راكم دفناء هذه المقابر شهرة ترسخت في كتب التاريخ ومكنتهم من أن يجمعوا حولهم مريدين، سواء على الصعيد المحلي أو الوطني أو حتى العالمي، وساهموا بتصوفهم وزهدهم وبساطتهم وتواضعهم وعلمهم الديني الواسع في أن ينسج عنهم مريدوهم العديد من الحكايات الغريبة، التي رفعتهم إلى درجة الولي الصالح، الذي تنفع بركته في علاج عدد من الأمراض المستعصية على الطب الحديث. وإلى جانب هذه «البركات»، أدرجت زيارة الأضرحة والزوايا، في الآونة الأخيرة، ضمن ما يعرف بالسياحة الروحية التي يمكن أن يعول عليها المغرب لجلب المزيد من السياح الأجانب وخلق انتعاشة في السياحة الداخلية. لكن هذه الأضرحة، في المقابل، أصبحت نتيجة الإهمال وانشغال بعض «الأتباع» بجمع «التبرعات» فقط مهددة بالفضائح الأخلاقية التي ترتكب في محيطها... ترجع كتب التاريخ نسب الولي الصالح سيدي احمد أوموسى إلى كونه يمتد إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فهو احمد بن موسى بن عيسى بن عمر بن أبي بكر بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن صالح بن طلحة بن أبي جمعة بن علي بن عيسى بن الفضل بن عبد الله بن كندوز بن عبد الرحمن بن محمد بن احمد بن حسان ابن إسماعيل بن جعفر بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبوه هو موسى ابن عيسى ولا يزال قبره مشهورا في قبيلة سملالة، أما أمه فاسمها تاونو بتشديد النون وقبرها أيضا لا يزال هناك ظاهرا ومقصودا. ولا يعرف المؤرخون إن كانت لوالديه شهرة بالصلاح قبله أم أنهما اكتسبا الشهرة من ولدهما وهذا هو الغالب، وقد ولد سنة 853 للهجرة وتوفي سنة 917 . الهبة الملكية رمز للارتباط تتسلم زاوية سيدي احماد أموسى هبة ملكية كل سنة بمناسبة موسمها السنوي الذي يقام بتزروالت بإقليم تزنيت، كما تقدم بالموازاة مع ذلك العديد من المساعدات للأشخاص المعاقين ومحفظات مدرسية للتلاميذ، وقد شكلت هذه الهبة مناسبة يجدد فيها أحفاد هذا الولي البيعة التي تربطهم بالملوك العلويين، حيث يقام بالمناسبة حفل قرآني كما يتم في ختامه الدعاء بالنصر والتمكين لملك البلاد محمد السادس. كرامات وألعاب سحرية ذكرت بعض الكتب التي ترجمت لسيرة سيدي احماد أوموسى أنه عرف بالعديد من الكرامات في زمانه، كما أشار بعض المتقدمين ممن تحدثوا عن هذا الولي إلى أنه ولي تازروالت، وأحد كبار صلحاء الأمازيغ شهرة بين الناس في المغرب، أحفاده يسمون ب«أولاد سيدي أحمد أموسى»، وهم معروفون في كل شمال إفريقيا وحتى أوروبا، منهم مروضو الأفاعي والقردة، والمهرجون وممارسو ألعاب الخداع البصري والتوازن والاستعراض. يهاجرون في مجموعات صغيرة منظمة، يقدمون هنا وهناك عروضا في جنبات الطرقات والساحات العامة، حيث يتجمع الناس وقد جذبهم إيقاع الطبول ونغمات الناي التي تعزفها المجموعة، وكل ذلك في حلقة تجتمع لمتابعة الألعاب والحركات التي تتخللها وقفات قصيرة لجمع الصدقات والدعاء لمقدميها وللشيخ الولي». الموسم السنوي فرصة لاجتماع قبيلة إداوسملال يشكل الموسم السنوي سيدي أحمد أوموسى فرصة يجتمع فيها أبناء قبيلة إداوسملال إلا أن بعض المتابعين للموسم سجلوا أن: «الزيارة تقتصر على التبضع والدعاء بضريح سيدي أحمد أوموسى دون أن تعطى فرصة لأبناء تازروالت وأبناء سملالة للقاء وصلة الرحم وتبادل المعلومات حول تاريخهما المشترك»، كما يشكل الموسم فرصة لاجتماع القبائل المجاورة في موسم ثقافي واقتصادي يغتنمه الفاعلون الجمعيون بالمنطقة لتسليط الأضواء على منطقتهم وعقد اتفاقيات شراكة مع عدد من الجمعيات التي تزور المنطقة كما تستعرض جمعيات أخرى أهم المشاريع التي أنجزتها. تمر وحناء مبارك من البضائع التي يكثر عليها الإقبال في هذا الموسم التمر والحناء وبعض مواد التجميل، حيث يرتفع ثمنها مقارنة مع أسواق أخرى لأنها تحمل صفة ما يسمى «البروك» أي أنه بمجرد أنها تباع بتازروالت يعتقد البعض أن بها بعض البركة، ويقومون بشراء كميات مهمة منها تكفي لتوزع كهدايا على الأصدقاء والجيران وباقي أفراد العائلة. وللأمريكيين مآرب أخرى في الموسم من الأمور اللافتة للانتباه أن الموسم يزوره بعض الفاعلين الجمعويين الأمريكيين الذين ينشطون باسم إحدى المنظمات الأمريكية، وهؤلاء الناشطات الجمعويات اللواتي أتقن الأمازيغية واللواتي يعملن في المستوصفات والمدارس بإداوسملال قمن باستغلال فرصة موسم سيدي احماد أوموسى من أجل تعليق العديد من الملصقات التي تحث على النظافة وطرائقها، وجود الناشطات الأمريكيات وإتقانهن للأمازيغية أثار العديد من المخاوف وسط الجمعيات المحلية من أن تتحول أنشطة الأمريكيات إلى نشاط تبشيري بالمنطقة، خاصة وأن المنطقة تتكون من شرائح اجتماعية هشة تعاني الفقر والأمية. للصوص نصيب من البركة وسط حشود زائري ضريح سيدي احماد أوموسى عدد مهم من الشبان والأطفال المشردين الذين يحترفون النشل وسرقة الزوار حيث يترصدونهم ويسلبونهم بعض ما تصل إليه أيديهم مستغلين غفلة الزوار وانشغالهم. كما تعرف جنبات الضريح جلوس العديد من المتسولين، نساء وأطفال، يستجدون المارة وهم يرددون بعض الأدعية من أجل استدرار عطف الزائرين الذين يكونون في أجواء من الخشوع فينجح المتسولون في الظفر ببعض الدريهمات التي يجود بها زوار الضريح الطالبين للبركة، وقد أثارت هذه الموجة من اللصوص الصغار حفيظة ساكنة المنطقة التي أصبحت منزعجة من هذه الظاهرة التي تعتبر دخيلة على المنطقة. مشقة الطريق إلى الضريح كما هو حال العديد من الأولياء الذين يختارون لخلواتهم أماكن نائية تتميز بعزلتها عن الناس، فالولي الصالح سيدي احماد أوموسى اختار أن يكون مرقده في منطقة بعيدة، الوصول إليها يقتضي المرور عبر طريق التفافية غير معبدة حيث يعاني الزوار من غبار الطريق، خاصة عندما تتزامن مع حرارة جد مرتفعة وحين يستعمل الكثير من الزوار الشاحنات الصغيرة كوسيلة عمومية للنقل، الأمر الذي يزيد من خطورة الطريق المؤدية إلى الضريح، وقد تعالت بعض الأصوات مؤخرا تطالب بتعبيد هذه الطريق المؤدية إلى الضريح من أجل تجنب الحوادث التي يمكن أن تتسبب فيها هذه الطريق، والمساهمة كذلك في تأهيل المنطقة لأنه من شأن تعبيد الطريق أن يحمل إلى المنطقة العديد من المشاريع المهيكلة للتنمية بالمنطقة.