انقطع حبل الود بين ليتيسيا، زوجة ولي عهد إسبانيا، الأمير فيليبي، وأختيه، إيلينا وكريستينا، منذ فترة، ولم تظهر الأميرات الثلاث في أي صورة مشتركة منذ شهور عديدة في وقت تزداد فيه الحالة الصحية للملك خوان كارلوس تدهورا. وقد اضطر الأمير فيليبي إلى التدخل من أجل تمكين الصحافيين من التقاط صورة جماعية للأمراء الأربعة لدى وصولهم إلى حفل زفاف الأمير اليوناني نيكولاس، قريب آل بوربون، في وقت سابق من صيف السنة الجارية. عبثا حاول الأمير فيليبي، ولي عهد إسبانيا، إخفاء تشنج علاقات زوجته ليتيسيا بأختيه، إيلينا وكريستينا، أثناء وصول الأمراء الأربعة إلى جزيرة «اسْبيتسيس» اليونانية لحضور حفل زفاف الأمير اليوناني نيكولاس. كان واضحا، أثناء اصطفاف الأمراء أمام عشرات المصورين من أجل التقاط صورة تؤرخ للذكرى، أن علاقات الأميرات الثلاث ليست على ما يرام، حيث اضطر الأمير فيليبي للتدخل أكثر من مرة لمحاولة التوفيق بينهن، على الأقل، أثناء التقاط الصورة الجماعية. لكن لا يبدو أن محاولاته نجحت، بل على العكس، أكدت صحة الأنباء التي تم تداولها قبل ذلك بأيام، والتي تفيد بوجود خلافات «حادة» بين أميرات إسبانيا، وتبين أن وراء الابتسامة أمام الكاميرا تشنجات تزداد تفاقما بين الجيل الجديد من آل بوربون. وبات ولي العهد الإسباني يواجه تحديا كبيرا يتمثل في إطفاء جذوة الخلافات بين زوجته وأختيه، ووضع حد لها قبل فوات الأوان، رغم أن الأميرات يتفادين القيام بأي سلوك من شأنه إخراج خلافاتهن إلى العلن، إذ لا ينبغي، حسب الأعراف، أن تدور رحى «حرب الأميرات الثلاث» أمام الملأ. لكن، إلى متى سيستمر هذا الوضع في ظل توالي التصدعات في علاقات الأميرات؟ التزمت الصحافة الإسبانية الصمت لفترة غير قصيرة عن هذه المشاكل التي أغضبت الملك خوان كارلوس، إلى أن بدأت بعض العناوين في النبش، بشكل تدريجي، في خلفيات الصراع بين الأميرات الثلاث. وكانت أسبوعية «سيمانا» (أسبوع) سباقة إلى تناول هذا الموضع، ونشرت مقالا تحت عنوان: «نهاية عطل ليتيسيا المثيرة للجدل» احتل موقعا متميزا في صدر الصفحة الأولى لأحد أعدادها. وينبغي، في هذا السياق، أن يتم استحضار ما ورد في كتاب «أسرار وأكاذيب الأسرة الملكية»، الصادر عن دار النشر «لاإسْسفيرا للكتب»، والذي أكدت فيه مؤلفته الصحافية بيلار إير، أن «العلاقات بين النساء الثلاث لم تكن جيدة ، ولا سيئة، بل إنها لم تكن موجودة»، وأوضحت بيلار أن هذه الخلافات ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى سنة 2005. فقد نشبت خلافات بين كريستينا وليتيسيا، حينما طلبت الأولى من الثانية أن تستضيف في بيتها والدي زوجها، لكن ليتيسيا رفضت، رغم أن زوجها ولي العهد، أعطى موافقته المبدئية لتلبية طلب أخته. وتناقلت وسائل الإعلام، لحظتها، أنباء عن مصادر، لم تكشف عن هويتها، تفيد بأن «ليتيسيا، التي كانت حاملا في شهرها الخامس، لم تكن مستعدة للاعتناء بأشخاص بالكاد تعرفهم». ولم تكشف جريدة «إلموندو» الإسبانية عن شيء جديد عندما أكدت أن «ليتيسيا غيرت طريقة تعاملها مع أسرة زوجها غداة عقد قرانها مع الأمير فيليبي، وأعلنت صراحة أنها لن تقبل تعليمات من أي كان»، ونقل عن زوجة ولي العهد قولها: «في منزلي، أكون أنا السيدة». ولم تكتف «إلموندو» بنشر هذه التصريحات التي نسبت إلى ليتيسيا، بل أعادت التذكير بتصريحات أدلت بها جدتها لوسائل الإعلام في وقت سابق قالت فيها: «منذ ولادة حفيدتي ونحن نقول عنها إنها تريد أن تحكم العالم». بعد ذلك بوقت قصير، اتهمت كريستينا وأختها إيلينا أميرة «أستورياس» بالوقوف وراء «ابتعاد» أخيهما فيليبي عنهما في الآونة الأخيرة، خاصة لحظة الطلاق المؤلم لإيلينا، التي شددت، في أكثر من مناسبة، على أنها لم تنل من أخيها ولي العهد الدعم الذي كانت تأمله. فقد التف حولها جميع أفراد الأسرة الملكية لمساعدتها على تجاوز تلك المرحلة العصيبة من حياتها، باستثناء الأمير فيليبي وزوجته ليتيسيا اللذين كانا يقومان بزيارة رسمية إلى كولومبيا، ثم ازدادت العلاقات توترا بعد أن رفضت ليتيسيا تغيب ابنتيها عن المدرسة، ولو ليوم واحد، من أجل حضور حفل تعميد قريبتهما، فيديريكا، ابنة إيلينا. ولا يمكن، على الإطلاق، اعتبار خروج خلافات الأميرات الثلاث إلى العلن مفاجأة، بالنظر إلى أن الصور التي تجمع كل أفراد الأسرة الملكية في إسبانيا لم تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة طيلة السنوات الثلاث الأخيرة. ولا يزال الإسبان ينتظرون صورة جماعية لأسرتهم الملكية يتوسطها، كالعادة، الملك خوان كارلوس، الذي يمر في الوقت الراهن بفترة نقاهة بعد خضوعه لعملية جراحية على مستوى الرئتين، وقد بدا التعب واضحا على محياه في جميع الأنشطة الرسمية التي ظهر فيها في الأسابيع الأخيرة. لكن لا شيء من ذلك حصل. العطلة الصيفية لهذه السنة زادت، بدورها، علاقات الأميرات الثلاث توترا، حيث اختار أميرا «أستورياس»، فيليبي وليتيسيا، مغادرة قصر «ماريبينت» بجزيرة مايورك، لحظات قليلة قبل وصول الأميرتين إيلينا وكريستينا إليه، ولم يغير وصول السيدة الأولى في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ميشال أوباما، شيئا من هذا الوضع المتأزم. غير أن الأمور ستأخذ منحى مثيرا للسخرية، على حد تعبير موقع «إلْ كونفيدينثيال»، بعد أن أقدمت إيلينا وكريستينا، تحت تأثير الغيرة من الحضور الإعلامي البارز لزوجة أخيهما، على «التغنج»، وهما ترتديان لباس السباحة، أمام عدسات البابارادزي، الشيء الذي أجبر الملك خوان كارلوس على إنهاء فترة نقاهته، وطلب من ولي عهده العمل على إيجاد حلول لهذه العلاقات المشحونة خدمة للمصلحة العليا للعرش. وشكل زفاف الأمير اليوناني، نيكولاس، قريب آل بوربون، مناسبة مواتية لربح رهان تلطيف الأجواء بين أميرات إسبانيا، وتكلفت الصحف الإيبيرية بإنجاز تقارير مطولة واستطلاعات تعطي صورة إيجابية عن الأسرة الملكية، ونشرت إحدى الصحف مقالا في صدر صفحتها الأولى تحت عنوان: «وأخيرا، اجتمعن معا». لكن الصحافي المثير للجدل، خايمي، بينْيافيل، المعروف بمعارضته الشديدة للأميرة ليتيسيا، علق ساخرا على هذا الوضع، وكتب في جريدته «الجمهورية»: «لن نطلب من الملك خوان كارلوس، الذي يعاني من مشاكل كثيرة، أن يدعو ابنتيه إلى توقيع اتفاق سلام، كما لو أن الأمر يتعلق بمواجهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين..».
أول أميرة «أستورياس» من العامة في تاريخ إسبانيا تخرق تقاليد وبروتوكولات التاج الإسباني الصراعات التي تدور رحاها بين الأميرة ليتيسيا، زوجة الأمير فيليبي، ولي عهد إسبانيا، وأختي هذا الأخير، الأميرتين، إيلينا وكريستينا، لم تفاجئ الرأي العام الإسباني، إذ يحلو للكثيرين تشبيهها بالأميرة ديانا، في إشارة إلى عدم ترددها في خرق تقاليد العائلة الملكية الإسبانية، مثلما فعلت قبلها ديانا، التي خرقت تقاليد قصر بيرمينغهام. وكانت العديد من وسائل الإعلام تحدثت في وقت سابق عن الشخصية القوية التي تتمتع بها ليتيسيا، التي تعتبر أول أميرة من العامة في تاريخ إسبانيا، وينتظر أن تكون الملكة السادسة والعشرين للبلاد منذ تأسيس المملكة الإسبانية في القرن السادس عشر بعد توحيد كل من مملكتي قشتالة وأرغون. ويبدو أن الأصول الشعبية لهذه الأميرة جعلتها أكثر حرصا على التقرب إلى العامة، ولو اقتضى ذلك التحرر من التقاليد الصارمة والبروتوكولات التي تنظم حياة أمراء «أستورياس». غير أن هذه «الثورة» على التقاليد والبروتوكولات، جلبت على ليتيسيا الكثير من الانتقادات من لدن المحافظين الذين يتشبثون بشدة بهذه التقاليد. كما أن شخصيتها القوية تسببت في علاقات متشنجة بين زوجة ولي العهد والأميرتين إيلينا وكرستينا، حيث انقطع حبل الود بين الأميرات الثلاث منذ فترة غير قصيرة، ولم يفلح الأمير فيليبي رغم تكرار المحاولات، في تذويب جليد الخلافات بين أقوى نساء البلاط الإسباني، خصوصا في الفترة التي كان الملك خوان كارلوس يمر فيها بفترة نقاهة عقب خضوعه لعملية جراحية على مستوى الرئتين. صراعات الأميرات كانت لها تأثيرات سلبية على الأسرة الملكية الإسبانية، التي لم تلتقط لها في الثلاث سنوات الأخيرة، سوى صور جماعية لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. ذلك أن الأميرات الثلاث يتفادين اللقاء في مكان واحد، باستثناء حفل زفاف الأمير اليوناني، نيكولاس، الذي تجمعه قرابة أسرية بالعائلة الملكية بإسبانيا. ولم تنجح السيدة الأولى في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ميشال أوباما، في جمع الأميرات في مكان واحد، كما كان متوقعا، فبالأحرى مصالحتهن، إذ اختارت ليتيسيا، وزوجها الأمير فيليبي، أن يغادرا قصر ماريبينت، بجزيرة مايوركا عشية توجه الأميرتين إيلينا وكرستينا إليه، لتفادي اللقاء. وبالإضافة إلى هذه الصراعات التي تصدرت صفحات بعض الجرائد الإسبانية، فإن عدم الاكتراث بالبروتوكولات الملكية يبقى السمة الأساس في حياة ليتيسيا. فهذه الصحافية، التي سبق لها الزواج من أستاذ جامعي قبل أن تلتقي بالأمير فيليبي، أعلنت غداة عقد قرانها على ولي عهد إسبانيا أنها «سيدة منزلها»، مما جعل الصحافة الإسبانية تجزم بتغير أسلوب تعامل ليتيسيا مع آل بوربون غداة دخولها إلى القصر الملكي الإسباني. وكان إعلان خطوبة الأمير فيليبي وليتيسيا، في فاتح نونبر 2003، مفاجأة للإسبان، وتداولت الصحف أنباء تفيد بعدم رضا بعض الأمراء عن اقتران فيليبي بهذه الصحافية التي غطت أحداث 11 شتنبر والحرب على العراق لفائدة القناة التلفزية العمومية الإسبانية. وفي 22 ماي 2004، أجريت مراسيم الزفاف، التي نالت نصيبها أيضا من النقد بسبب الأموال الطائلة التي صرفت عليه، لكن الأهم بالنسبة إلى ليتيسيا، أنها صارت أول أميرة «أستورياس» من العامة في تاريخ إسبانيا.