تمكن هادي جاسم، استشاري أنف وأذن وحنجرة في مستشفى الجامعة بليفربول وطبيب تجميلي للوجه، من اختراع حقنة تنهي مشكلة الشخير كبديل للعمليات الجراحية التي عادة ما تكون مؤلمة، وبكلفة لا تتجاوز 5 دولارات. في هذا اللقاء يسلط البرفسور هادي جاسم على مدى فعالية الحقنة في الحد من مشكلة الشخير، كما تحدث عن أسباب الشخير وعن استعداده لتدريب الأطباء المغاربة على استعمال هذه الحقنة. - في البداية، ما هو التعريف الطبي للشخير؟ الشخير سببه انسداد جزئي أو كامل للقسم الأعلى من الجهاز التنفسي في منطقة الأنف أو البلعوم، فيؤدي ذلك إلى دخول الهواء عن طريق الفم أثناء النوم، فيسبب ارتجافا وتذبذبا في الأنسجة الرخوة من البلعوم، والتي نسميها باللغة العربية «لسان المزمار»، وهي توجد في سقف الفم. وبما أن عضلة الرقبة والبلعوم أنسجة رخوة فهي تنكمش وتنقبض، فتؤدي إلى تضييق في البلعوم، فيدخل الهواء ويؤدي إلى حدوث تذبذب في الأنسجة الرخوة للبلعوم، مما يُحدث صوتا نسميه «الشخير»... - وماذا عن أسباب الشخير؟ من أسباب الشخير وانقطاع التنفس الانسدادي وجود أمراض في الأنف تسبب انسدادَه مثل الاعوجاج الجزئي أو الكلي للحاجز الأنفي أو تضخم الغضاريف الأنفية أو لحمية الأنف أو أمراض في البلعوم، كزيادة حجم لحمية خلف الأنف أو تضخم اللوزتين، خاصة لدى الأطفال والمرضى بالسمنة الزائدة. كما أن من أسباب الشخير تناول الكحول قبل النوم، مما يؤدي إلى تضخُّم الأغشية المخاطية وانسداد الأنف. كما أن السمنة والبدانة من أهم أسباب التي تؤدي إلى الشخير، إلى جانب التدخين. وهناك أيضا أسباب خلقية، كشكل الوجه، فقسم من المصابين لديهم منطقة الحنك مندفعة إلى الوراء أو صغيرة، إضافة إلى أمراض أخرى، كالربو أو اضمحلال في الغدة الدرقية، على سبيل المثال لا الحصر. - مَن هم الأكثر عرضة للإصابة بالشخير؟ تُقدَّر نسبة الرجال ب60 في المائة، أما النساء فتقدر نسبتهن بحوالي 40 في المائة، لاسيما بعد سن الأربعين، نتيجة التغييرات الهرمونية التي تصاب بها المرأة فتؤدي إلى زيادة الوزن، بشكل عام، وفي منطقة الرقبة بشكل خاص، مما يؤدي إلى تراكم الدهون في عضلاتها، فيساعد ذلك على انكماش وانقباض عضلات البلعوم. - ما هي أنواع الشخير؟ ينقسم الشخير إلى ثلاثة أنواع متدرِّجة، تبدأ بالبسيطة، المتوسطة فالشديدة. وهناك الشخير المصاحَب بتوقف التنفس، الذي أثبتت الدراسات والأبحاث تأثيرَه على الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية وارتفاع الضغط، كما تقل نسبة الأوكسجين أثناء النوم، إضافة إلى أن استيقاظ المريض عدة مرات في الليل يؤثر عليه نهارا، فيشعر بالتعب والإرهاق والصداع، زيادة على التبول، ضعف القابلية الجنسية عند الرجال، وأيضا العصبية المفرطة. - ما الفرق بين العلاج الحالي بالحقنة والعلاج التقليدي، سواء عن طريق الأدوية أو عن طريق الجراحة؟ هناك مواد وأدوات تجارية متوفرة في الصيدليات يمكن للمريض شراؤها، مثلا، «بلاستر» توضع على الأنف أو قطرات في الأنف وهي عديمة الفائدة، والعلاج الوحيد لأمراض الشخير عملية جراحية يتم خلالها استئصال جزء من الأنسجة الرخوة من البلعوم واللوزتين إذا كانتا كبيرتين تجرى بالطريقة التقليدية أو بواسطة الليزر أو الموجات الصوتية أو الكي، وكلها تتطلب إدخال المريض إلى المستشفى، وأكثرها تجرى تحت التخدير العام. لكن العملية الجراحية مؤلمة للغاية، وقد يحتاج المريض إلى فترة نقاهة لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، وقد يتعرض لمضاعفات خطيرة، كالنزيف الذي قد يؤدي به إلى الموت.. وحتى مع نجاح العملية الجراحية، فإن احتمال عودة الشخص للشخير كبيرة جدا، بعد أشهر من إجراء العملية أو بعد سنوات، وقد تفشل العملية بالنسبة إلى حوالي 20 % من المرضى. - وماذا عن التقنية الجديدة التي اكتشفتَها؟ تتلخص التقنية الجديدة، التي سجلت لها براءة اختراع، في عقار على شكل حقنة تحتوي على مركَّب كيميائي يدعى «صوديوم تيتراديسيل»، حيث يتم حقن سقف الفم بهذه الحقنة التي تقوم بواجب تحويل الأنسجة اللينة إلى أنسجة أكثر صلابة، وهو ما يمنع تلك الأنسجة الموجودة في باطن الفم من الاهتزاز وإصدار صوت الشخير. وهذا العقار الجديد رخيص الثمن ولا يُكلِّف سوى 5 دولارات، وهو ما يجعله في متناول الجميع دون استثناء. كما أنه خالٍ من الألم المبرِّح الذي قد يقع عند اللجوء إلى الطرق الجراحية المتوفرة حاليا. وقد يحتاج الشخص الذي يعاني من الشخير إلى أكثرَ من جرعة واحدة ويمكن إعطاء جرعتين أو ثلاث سنويا للتخلص منه، غير أن بعض الذين عولجوا بالطريقة الجديدة أكدوا أنهم تخلصوا من مشكلة الشخير، بعد أول جرعة من العقار. إن نسبة نجاح الحقنة هي 70 %، وقد عالجتُ، إلى حد الآن، ما يزيد على 600 مريض، خلال السنوات الثمانية الماضية.. وعندما نقول كلمة «نجاح»، فإننا نقصد إما اختفاء الشخير أو انخفاضه إلى درجة لا يبقى معها مؤثرا على شريك الفراش، لأن الذي يشخر لا يعرف أنه يشخر، ولكن الذي يشكو، عادة، هو شريك الفراش، خاصة إذا كان نومها /نومه من النوع الخفيف، مما يؤدي إلى حرمانها /حرمانه من النوم، ولذلك يعتبر الشخير سببا شرعيا للطلاق في بعض الولايات الأمريكية!... تجري عملية الحقن تحت بنج موضعي، بعد رش البلعوم بالمُخدِّر في العيادة ولا تستغرق أكثر من دقيقتين.. بعدها، يعود المريض إلى عمله اليومي ولا يحتاج إلى الدخول إلى المستشفى أبدا، وليست هناك أي مضاعفات بعيدة أو متوسطة الأمد. وإذا لم يتجاوب المريض مع الحقنة بعد جرعتين، أي أنه لم يظهر أي تحسن في الشخير بعد جرعتين، نتوقف عن إعطائه المزيد لأنه سوف لن يستجيب للحقنة بعد ذلك. ووجدتُ أنه إذا لم يستجب لجرعتين، فإنه سوف لن يستفيد من أي عملية جراحية على البلعوم، لأن معنى ذلك أن التذبذب ليس في منطقة البلعوم، بل أسفل من ذلك والأكثر احتمالا أن يكون المريض مصابا بالشخير المصحوب بتوقف التنفس، وهنا يحتاج المريض إلى إجراء فحوصات لمعرفة ما إذا كان يعانى من ذلك، وهنا العلاج هو استخدام ماكينة وكمامات هواء أثناء النوم أو جهاز في الفم أو عملية جراحية، فمن هنا نعلم أن الحقنة ليست علاجا فقط بل هي اختبار لمعرفة ما إذا كان المريض مصابا بتوقف التنفس أم لا.. وبذلك، أنقذنا المريض من إجراء عملية جراحية مؤكد فشلها وجنبناه مضاعفاتها، فهي علاج واختبار في آن واحد. أريد أن أؤكد أن الحقنة ناجحة في 70 % من حالات الشخير غير المصحوب بتوقف التنفس.. ولكننا الآن في المستشفى الجامعي التعليمي في ليفربول في المملكة المتحدة نجري دراسة حول إمكانية استخدام الحقنة في علاج الشخير المصحوب بتوقف التنفس، وإلى حد الآن، فإن النتائج مشجِّعة. - هل العقار الجديد يتم حقنُه تحت إشراف طبيب مختص في الأذن والحنجرة فقط؟ نعم، يجب أن تُعطى الحقنة من قبل طبيب أنف وأذن وحنجرة أو طبيب عام أو طبيب أسنان، على أن يكون مدرَّبا على استعمال الحقنة. وأتمنى أن يستفيد مرضى المغرب من الحقنة، وأنا على استعداد لإعطاء أطباء المغرب دورةً تدريبية حول استعمال الحقنة الجديدة، خاصة وأنني كثير الزيارة لهذا البلد الذي أحبه وأُقدِّر شعبه كثيرا.