قال محمد الشيخ، أخ مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، الذي اختطف مساء الثلاثاء الماضي من قبل ميليشيات جبهة البوليساريو، إن العائلة وصلتها أنباء عن احتمال تعرض ابنها للتعذيب على يد البوليساريو بالناحية العسكرية الثانية. وأوضح محمد الشيخ في اتصال ل«المساء»، صباح أمس الخميس، أن الأنباء التي تصل إلى العائلة، التي يقيم جزء منها بالسمارة، والجزء الآخر بمخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، عن مصطفى سلمى هي أنباء متضاربة، غير أنه أكد أن العائلة تتوقع أي شيء من جبهة البوليساريو، بما في ذلك ممارسة التعذيب الجسدي والنفسي بحق مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، مضيفا أن البوليساريو يفرض حصارا ويمارس تعتيما على مكان تواجد مصطفى سلمى، كما أن أفراد العائلة بتندوف الذين يرغبون في رؤيته أو معرفة مكان تواجده يجدون الأبواب موصدة في وجههم. وبمجرد شيوع خبر اختطاف مصطفى سلمى مساء الثلاثاء الماضي، تحركت بعض القبائل بالأقاليم الجنوبية من أجل التنديد بهذا العمل الذي وصفته الخارجية المغربية ب«المهزلة». وهكذا عقد شيوخ وأعيان فخذة البيهات، أكبر فخذات ركيبات الشرق والتي ينتمي إليها مصطفى سلمى، اجتماعا، أول أمس الأربعاء، تلاه اجتماع ثان لشيوخ وأعيان وشباب قبائل الركيبات بالعيون صدر عنه بيان دعا كافة الهيئات والمنظمات الحقوقية إلى التدخل العاجل من أجل إطلاق سراح مصطفى سلمى ولد سيدي مولود. وحمل شيوخ وأعيان قبيلة الركيبات، التي تعد من أكبر وأهم قبائل الصحراء، السلطات الجزائرية مسؤولية الحفاظ على سلامته، داعين إلى احترام حقه في التعبير عن آرائه وتمكينه من لقاء عائلته بمخيمات تندوف. وشجبوا الطريقة التي تم بها اعتقاله، بعد دخوله إلى منطقة المهريز، بأوامر من السلطات الجزائرية، واقتياده في ظروف لا إنسانية إلى غياهب السجون عرضة للتعذيب والتنكيل من أجل إسكات ذلك الصوت المنادي بحرية الصحراويين، ومبرزين أن هذا التصرف الذي أقدمت عليه جبهة البوليساريو يعد تحديا لكل النداءات الدولية ودعوات المنظمات الحقوقية والإنسانية المتضامنة معه. كما ندد شيوخ وأعيان قبيلة آيت لحسن في اجتماع عاجل، نظموه أول أمس بالعيون، باختطاف مصطفى سلمى من قبل ميليشيات البوليساريو. واعتبروا في بيان أصدروه خلال هذا اللقاء، أن هذا الاعتقال يعد تحديا سافرا لحرية التعبير ويبرهن على القمع الممنهج الذي دأبت البوليساريو على نهجه ضد كل من يتجرأ على التحرر من هيمنة الفكر الوحيد المعتمد بمخيمات تندوف. ودعا شيوخ وأعيان قبيلة آيت لحسن هيئة الأممالمتحدة وكل المنظمات الحقوقية إلى التدخل الفوري لإطلاق سراح ولد سيدي مولود «الذي قدم روحه من أجل عزة وكرامة الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف وتحريرهم من قبضة هذه العصابة التي تسعى جاهدة إلى إسكات الأصوات المؤيدة لمقترح الحكم الذاتي والتواقة إلى إيجاد حل لهذا المشكل المفتعل الذي عمر طويلا». ومن المنتظر أن يعقد جميع شيوخ تحديد الهوية والقبائل الصحراوية اجتماعا يومه الجمعة بمدينة السمارة، مسقط رأس مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، وهي المدينة التي عبر فيها في بداية الشهر الماضي عن دعمه للحكم الذاتي المغربي وانتقاده الشديد لقيادة البوليساريو الحالية الفاشلة. وسيتدارس اللقاء، حسب بعض المصادر، قضية اختطاف مصطفى سلمى ولد سيدي مولود والتدابير التي يتعين اتخاذها للرد على هذا العمل. ومن جهة أخرى، رفضت الخارجية المغربية التكييف الذي قدمته جبهة البوليساريو لاختطاف مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، إذ حاولت الجبهة الانفصالية أن توهم العالم بأن الأمر يتعلق بالخيانة والتجسس والتعامل مع العدو، أي مع المغرب، والحال أن الأمر يتعلق بحرية التعبير والرأي. وتعتبر الخارجية المغربية أن مصطفى سلمى محتجز بسجون البوليساريو بسبب رأيه الذي عبر عنه في شهر غشت الماضي في الندوة الشهيرة التي عبر فيها عن دعمه لمخطط المغرب لحل نزاع الصحراء وهو الرأي الذي يخالف رأي قيادة البوليساريو المتنفذة. وقال وزير الشؤون الخارجية، الطيب الفاسي الفهري، الذي يشارك في نيويورك في أشغال قمة أهداف الألفية للتنمية «لم يقم مصطفى سلمى إلا بالتعبير علانية وبحرية، عن رأي يحظى بدعم واسع على الصعيد الدولي وتشاطره أغلبية ساحقة من المنحدرين من الصحراء، ليس في الأقاليم الجنوبية فقط وإنما أيضا في مخيمات تندوف». وأضاف «وهكذا، وبعد أن صرح بأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تمثل الأفق الأمثل لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، أعلن ولد مولود نيته الالتحاق بأسرته بمخيمات تندوف فوق التراب الجزائري». وبالتالي فإن المغرب «يرفض رفضا قاطعا التقديم والمبررات والأدلة الواهية التي تم عرضها لتبرير هذا العمل الخطير للغاية»، وفق قصاصة لوكالة المغرب العربي للأبناء. وأشار إلى أن مهزلة «شرطة قضائية» و«محكمة» أو «أراض محررة» حيلة لن تنطلي على أحد، ولاسيما أن المجموعة الدولية تعي جيدا حقيقة الوضع القائم شرق الجدار الأمني»، مضيفا أن «هذه المهزلة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسقط عن الجزائر المسؤولية الكاملة والمطلقة حيال هذا العمل المدان»، وعليه، يضيف الطيب الفاسي الفهري، فإن «الجزائر تتحمل، طبقا للقانون الدولي مسؤولية كاملة ومطلقة تجاه ساكنة مخيمات تندوف».