علمت «المساء»، من مصادر مُطّلعة، أن عملية تصوير سلسلة «الحراز» لم تتعدَّ شهرا من الزمن، ولم تنطلق إلا في الثلاثة أشهر التي سبقت شهر رمضان. وفي الأيام الأولى للتصوير، تحول المنتج عبد الحي الصقلي إلى مخرج في الوقت ذاته.. وفي حكاية ملابسات القصة، تقول مصادر إن المخرجة الأولى فريدة بليزيد التي أسندت لها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة مهمة الإخراج اشتكت من عدم انضباط الممثل البشير السكيرج، الذي كان يعمد إلى توقيف التصوير بين الفينة والأخرى، كما كان يتدخل في تفاصيل الإخراج، مما أثّر على السير العادي لتصوير العمل.. وبعد أن علم السكيرج بشكوى بليزيد، هدّد بمقاطعة العمل الذي توقف لفترة قصيرة، قبل أن يتم الكشف عن «مفاجأة» كبيرة، ألا وهي تكفُّل العراقي بعملية الإنتاج والإخراج في الوقت ذاته. وأضاف المصدر أنه كان الأجدر من الناحية القانونية أن يتم وضع تقرير مكتوب لدى المدير المركزي للإنتاج، العلمي الخلوقي، حول ملابسات المشاكل وتفعيل الشروط الجزائية في حق المخرجة أو الممثل وسد الطريق على عملية الجمع «الملتبسة» بين الإنتاج والإخراج، على اعتبار أن عبد الحي العراقي قدَّم المشروع كمنتج وليس كمخرج، وهذا يفضي إلى نتائج عدة، الأولى أن منح العراقي أحقية إخراج السلسلة يضرب في العمق منطق تكافؤ الفرص بين المخرجين والمنتجين، وثاني النتائج أن عملية الجمع تعطي المنتجَ حق الاقتصاد في الميزانية، ب«تقزيم» الرؤية الإخراجية، وهذا ما ظهر جليا في ديكور ولباس العمل.. وثالث النتائج أن المخرج عبد الحي العراقي سيجمع بين ما استخلصه من السلسلة بشكل غير مباشر وبين أجره كمخرج. ولأن البشير السكيرج لا يحفظ الأدوار، ولأنه يؤمن ب«الأسلوب» الأمريكي في تقديم الحوارات.. خصصت له الشركة المنتجة شاشة جهاز حاسوب يتهجى من خلاله مقاطع من الحوارات المسنودة له في مسلسل «الحْرّاز»، وهو من تأليف عبد الهادي حذيفة، وإخراج عبد الحي العراقي، الذي هو المنتج في نفس الآن، كما أُسنِدت له مهمة الإخراج وإدارة الممثلين، بعد أن غادرت فريدة بليزيد البلاطو في الأسبوع الأول من التصوير، بسبب اختلافها مع البشير السكيرج، من جهة، ومع المنتج الذي كان يعتبر الوتيرة التي تصور بها حلقات السلسلة «بطيئة».. ومعلوم أن هذا العمل كان موضوعا لدى الشركة الوطنية منذ أربع سنوات، ولم يُفرَج عنه وتتمَّ الموافقة على نقله إلى الشاشة الفضية إلا قبيل ثلاثة أشهر من حلول شهر رمضان، وراهن الكل على أن البشير السكيرج هو المؤهل للعب دور «الحرّازْ»، وإلى جانبه كوكبة من أجود الممثلين يمثلون مختلف الأجيال: محمد خيي، عبد اللطيف الخمولي، كمال كاضمي، نور الدين بكر، أمينة بركات، يحيى الجندي وآخرون.. وكان متوقَّعاً أن يرفع السكيرج الإيقاع، كما رفع راتبه إلى السقف (حوالي 70 مليون سنتيم)، لكن هذا الأخير أثّر سلبا على أداء الممثلين وأفرغ شخصية «الحْرّاز» من مضمونها، بسبب خروجه على النص وبسبب النطق على السجية حين لا يستطيع فك أو قراءة نص الحوار المكتوب له على الشاشة.. فما بين القراءة واستيعاب مضمون المقطع الحواري وتمثُّل حالته النفسية، يضيع صدق الأداء.. إضافة إلى أنه يوقف التصوير لحظةَ ما شاء ذلك، حسب ما كان يتسرب من كواليس التصوير، فإذا حل ضيف أو ضيفة في زيارة خاصة على البشير، فإنه كان يعلن عن توقيف العمل، وكثيرا ما كان ذلك يخلف ردودَ فعل لدى بعض الممثلين الذين كانوا يشعرون بأنهم «في ضفة وهو في ضفة أخرى»!.. وفي أحيان أخرى، يبدأ بطل السلسلة في الصياح «زيدو سْربيوني دغْيا»، وما إن يحس ب«العياء»، حتى يطلب من المخرج إيقاف التصوير... وقد بدا هذا الارتباك واضحا على الشاشة ويمكن للمشاهد العادي أن يلحظ كيف أن «الحْرّاز» يتهجّى كلمات حواراته وعيناه شاردتان بعيدا عن الكاميرا.. إضافة إلى غياب الانسجام بين الممثلين، وهو ما يعكس غياب تصور إخراجي، حيث نجد أنفسَنا أمام ممثلين «يسرُدون» حواراتهم. ويُحمِّل بعض المساهمين في هذا العمل المسؤوليةَ للمخرج الذي لم يكن يتوفر على شخصية كاريزمية، يمكنها أن تقول للسكيرج: «ليس هكذا»، و«عليك أن تسكت أو أن تنطلق وتحترم الحوار» وأنْ.. «لا اجتهادَ مع وجود النص»، وهذا ما يقتضيه واجب مهنة مخرج، يقول «قائل»... وإذا كانت للسكيرج حقوق كوضع سيارة بسائقها تحت إمرته، فقد كانت عليه واجبات أيضا، ومن ضمنها احترام الجمهور، يضيف نفس «القائل». وجدير بالذكر أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة خصصت ملياراً ومائة مليون سنتيم لتنفيذ إنتاج سلسلة «الحرّاز»، الذي نفذته شركة العراقي، في ظرف زمني قياسي!..