تروج حاليا بمحكمة الاستئناف بطنجة فضيحة نصب كبرى تعرضت لها المديرية الجهوية للضرائب بمدينة طنجة، بعدما تسلمت شيكات بدون رصيد متعلقة بالأرباح العقارية، يصل مبلغها إلى مليار سنتيم. وبدأت تفاصيل هذه الفضيحة عندما قام خمسة ورثة بقعة أرضية ببيعها لشركة «الضحى» بمبلغ يفوق 6 ملايير سنتيم، وكلفوا رئيس جماعة، له مسؤولية محلية بحزب الأصالة والمعاصرة، برسم وكالة عدلية مصادق عليها سنة 2008، وبناء عليها قام نفس الشخص بإجراءات بيع البقعة الأرضية التي تفوق مساحتها 13 هكتاراً. عملية النصب ابتدأت عند أداء الضريبة على الأرباح العقارية بشيكات لا تخص الوكيل الذي قام بعملية البيع وتسلم مبلغ الضريبة على الأرباح قصد أدائها، وإنما بشيكات في ملك شخص لا علاقة له بعملية البيع. وقال مصدر مطلع، إنه في هذه الحالة لا يوجد أي إشكال قانوني لدى مديرية الضرائب في أداء ضريبة بشيك يخص شخصا آخر، وإذا كان الشيك مزورا، فالملزم بالضريبة يتحمل المسؤولية، لهذا تم قبول الشيكات من طرف مديرية الضرائب. ويضيف نفس المصدر، أن توقيعات الشيكات سليمة لكنها بدون رصيد، مما جعل مديرية الضرائب تلجأ إلى المحكمة من أجل التحصيل الجبري لقيمتها. وشهد هذا الملف مزيدا من التطورات عند عملية التحقيق، حيث كشفت نتائج التحقيقات الأولية أن صاحب الشيكات يوجد في السجن على ذمة قضية جنائية أخرى، وبعد التحقيق معه، نفى أن يكون قد أعطى الشيكات لمن أدى الضريبة، واعترف أنه وقع شيكات على بياض لمحاسبه الذي يتكلف بتسيير شركته والمدعو (م. أ)، من أجل استعمالها فيما يخص مستلزمات شركاته. ونفى المحاسب، خلال الاستماع إليه، أية علاقة له بالشيكات ولا بعملية البيع، في حين لم يتم استدعاء البائعين ولا وكيلهم، ذلك أن من باع الأرض هو المسؤول قانونا عن أداء الضرائب، وهو من يُلزم بتفسير أداء مبلغ مليار سنتيم بشيكات شخص لا علاقة له بعملية البيع، وهو ما أضاف مزيدا من الغموض إلى هذه القضية. كما أن مديرية الضرائب لم تتابع من وقع عقد البيع باسم الوكلاء وتسلم مبلغ البيع كاملا من شركة «الضحى»، رغم أن مدونة الضرائب تجعل موقع عقد البيع ومتسلم ثمنه مسؤولا مباشرا عن أداء الضريبة على الأرباح العقارية. وتفيد بعض المعطيات التي حصلت عليها «المساء»، بأن مديرية الضرائب لما تبين لها أن الشيكات بدون رصيد قامت على الفور بالحجز على عملية البيع لدى المحافظة العقارية من أجل ضمان حقوق الدولة، وبالتالي فإن هذا الحجز لا يمكن رفعه إلا بسداد المبلغ أو بحكم قضائي. غير أن خيوط هذا الملف ستتضح أكثر عندما صدر حكم ابتدائي على صاحب الشيكات، بثلاث سنوات حبسا نافذة، و5000 درهم غرامة مالية، رغم إنكاره لقصة الشيكات، حيث سيتراجع صاحب الشيكات عن أقواله في المرحلة الاستئنافية، بعدما صرح بأن شيكاته موقعة على بياض ومسلمة للمسؤول عن المحاسبة في شركاته، قبل أن يتهمه بالنصب والاحتيال وخيانة الأمانة. وأثار صاحب الشيكات باعترافاته الجديدة تساؤلات حول علاقته المباشرة بهذا الموضوع، وحول ما إذا كان هناك أي اتفاق بينه وبين المحاسب والوكيل، من أجل دفع هذه الشيكات، مقابل أن يحصل صاحبها على مبلغ مالي، بعد أن يقضي عقوبة حبسية إضافية لعقوبته السابقة، قيل له إنها قد لا تتجاوز سنة. وتشير نفس المعطيات إلى أن صاحب الشيكات لم يكن يعلم بالمبلغ الذي ينبغي أداؤه للضريبة، كما لم يكن يتوقع أنه سيحكم بثلاث سنوات حبسا، لذلك قرر التراجع عن أقواله بتقديم تصريحات جديدة مخالفة لتلك التي قدمها في المرحلة الابتدائية. من جهة أخرى، تؤكد نفس المصادر، أنه في حالة تأييد محكمة الاستئناف (ستبت في هذه النازلة بداية الشهر المقبل) الحكم الابتدائي بإدانة صاحب الشيكات، فإن القضية ستعتبر منتهية وبأن البيع نهائي وسليم، على اعتبار أن صاحب الشيكات سيؤدي ما بذمته سجنا، وبالتالي سيرفع الحجز على عملية البيع لدى المحافظة العقارية، وستضيع الدولة في مبلغ مليار سنتيم الذي من المفروض، حسب نفس المصدر، أن يكون لدى من قام بعملية البيع وتسلم ثمن البقعة الأرضية من شركة «الضحى» واقتطع منه مبلغ الضريبة قبل توزيعه على أصحاب الأرض الأصليين.