يبدو أن محمد تامر، رئيس الجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة، وجد أخيرا ردا جاهزا على كل من سيسأله في المستقبل عن حال النسيج المغربي، فهو يعتقد أن القرب الجغرافي من الاتحاد الأوربي كفيل بأن يؤمن للقطاع الاستمرارية، لكن تفاؤل تامر قد لا يعدي المهنيين المنذرين بأيام عصيبة في القادم من الشهور التي ستشهد تراجع الطلب الأوربي بفعل التضخم وتداعيات الأزمة العقارية التي طالت هذا الفضاء. بعد انتهاء العمل بالاتفاقات متعددة الألياف في 2005 وما شكله رفع القيود على صادرات النسيج الآتية من الصين من تهديد للقطاع في السوق الأوربية، عمد الاتحاد الأوربي إلى فرض تعليق تصدير بعض منتوجات النسيج الصينية إلى غاية فاتح يناير الماضي، حيث مكنت تلك الهدنُة المغربَ من تطوير استراتيجية تستند إلى الموضة السريعة معتمدا على القرب الجغرافي من الاتحاد الأوربي، وخاصة إسبانيا التي أضحت الزبون الأول للمغرب، متجاوزة فرنسا، فكان أن نمت الصاردات ب17 في المائة في 2006، ليرتفع رقم المعاملات ب 4 في المائة في السنة الفارطة قافزا إلى 31.3 مليار درهم، هذا في الوقت الذي وصلت فيه الاستثمارات إلى 2.3 مليار درهم. في سنة 2008، واصل القطاع تطوره الإيجابي، حيث سجل إنتاج النسيج وصناعات الألبسة نموا على التوالي بنسبة 2.1 و8.8 في المائة، غير أن احتمالات تراجع الإنتاج، تظل قائمة في القادم من الشهور، في ظل تراجع صادرات النسيج و الألبسة ب2 في المائة، و إن كانت صادرات المغرب إلى أوروبا قد سجلت ارتفاعا بنسبة 1.4 في المائة، هذا في الوقت الذي تراجعت فيه صادرات تركيا ب7.2 في المائة وتونس ب2 في المائة، غير أن لاعبا جديدا بدأ نجمه يسطع في هذا الفضاء، ممثلا في مصر التي ارتفعت صادرات ب13.4 في المائة. المهنيون يعزون انحسار وتيرة ارتفاع الصادرات المغربية إلى أوربا إلى الأحوال الجوية التي لم تساعد على تصريف تشكيلات الربيع في السوق الأوروبي، وكذلك إلى عودة التضخم تحت تأثير ارتفاع أسعار المواد المنتوجات البترولية والغذائية، ناهيك عن تداعيات الأزمة العقارية التي ألقت بظلالها على الوضعية الاقتصادية في أوروبا، مما يدفع الأسر إلى الضغط على النفقات التي يخصصونها للألبسة في سياق تقليص نفقات الاستهلاك. ورغم عدم عودتهم، كما في السنوات السابقة، إلى الدعوة إلى تخفيض قيمة الدرهم، حتى يؤمنوا تنافسيتهم في السوق الدولية، فإن المهنيين يشددون على أن تراجع قيمة الدولار ب 20 في المائة منذ شتنبر 2006 والجنيه الإسترليني ب14 في المائة منذ شتنبر 2007، وما أفضى إليه ذلك من ارتفاع قيمة الدرهم في مقابل هاتين العملتين، قد انعكس سلبا على استراتيجيات المقاولات التي تصدر تلك الأسواق. لا يثني تراجع الطلب الذي يلوح في الأفق من أوربا، وخاصة إسبانيا الزبون الأول للمغرب، الجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة عن المراهنة على القرب الجغرافي من هذا الفضاء، وإن كان اللوجستيك في المغرب يحول دون الاستفادة منه بطريقة مثلى، خاصة في ظل توقعات تشير إلى أن المقاولات المغربية ستعرف صعوبات جمة في النصف الثاني من السنة الجارية و خلال السنة القادمة، مما يحرمها من إمكانية التوقع على المدى الطويل، خاصة في ظل تراجع الطلب المتوقع من أوربا.