في خطوة مثيرة، اعتبرت تغيرا في استراتيجية الدفاع عن الصحراء المغربية، دعا شيوخ قبائل وصحراويون عائدون إلى أرض الوطن إلى محاربة الانفصال داخل مخيمات تندوف نفسها، وعدم الاكتفاء بمحاربة الانفصال داخل المغرب فقط، في محاولة لإحداث شرخ داخل الجبهة الانفصالية ذاتها. وأشار المتدخلون، في ندوة نظمتها أمس الأربعاء جهة وادي الذهب بمقر ولاية الداخلة والتي اتخذت لها شعارا مركزيا هو «مقاومة الطرح الانفصالي داخل مخيمات تندوف»، إلى ضرورة اختراق قلعة الانفصال داخل مخيمات تندوف نفسها، بالرغم من أن أحد شيوخ القبائل الصحراوية طالب الصحروايين بمحاربة الانفصال داخل المغرب، فيما يتكلف العائدون من مخيمات تندوف بمهمة محاربة محاربة الانفصال بالمخيمات عبر الاتصال بإخوتهم وأفراد عائلاتهم. وتنضاف هذه الخطوة الجديدة، الداعية إلى محاربة الانفصال بمخيمات تندوف، إلى الخطوة الجرئية التي قام بها المختطف مجهول المصير مصطفى سلمى ولد سيدي مولود عندما أعلن، بداية شهر غشت الماضي، من مسقط رأسه بالسمارة في الصحراء المغربية، عن دعمه لخيار الحكم الذاتي المغربي واستعداده للعودة إلى مخيمات تندوف للدفاع عن قناعاته بين إخوته الصحراويين واقتناعه بضرورة التخلص من الحجر الذي تمارسه قيادة البوليساريو الحالية على سكان المخيمات حتى يتمكنوا من تقرير مصيرهم بأنفسهم. ومن جهة أخرى، كشف امربيه ربو ماء العينين، المسؤول السابق للإعلام بجبهة البوليساريو، وعدد من شيوخ القبائل الصحراوية عن حقيقة مفادها أن «ذكرى الوحدة الوطنية»، التي دأبت الجبهة الانفصالية على تنظيمها كل يوم 12 أكتوبر، لم تكن في حقيقة الأمر إلا أكذوبة تروجها البوليساريو. واستند امربيه ربو ماء العينين، في تفنيد هذه الدعاية، إلى دراسات أجراها أساتذة جامعيون إسبان وإلى كتب نشرها قادة مخابرات إسبان. وقال امربيه ربو ماء العينين إن الوحدة الوطنية التي تدعيها البوليساريو لم تحصل في أي وقت من الأوقات، مشيرا إلى أن تاريخ 12 أكتوبر 1975 (وهو تاريخ الاحتفال بتلك الذكرى) لم يكن إلا محاولة تمويهية للتغطية على المفاوضات التي كانت تجريها المخابرات الجزائرية ونظيرتها الإسبانية من أجل إطلاق سراح إسبان كانت جبهة البوليساريو قد قامت باعتقالهم. وقال امربيه ربو ماء العينين في مداخلته إن «ادعاء البوليساريو أنها الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي غير منطقي ولا يتطابق مع الواقع». وفي ذات السياق، انتقد الأستاذ الجامعي رحال بوبريك -في الندوة التي حضرها أيضا أحمدو ولد اسويلم، القيادي السابق بجبهة البوليساريو والسفير المغربي الجديد بإسبانيا (الذي لم يلتحق بمنصبه بعد)- فكرة احتكار البوليساريو تمثيل الصحراويين، مشيرا إلى أن ذكرى «الوحدة الوطنية»، التي تأسس عليها مشروعها السياسي، ليست إلا مجرد أكذوبة على اعتبار أن جبهة البوليساريو، منذ تأسيسها، لم تكن تؤمن بالوحدة الوطنية لأنها حاربت وهمشت أحزابا سياسية كانت قد تأسست قبل وجود البوليساريو نفسها (مثل الاتحاد الوطني الصحراوي)، وحاربت كذلك «اجّْماعة» باعتبارها «اجْماعة» خونة ومتعاونين مع الاستعمار الإسباني.