«المدونات»، «اليوتوب»، «الصحافة الإلكترونية»، «صحافة القرب» أو«الإعلام البديل»، المصطلح الأكثر تفضيلا لدى العديد من ممارسي مهنة المتاعب، في دول المغرب العربي كما في المشرق، ليس لأنه الأكثر دقة وتحديدا ولكن لأن «صحافة القرب»، اليوم، في المغرب، تعد حقيقة بديلا وليس مكملا للصحافة الورقية التي هي آخذة في فقدان قرائها يوما بعد يوم، بسبب التطور السريع الذي أصبحت تعرفه الوسائط المتعددة التي حققت للجيل الجديد قفزة معرفية، فيما فشلت «الصحافة الورقية» في احتوائها والاستفادة منها. لقد أصبحت مسألة ملحة وحيوية الاستفادة من الثورة المعلوماتية ومن التكنولوجيا، التي أحدثت قفزة معرفية لدى جيل «الفايس بوك» و«التويتر» الذي فشلت «الصحافة التقليدية»، بشكل كبير، في التعبير عن آلامه وأحلامه وطموحاته، فلم تجد منه إلا «الهجرة» إلى عالم المدونات والصحافة الإلكترونية، التي عرفت طريقها إلى عقله الذي لم تعد تحترمه «صحافة ورقية» وجدت ضالتها في وكالات الأنباء وصحافة المكاتب المكيفة وابتعدت، بسنوات ضوئية، عن الواقع اليومي وعن نبض الشارع. نبض الشارع اليومي الذي وجد طريقه إلى المدونات التي برهنت، بحق، على أنها صوت الشارع وصوت من لا صوت له، وما المتابعات القضائية والمضايقات وكل أساليب الحصار التي يتعرض لها الصحفيون الجدد إلا الوجه الآخر من العملة التي أصبحت رائجة بين الزوار ومتصفحي المواقع، كباحثين عن الحقيقة. الحقيقة التي قادت بعضهم إلى مخافر الشرطة للاستنطاق والبعض الآخر إلى حذف مدوناتهم، فيما قادت البعض الآخر إلى المتابعة والسجن. السجن الذي أصبح ينتظر العديد من المدونين المغاربة الذين اختاروا نقل الواقع عبر الكتابة الإلكترونية التي تجعل من «الإنسان البسيط» منطلقها ومنتهاها في كل شيء، حتى في أحلامه. هم، صحافيون جدد، فرقتهم الجغرافيا ولكن جمعتهم المدونات والوسائط المتعددة على الشبكة العنكبوتية، في فضائها الرحب، يبدعون في غياب أبسط شروط الإبداع، وهو الاعتراف الرسمي بأنشطة جمعيتهم، فهم إلى حد -كتابة هذه السطور- لم يتمكنوا من الحصول لها على الترخيص القانوني المؤقت بله النهائي، يخول لهم حق ممارسة فعل التدوين بكل حرية، هم، إن شئت التحديد، يتنفسون تحت الماء، غرقى مكبلين بالمضايقات، المتابعات، الملاحقات والسجن وكل ما من شأنه أن يحد من حرية الإبداع والفكر لديهم وأن يضعهم في سجن بلا قضبان، للحد من اكتساحهم لمشهد إعلامي لا «يرى» و«لا يسمع» و«لا يتكلم»، مشهد يتقن فقط لازمة «كولو العام زين»، في كل المناسبات وفي كل الأوقات. الأوقات «السعيدة» كما «العصيبة»، فأن تكون مدونا إلكترونيا، اليوم، في المغرب يعني أن تكون واحدا من الناس أو، إن شئت القول، المرآة التي تعكس الواقع اليومي بكل زخمه وبشاعته. وأن تكون كما يجب أن تكون يعني، أتوماتيكيا، أن طريقك غير مفروشة بالورود والأكاليل، وأن الكثير من المفاجآت تنتظرك، وأن تكون صوت من لا صوت لهم، وأن تكون الصوت المسموع للعديد من البسطاء الذين يتألمون في صمت والذين قهرتهم «الحكرة» والمحسوبية والزبونية والوساطة. فكانت «المدونات»، «اليوتوب»، منبر من لا منبر له وبديلا عن «صحافة تقليدية» أدارت ظهرها لمعاناة أولئك البسطاء وقضاياهم، منابر اختارت أن تكون بعيدة عنهم بعد السماء عن الأرض، فهي تنقل أخبار كل العالم إلا أخبارهم، وتتحدث في كل شيء إلا عنهم. فهل سيحافظ «المدونون المغاربة» على مصداقيتهم، رأسمالهم الوحيد كصحفيين جدد أم إن «الطريق المسدود» سيكون في انتظارهم كما كان في انتظار غيرهم؟ سؤال سيجيب عنه مستقبل «المدونات» في المغرب، بكل تأكيد.