندما أكون أمام شاطئ البحر». وأضافت الوزيرة أيضا أن «اختيار دار بوعزة بالضبط راجع لقرب المنطقة من العاصمة لأنه لن يكون بإمكاني الابتعاد كثيرا بحكم انشغالاتي هذا الصيف». بيرو.. برنامج لم يتغير منذ 18 سنة لأنيس بيرو، كاتب الدولة في الصناعة التقليدية، برنامج عطلة مستقر لم يتغير منذ 18 سنة، يقول: «منذ 1990 وأنا أقضي العطلة وفق برنامج محدد لم يعرف أي تغيير». والعطلة بالنسبة إلى كاتب الدولة في الصناعة التقليدية هي فرصة للتخلي عن قبعة السياسة لفترة معينة، والعودة إلى دور الأب ورب الأسرة والاجتماع بالعائلة، يقول: «خلال باقي الأيام يحدث ألا أرى أبنائي لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، وفي العطلة أجد المناسبة سانحة لأقضي معهم وقتا طويلا». برنامج أنيس بيرو منقسم إلى شقين، الشق الأول يرتكز بالأساس على قضاء ثلاثة أو أربعة أيام بمسقط رأسه ببركان، ومن ثم لقاء الأصدقاء وأفراد العائلة، ثم التوجه بعد ذلك إلى المناطق الشمالية. ويؤكد أن «هذا هو برنامجي، إنه برنامج بسيط، لكنني لا أفكر في تغييره». بيرو لا يفكر مطلقا في أن يقضي عطلته في الخارج، ويحب أن يعيد كل سنة هذا البرنامج، الذي يتيح له أيضا فرصة قراءة بعض القصائد الشعرية التي يحبها كثيراً. ككل الوزراء، يؤكد كاتب الدولة في الصناعة التقليدية أنه لا يغلق هاتفه خلال فترة العطلة، لأنه بكل بساطة ليس له الحق في ذلك، كما يقول. ويعلق على ذلك بقوله: «هادي هي المسؤولية». سعد العلمي.. شفشاون وجهة مفضلة في السنة الماضية، لم يستفد سعد العلمي، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، من عطلته السنوية، حيث كان منشغلا بالانتخابات التشريعية. وفي هذه السنة، يؤكد سعد العلمي أنه لا بد له من أخذ قسط من الراحة لمدة عشرة أيام. لم يفكر الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان أين يمكنه أن يقضي عطلته، لكن الأكيد بالنسبة إليه هو أنه سيقضيها رفقة زوجته وأبنائه. والعطلة بالنسبة إلى سعد العلمي هي فرصة لقضاء بعض الوقت مع أفراد العائلة والأصدقاء، ويحب الوزير كثيرا أن يقضيها في مدينته شفشاون، التي لا يتردد في زيارتها كلما سمحت له الفرصة بذلك. وإذا كان هناك حظ لسعد العلمي في الاستفادة من عطلة هذه السنة، فإن شفشاون ستكون حاضرة في البرنامج، بعدها يمكنه أن يفكر في وجهة أخرى يجتمع فيها مع أفراد عائلته.