لم يسلك شفيق السحيمي طريق البحث عن تزكية تنظيم محدد للالتحاق بالمقاومة الفلسطينية.. فكل ما كان يحتاج إليه لتنفيذ قراره هو جواز سفر ليس إلا .. «لقد قاومت بدافع إنساني وليس لأي شيء آخر.. ولم ترسلني أية جهة ماعدا نفسي» يؤكد. «كانت البداية باستخراج جواز السفر، حيث حصلت مسألة طريفة، يحكي السحيمي، «ففي أحد الأيام التقيت بشخص يصدر جريدة فنية وأخبرته بأنه بإمكاني أن أنجز له بعض الأعمال الكوميدية للنشر، وهيأت له بعض المساهمات، ولاحقا سألته عن كيفية الحصول على الترخيص لإصدار جريدة، ففاجأني بشروط عادية لأني كنت أنتظر أن يقول لي عليك أن تدرس الصحافة وتعرف أشياء أخرى عديدة، وقد تقدمت بطلبي لوكيل الدولة آنذاك وحصلت على الترخيص الذي اعتمدته لاستخراج جواز السفر الذي كتب فيه أن مهنتي هي «مدير ورئيس تحرير مجلة الحقيقة» بعد هذا توجهت مباشرة للالتحاق بالمقاومة». كانت وجهته الأولى هي الجزائر، حيث اشتغل لبعض الوقت بالمسرح الوطني بالعاصمة، بعد ذلك ستحمله البوصلة إلى تونس ثم ليبيا، قبل أن يحط الرحال بأرض فلسطين. وهناك كان اللقاء وأجاب عن كل استفسارات كوادر المقاومة، قبل أن يلتحق بالتداريب في سوريا عام 1968 وفي ليبيا سنة 1970، ليتحول مع الوقت إلى مقاتل يحمل «الكلاشينكوف»، وفي وقت آخر كان المسؤول عن سلاح الهاون، حيث سيشارك في كل معارك «أيلول الأسود»، وسيتنقل بين جنوب لبنان وشمال الأردن وفلسطين في مناطق: عمراوة، والشجرة، والطرة، والفرديس، والهبارية، وكفر حمامة، والنبطية... في البداية التحق السحيمي بحركة فتح ثم سيتركهما للالتحاق بالجبهة الديمقراطية، و«ماشجعني أكثر على الالتحاق بالجبهة هو إمكانية القراءة، لأنه في أوقات الراحة كان يمكننا مطالعة الكتب مع حمل السلاح، أما مع فتح فقد كانت مهمتنا الوحيدة هي حمل السلاح»، كما كان من بين فيالق «الصاعقة». وهنا كان لقاء شفيق بالعديد من كوادر المقاومة الفلسطينية «علي أبو إياد، أبو اللطف، الحاج إسماعيل... وآخرين». «لقد كنت لوحدي آنذك ولم يكن المغاربة قد بدأوا يلتحقون.. وشاهدت الموت بأم عيني مرات عديدة» يقول شفيق السحيمي، الذي سيعود إلى المغرب سنة 1971، حيث ستنتزع منه السلطات جواز السفر، وبعد بضعة شهور سيقرر العودة من جديد إلى صفوف المقاومة ليتجه مرة أخرى إلى الجزائر، وهناك سيتم إلقاء القبض عليه وإرجاعه إلى المغرب. إنها قصة مخرج ومسرحي حمل سلاح المقاومة في وجه إسرائيل من أواخر 1968 إلى حدود 21 أبريل 1971..