خيّم رعب شديد، مساء الثلاثاء الماضي، على مدينة بني ملال وعمّ دويُّ انفجار قنينات الغاز المتتالي وصراخ المواطنين، مع اشتداد لهيب النيران التي أتت على أزيد من 50 «براكة» ومتجرا في السوق القديم لبني ملال، وعلى سلع مئات الخضارين، مُخلِّفة أضرارا مادية قدرَّها المتضررون بأزيدَ من نصف مليار سنتيم. وكان حريق قد اندلع، بعد عصر السبت الماضي، في «براريك» بائعي القصب، وهو نفس المكان الذي شهد اندلاع النيران قبل أسابيع، مخلفا خسائر مادية في أربعة «براريك»، إلا أن حريق أول أمس كان الأخطرَ الذي تشهده بني ملال منذ عقود، وانتقلت قطع اللهب قاطعة عشرات الأمتار لتشتعل في متاجر تبعد عن براريك القصب، وساهمت الرياح القوية التي تزامنت حركتها مع اندلاع الحريق، في ارتفاع لهيب النيران التي حصدت في طريقها عشرات محلات الخزف والفخار ومحلات متنوعة، منها محلات لبيع البلاستيك، قبل أن تشتعل النيران في متاجر تجار التوابل والمواد الغذائية وفي محلات الحلاقين ومحلات بيع الدجاج، وتنتقل بسرعة وتهاجم مئات الخضارين وتحرق خيامهم وبضائعهم، كما كان الأمر مع القصابين وباعة الخزف وباعة الدجاج. ولم تسلم شجرات النخيل في شارع محمد السادس من الحريق، رغم بعدها بعشرات الأمتار عن مكان اندلاع الحريق. إلا أن تطاير شرارات من النيران أشعل النار في الأشجار. وحالت المساحات الخالية دون انتقال ألسنة اللهب إلى حي «بوشريط» الشعبي، لتتجنب المدينة كارثة إنسانية، حيث إن الحي المذكور مرتبط بمجموعة من الأحياء الهامشية في المدينة. وقد اضطر كل من وجد نفسه في مجرى الرياح وألسنة لهب النيران المتطايرة من المواطنين والتجار للهروب بجلدهم، مُخلِّفين وراءهم تجارتهم ورؤوس أموالهم، خصوصا أن الحريق اندلع في ساعة تكون فيها «السويقة» -مسرح الحريق مكتظة عن آخرها، قبل أن يعود الهاربون لمساعدة رجال الوقاية المدنية على إخماد لهيب النيران، حيث استمرت عمليات الإطفاء إلى وقت متأخر من مساء أول أمس الثلاثاء. وفي الوقت الذي وصف عشرات التجار ممن التقتهم «المساء» الحادث بكونه «عملية مدبَّرة»، لتزامنه مع مفاوضات متقدمة قطعتها بلدية بني ملال مع شركة «الضحى» لتفويت السوق القديم للشركة المذكورة، «خصوصا أن قائد المقاطعة السادسة قال لنا، في مفاوضات، سابقة إن بداية رمضان هي آخر مقامنا في السوق»، وكذا الحديث عن تفويت المتاجر لمن يستغلها من كبار التجار، رفضت مصادر رسمية الربط بين حادث الحريق وبين المفاوضات المذكورة.