متى سيتم إجراء التعديل الحكومي الذي سبق للرئيس ساركوزي أن أعلنه غداة هزيمة حزبه في الانتخابات الجهوية الأخيرة؟ لا أحد بمقدوره الإجابة عن هذا السؤال. فبعد أن اجتازت حكومة فرانسوا فيون، ومن دون خسارات كبرى، استحقاقات النقاش في مواضيع الهوية الوطنية والبرقع... طلع ساركوزي شخصيا إلى الجبهة لفتل خطاب فولاذي توعد فيه «المنحرفين» والمجرمين» بخلع الجنسية الفرنسية عنهم. تمت هذه «الخرجة» الصاخبة في أجواء سياسية تميزت بسلسلة فضائح طالت حاشيته، وبخاصة إيريك فورت، وزير الشغل، المتورط وزوجته في قضية وريثة مستحضرات لوريال، ليليان بيتانكور، وطرد الغجر وتضييق الخناق على الأجانب،... إلخ. لم يكن ساركوزي ينتظر أن يرتد هذا الإجراء ضده ليؤلب عليه المجتمع المدني وأحزاب المعارضة والجمعيات الحقوقية، بل وشخصيات من اليمين، أمثال آلن جوبي وبيار رافاران ودومينيك دو فيلبان، بل وحتى وزراء داخل حكومة فرانسوا فيون، أمثال فاضلة عمارة وبيرنار كوشنير وهيرفي موران ووزير الدفاع... كانت نية ساركوزي هي البرهنة أمام الجميع على أنه «سوبيرمان» بامتياز. اليوم، سادت البلبلة الديار الساركوزية. وما المظاهرات والإضرابات التي شهدتها وتشهدها فرنسا سوى أدلة على ذلك. وفي غياب موعد محدد بأجندة دقيقة للتعديل الحكومي القادم، نشطت الإشاعات والتكهنات حول المغادرين والوافدين، مع شبه إجماع على أنه على الرئيس ساركوزي أن يتخلص من وزراء غرقى في نظر الرأي العام الفرنسي، أمثال إيريك فورث وإيريك بيسون وبريس أورتفوه. على أيّ، تجمع هذه التخمينات على مغادرة أربعة وزراء على الأقل لحكومة فرانسوا فيون، إن بقي بدوره وزيرا أول، من بابها الواسع: فاضلة عمارة، كاتبة الدولة التي وضعت منذ تعيينها في قمطر ضيق، لن تعمر طويلا. فقد أحرقت جميع أوراقها مع اليمين واليسار والمجتمع المدني، كما أن ترؤسها مجددا لجمعية «لا باغيات ولا خانعات» غير وارد. وفي حالة مغادرتها للحكومة، سيكون ذلك رديفا لموتها الرمزي. وبالنظر إلى الابتذال، بل الاحتقار، الذي عامل به ساركوزي تسيير بيرنار كوشنير لوزارة الشؤون الخارجية، فليس من المستبعد أن يغادر هذا الأخير كرسيه الذي كان دائما.. شاغرا! وهيرفي موران، وزير الدفاع، اختار عن طواعية مغادرة منصبه للتفرغ للانتخابات الرئاسية، لأنه لم يكن راضيا على السياسة الأمنية المتشددة التي سنها ساكوزي. أما ياما راد، كاتبة الدولة في الرياضة، التي تحظى بشعبية كبيرة لدى الفرنسيين، فيريد ساركوزي التخلص منها وعلى جناح السرعة. ويضيف بعض المراقبين السياسيين إلى هذه اللائحة اسم فريدريك ميتران، الذي أطبق عليه الفخُّ بعد أشهر على تعيينه ولم يعد قادرا على القيام بأية مبادرة. المهم أن الإعلان عن احتمال إجراء تغيير حكومي مرتقب منذ أشهر، في جو محتقن، خلق حالة من التشويش والبلبلة داخل أجهزة الحكومة بحيث أصبح الوزراء يعيشون على أعصابهم مع شعور بأن سيف ديموقليس الساركوزي مسلط على رؤوسهم.