أنقذت عناصر من القوات البحرية التابعة للدرك الملكي وباخرة للتدخل السريع تابعة لميناء الصيد البحري بالقنيطرة 22 مهاجرا مغربيا غير شرعي، الجمعة الماضي، كانوا على متن قارب تقليدي صغير أصيب محركه بعطب في موقع يبعد ب 48 كيلومترا عن سواحل المهدية. وقال مصدر مسؤول، في تصريح ل «المساء»، إن القيادة العليا للدرك الملكي أرسلت فور إشعارها من قبل الجهات المختصة بخبر وجود قارب تاه في عرض البحر لمدة خمسة أيام مروحية إلى عين المكان، لتحديد موقعه وتفقد الوضع. كما قامت بتزويد المهاجرين بسترات النجاة وقنينات المياه المعدنية، لتنطلق بعد ذلك فرق التدخل التي ظلت تمخر عباب البحر طيلة ساعتين قبل أن تنجح في إنقاذ المرشحين للهجرة السرية وإيصالهم إلى بر الأمان عبر الميناء التجاري للقنيطرة، حيث أشرفت سلطات المهدية الشاطئ على توفير الطعام لهم. وأوضح مصدر طبي أن المهاجرين غير الشرعيين، المنحدرين من مدن مختلفة، وجدوا في حالة صحية جد متردية نتيجة معاناتهم من البرد والجوع والعطش، وهو ما استلزم تدخل سيارات الإسعاف التي قامت بنقل خمسة منهم، بينهم قاصران اثنان لا يتجاوز عمرهما الخمس عشرة سنة، إلى قسم المستعجلات بالمركب الاستشفائي الإدريسي، حيث قدمت لهم الإسعافات الأولية وظلوا تحت المراقبة الطبية إلى اليوم الموالي. وأكدت مصادر أمنية أن باقي الضحايا تم نقلهم إلى مركز الدرك الملكي للتحقيق معهم والاستماع إليهم في محاضر رسمية، للكشف عن ملابسات هذا الحادث، وتحديد هوية أفراد الشبكة المتهمة بمحاولة تهجيرهم بطريقة غير شرعية إلى إسبانيا، قبل أن تتم إحالتهم جميعا على أنظار وكيل الملك لدى ابتدائية القنيطرة. تفاصيل عملية الهجرة غير الشرعية الفاشلة، وكما كشف خيوطها ل«المساء» أحد المشاركين فيها ويدعى «لحسن د«، (25 سنة)، ينحدر من منطقة قصبة المهدية، انطلقت ليلة الاثنين الماضي، حينما التقى جميع الضحايا بمنطقة «باب فاس« في القنيطرة، وتم حملهم على متن سيارة من نوع «مرسيديس 207» إلى وجهة شاطئية مجهولة من طرف شخص يدعى «الخيضر«، بعدما استكمل كل واحد منهم مبلغ الرحلة المتفق عليه. «كان الظلام يسود المكان، ولم نستطع معرفة المنطقة التي كنا نوجد فيها. المهم أننا ركبنا قاربا ذا محرك تكلف شخص غريب بقيادته، قطعنا مسافة كبيرة، وبعد ست ساعات، توقف المحرك عن الاشتغال، فدب في نفوسنا الخوف والهلع، بينما بدا قائد القارب هادئا، وطلب منا التزام الهدوء. فجأة أخرج من جيبه كاشفا ضوئيا وبدأ يلوح به في اتجاه قارب كان يحمل نفس العدد من الأشخاص تقريبا، ولم تمر سوى دقائق عن هذه الإشارة، حتى قفز الغريب الملقب ب»بوسكة» في الماء في اتجاه الزورق الآخر. كنا نعتقد أنه سيعود مجددا إلينا لإصلاح العطب لمواصلة رحلة العمر، لكنه توارى عن الأنظار»، يقول لحسن، الذي ظل وجهه شاحبا وهو يسرد تفاصيل هذه المغامرة التي كادت تكون قاتلة لولا الألطاف الإلاهية. وأضاف بعيون دامعة «مرت علينا فترات عصيبة عانينا خلالها من الجوع والعطش. لقد نفدت مؤونة كل واحد منا، ولم نكن نعتقد أننا سنكون أسرى في البحر لمدة 5 أيام بين الحياة والموت. العديد منا أحس بآلام فظيعة في البطن وبدوار شديد وبحالة غثيان وقد نال منا البرد بفعل تسرب المياه إلى داخل القارب. لم يتبق لنا ما نقتات به، وكدنا نهلك جوعا، والخيار الوحيد الذي كان أمامنا هو شرب ماء البحر. ظللنا على هاته الحالة حتى صباح الجمعة الماضي، حيث تمكنت باخرة للصيد البحري، تحمل اسم أكادير اشبيلية، كانت تمر من عين المكان، من رصدنا، فقامت بإخطار المصالح المختصة بعدما أشعرنا أصحابها بوضعيتنا».