سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مقال ساخر لمُدوِّن مغربي حول الصيام على الطريقة الفرنسية يعرِّض ساركوزي لغضب المسلمين ويدفع الأزهر إلى المطالبة بمحاكمته.. جريدة عباس الفاسي انطلت عليها الحيلة وصدقت المزحة
تحولت دعابة بثّها شاب مغربي على مدونَته الخاصة إلى جدال حقيقي لامسَ حدودَ القذف في حق الرئيس ساركوزي. وتصور صاحب مدونة «عْلاشْ» صياما على الطريقة الفرنسية ونسبه إلى الرئيس ساركوزي في خطاب تخيَّل أنه ألقاه في مسجد مرسيليا. ومن الأشياء التي أوردها الشاب المغربي في ما نسبه من كلام إلى ساركوزي دعوة هذا الأخير المسلمين في فرنسا إلى تناول القهوة والهلاليات الفرنسية، كل صباح، والأمر بإغلاق المساجد أمام المسلمين حتى لا يؤدوا صلاة التراويح.. ومما جاء في نص المدونة أن «صلاة المسلم الفرنسي لا يمكن أن تُشبه صلاة مسلمي الشرق، لذا فإنه لا معنى لأن يقضي مواطن أوربي ساعة وساعتين بعد العشاء في صلاة التراويح، التي اتفق علماء المسلمين على أنها ليست فريضة.. وعليه، إخواني، فقد أصدرتُ قرارا جمهوريا يدعو مساجد فرنسا إلى إغلاق أبوابها بعد صلاة العشاء مباشرة، حتى ينصرف المواطن إلى بيته ويستمتع بمشاهدة أخبار وبرامج التلفزيون الفرنسي».!. كما كتب المُدوِّن أن ساركوزي أمر بقراءة القرآن باللغة الفرنسية وإقامة الصلاة بالفرنسية «وهذه ضرورة ليصبح الإسلام دينا فرنسيا»، واستمر في تصور أشياء أخرى في خطاب ساركوزي المتخيَّل، من قبيل أن «المواطن الفرنسي معروف برشاقته، والأكل في رمضان لا يساعد على الحفاظ على الرشاقة، لذا أدعو الصائمين إلى ألا يُكثروا من الطعام الدّسِم وأن يشربوا الماء بكميات كبيرة، حتى يستطيعوا العمل بجد واجتهاد».. وأن «شرب الماء لا يُبطل الصيام للإنسان العامل في أوربا، كما أفتى بذلك علماء مسلمون معاصرون. ونفس الشيء يمكن أن نقوله عن التدخين، فالمدخن لا يمكن أن يكون شخصا فعالا في عمله إذا امتنع عن هذه العادة الفرنسية الجميلة في هذا الشهر العظيم»... وختم صاحب مدونة «عْلاش» مقالَه الساخر بالقول، على لسان رئيس الجمهورية الفرنسية: «إخواني المواطنين، جميعا، يمكننا أن نجعل من رمضان جزءا من التقليد الفرنسي. لكن رمضان الذي نريد هو ما أسميه في هذا المشروع «رمضان فرنسا».. وبعد انتشار الدعاية عبر مدونات الشبكة العنكبوتية، اعتُبر من قِبل الكثيرين خبرا صحيحا، دون التأكد من صحته، وتمادت في التعليق عليه، وتعاملت معه الكثير من الصحف والأطراف الدينية بشكل جدي. في المغرب، كانت جريدة «العلم»، لسان حال حزب الاستقلال، حزب الوزير الأول عباس الفاسي، سباقة إلى «القفز» على الخبر ونشره في الصفحة الأولى تحت عنوان «الرئيس الفرنسي يعرض طبعة فرنسية لصيام رمضان المبارك والتعبد خلاله»، مع عنوان فرعي يقول «تناول قهوة الصباح والهلالية وإلغاء صلاة التراويح». المزحة أوردتها أيضا محطة «سي إن إن» العربية، في فقرتها الخاصة بالمدونات العربية، وتناوله أحد كتاب صحيفة «الدار» الكويتية، واصفا في مقاله الرئيس ساركوزي ب«العلاّمة»، فيما ألقى أحد كتاب صحيفة «الدستور» الأردنية باللائمة على العرب والمسلمين، معتبرا إياهم مسؤولين عما قاله ساركوزي في حق الإسلام، لأنهم «وصلوا إلى ما بعد البلادة»... واجتاز مد الغضب الحدود الأردنية، ليصل إلى الأزهر، الذي انتقد علماؤه الرئيس ساركوزي واعتبروا أنه يعتدي على فريضة من فرائض الإسلام وشريعته، وطالب بعضهم بمقاضاته... ولعل ما عزز الانسياق وراء تصديق الخبر- المزحة هو الاحتقان الداخلي الفرنسي الجاري الآن على خلفية إعلان ساركوزي مقترح قانون يقضي بسحب الجنسية من المهاجرين الذين يتورطون في قتل رجل أمن أو أي شخص له صفة أمنية. فأصداء المقترح وطبيعة ردود الفعل- خاصة السياسية- الداخلية والخارجية جعلت، ربما، مزحة المدون المغربي تكتسب صدقيتها قبل أي محاولة للتأكد.