أنهى الموت معاناة الفنانة عائشة مناف، التي أنهش جسدَها داء السرطان، بعد أن أمضت شهورا طويلة في إحدى المصحات الخاصة في مدينة الدارالبيضاء، تحت الرعاية الملكية، حيث تلقّت العلاج وخضعت لحصص كيميائية شبه أسبوعية، بعد أن تكفّل بها الملك محمد السادس. فقد وافت المنية، ظُهر يوم الاثنين الماضي، مناف التي ظلت لأشهر حريصة على الصلاة وقراءة القرآن ومناجاة الرسول (ص). وقد ووري جثمانُها الثرى بمسقط رأسها في منطقة سيدي بنور في إقليمالجديدة، في الوقت الذي ينتظر هواة الإبداعات الوطنية الأصيلة، ليلة كل خميس للاستماع بما تُبدعه «خميسة»، بنت «حديدان»، إلى جانب باقي ممثلي السلسلة. وفي الوقت الذي تسبح عيون المشاهدين مع ما تقدمه «خْميسة» من لحظات خفيفة في الكوميديا والتراث، لم ينتبه أحد إلى أن الفنانة الودودة والبشوشة، التي تقمصت دور «خميسة»، قلبا وقالبا، ظلت طريحة فراش الموت لأشهر عديدة، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، بعد فترة معاناة صارعت خلالها مرض السرطان الذي سكن ركبتها اليسرى وأوعيتها وبعض أعصابها وشل، بعد ذلك، حركاتها وأرغمها على الانزواء، تارة في بيتها في مدينة الجديدة، وتارة لدى شقيقها في حي «لالة مريم» في مدينة ابن سليمان، قبل أن يتكفل ملك البلاد بعلاجها. وقد ظل المغاربة يسألون عن حالها، ويدعون لها بالشفاء العاجل، بعضهم من أسر معوزة رقوا لحالها، وشرعوا في التبرعات، وإن كانت بسيطة لدعم مصاريف الأدوية الباهظة والتخفيف من معاناتها، وآخرون سارعوا إلى طرق كل الأبواب من أجل دعمها، ماديا ومعنويا، والحد من آلامها.. ربات أسر يزرنها صباح -مساء، وشبان نشطت أقلامهم في بعث الرسائل المكتوبة والإلكترونية من أجل التعريف بحالتها المتدهورة. أصبحت عائشة «خميسة» حديث الجرائد والمواقع الإلكترونية، تسبح صورها المؤلمة عبر خيوط الشبكة العنكبوتية، لتطرق أبواب كل المنازل العربية والدولية. وترفع بعض المجموعات في بعض المواقع، منها «فايس بوك»، نداء جمع التبرعات من أجل علاج واحتضان سليلة الكوميديا الأصيلة، التي وإن أضناها المرض، فإن ابتسامة الحب والتفاؤل ظلت لا تفارق وجهها النحيل، حتى الوداع الأخير، ظل لسانها ينسج الأمل في الحياة ويطلق صرخات الإغاثة. لم تحظ عائشة بما يليق بها كفنانة أعطت من دمها وقلبها في سبيل إغناء خزينة الفن في المغرب ولم تنل من مقابل سوى فُتات كان بالكاد يغطي مصاريفها اليومية ويغنيها عن السؤال.. شاركت عائشة في عدة أعمال تلفزيونية: «من دار لدار»، للمخرج عبد الرحمان مولين، و«تيغالين»، «الكمين»، «أمود»، «الدويبة»، «سوق النسا»، «رمانة وبرطال» و«احديدان»، للمخرجة فاطمة بوبكدي، إضافة إلى أعمال سينمائية، للفيلم القصير «عائشة، طه» لنفس المخرجة. مسرحيات مازالت راسخة في أذهان هواة المسرح وتكفي الإشارة إلى مسرحية «خربوشة» للمخرج لحبيب لصفر، ومسرحيتي «جذبة الشياطين» و«تلاليت»، لمحمد خوميس ومسرحيات «مسرح أبعاد»، للدكتور عبد المجيد شاكير.