مرة أخرى، وللسنة الثالثة على التوالي، عرفت مراسيم تأدية شعائر عيد الفطر المبارَك في مدينة سبتة انقساما خطيرا ينذر بانفجار كبير، بسبب التوتر القائم بين طائفتين متصارعتين. فقد أدى مغاربة مدينة سبة، يوم الجمعة الماضي، صلاة العيد منقسمين بين مصلى في «ساحة لوما مارغاريتا»، حيث احتشد حوالي 2500 مُصلٍّ، حسب الأرقام الرسمية الإسبانية وما بين 5500 و6000، حسب المنظمين التابعين للفرع المحلي لاتحاد الهيئات الإسلامية، فيما نظمت الجمعيات الموالية لفدرالية الهيئات الدينية الإسلامية صلاة للعيد بجوار مسجد «سيدي امبارك»، والتي شارك فيها بضع مئات. وعرفت صلاة العيد لهذه السنة اهتماما ملحوظا من طرف السلطات الإسبانية ووسائل الإعلام المقرَّبة منها، حيث حضر مراسيمَ صلاة العيد عدد كبير من المسؤولين الإسبان، على رأسهم رئيس الحكومة المحلية، خوان فيفاس، ومندوب الحكومة الإسبانية، خوان فيرنانديث تشاكون، وعدد من البرلمانيين المحليين في المدينةالمحتلة. فيما اعتبر رئيس الاتحاد، العربي، معطيس، أن «مراسيم صلاة العيد لهذه السنة كانت ناجحة بكل المقاييس، سواء من حيث عدد المسلمين الذين أدوا شعائر صلاة عيد الفطر في المصلى التي أعدها الاتحاد، أو من حيث الأجواء الاحتفالية والاهتمام الإعلامي، بالرغم من جهود أولئك الذين يبحثون عن التفرقة بين المسلمين»، يقول العربي في تصريحه لوسائل الإعلام. وتعرف مدينة سبتة صراعا محتدما بين تيارين يتنافسان مند سنوات للسيطرة على مساجد المدينة، أحدهما يتبع المغرب والمذهب السني المالكي ويستوحي توجيهاته من وزارة الأوقاف المغربية ومن مندوبيتها في عمالة المضيق -الفنيدق، على اعتبار أن السكان المسلمين المقيمين في سبتة هم مغاربة وأتباع مذهبه الرسمي، وتيار آخر تابع لجماعة «الدعوة والتبليغ»، الذي يرفض بشكل مثير للاستغراب، الاعتراف بذلك، كما يروج أطروحات كثيرة بخصوص أصوله ومنابعه والمؤيدين له في الخارج، فيما يربطه البعض بتيارات دينية إسلامية متطرفة ظهرت في عدة دول إسلامية وأوربية. وقد تمكن منظمو صلاة هذه السنة من إقناع السلطات المحلية في سبتة من سحب الأعلام الإسبانية التي كانت قد نُصِبت حول المصلى، على غرار السنتين الماضيتين وتعويضها بلافتات تحمل اسم وشعار اتحاد الهيئات الإسلامية في المدينة وشعارات الثلاثين جمعية المكونة للاتحاد، تفاديا لإحراج مغاربة سبتة المتشبثين بمغربية المدينة وعودتها إلى السيادة المغربية. وفي مسجد سيدي امبارك، لم تحضر السلطات المحلية أداء صلاة العيد، بعد أن طلب منها المنظمون ذلك عبر منشورات قاموا بتوزيعها في المدينة. وتحاول السلطات السياسية والحكومية في سبتة، وخاصة الحزب الشعبي المحافظ، الذي يقبض بزمامه على حكومتها منذ عقود، أن يحدد مسار الجمعية الإسلامية الموالية له، بمختلف الوسائل والأشكال، منها ما يتعلق بمنح مساعدات مالية ومعنوية كبيرة للتيار المناوئ للمغرب، بهدف «فك ارتباط مغاربة سبتة بوطنهم الأصلي، المغرب، والحد من ولائهم له ولمذهبه الديني، ما يعني فرض استقلالية حقلها الديني، وما يعتبره الحزب اليميني خطوة مهمة في اتجاه فرض الطابع الإسباني عليها.