سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جدوان: الإعلام العمومي مطالب بالرقي بثقافة المشاهد وذوقه وليس تحقيق الربح فقط قال إنه كان يصر أن يبتعد أعضاء فرقته عن كل ما يمكنه أن يضر بصورة المجموعة
اسمه المختار جدوان. وكما شغل الناس بأغانيه وسهراته داخل المغرب وخارجه، شغلهم بحكاية اعتزاله الفن بالشكل الذي ألفه منه المغاربة طيلة عشرين عاما، ودشن طريقا آخر لحفظ القرآن وتدبر آياته حيث باتت أمنية الأماني بالنسبة إليه هي تسجيل كتاب الله مرتلا بصوته الجميل. أسئلة كثيرة واكبت هذا التحول الذي فاجأ الكثيرين من عشاق هذا الفنان. ففضلا عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي وقفت خلف «الاعتزال»، يتساءل الكثيرون عن شكل جدوان بعد التغيير، وهل سيعود إلى الفن أم لا? وهل أصبحت مواقفه متطرفة متشددة، أم إن المطرب الشاب التزم فعلا لكن بالإسلام الوسطي المنفتح الذي لا إكراه فيه ولا تطرف ولا تشدد؟. «المساء» وسعيا منها لتسليط الضوء على تفاصيل هذا «الانقلاب» الجذري في حياة المطرب الشعبي «جدوان»، ستمنح قراءها فرصة الاطلاع على ما جرى طيلة شهر رمضان الفضيل من خلال سلسلة حلقات مع المطرب صاحب «وراك خليتيني نساين» الذي بات قاب قوسين أو أدنى من حفظ المصحف كاملا، وصار لا يدع مجلس علم إلا حضره وأمتع الحاضرين بترتيل آياته الكريمة. وهي حلقات تتضمن تفاصيل صريحة ومثيرة عن الأجواء التي يعيش فيها الفنان المغربي، كما تتضمن شرحا لمواقف جدوان من القضايا المطروحة على الساحة الإعلامية والثقافية المغربية, والتي تثير في الغالب جدلا واسعا بين المهتمين. - ما هو السر وراء انتقادك مجموعة من البرامج التي تقدمها القنوات العمومية في وقت يدعو فيه الكثيرون إلى التشبع بقيم الانفتاح والحرية؟ الإسلام دين جميل ومرن وسهل وليس دين تطرف وإجبار وإكراه كما يحاول البعض تصويره. والشعب المغربي بطبيعته شعب محافظ، ولا يستطيع مثلا الابن أن يستمع إلى أغنية مثيرة وتتضمن كلمات ماجنة برفقة والديه. المسألة بسيطة، فبالنسبة للقنوات الفضائية الوطنية وما دمنا كمواطنين نمولها عبر دفع الضرائب فعليها أن تحترم هويتنا وثقافتنا، «واللي بغا يدير العكس يمشي يدير شي قناة فضائية» خاصة ويفتح باب الاشتراك مع من يفضل برامجه بالصيغة التي يراها مناسبة له، أما أن يفرض علي أن أشاهد برامجه تلك في قناة يمولها الشعب فهذا أمر غير مقبول. المسؤولون يردون بالقول إن البرامج المعروضة يحبها المشاهدون وتحقق نسبة مشاهدة عالية، والإعلام في خدمة ما يريده ويحبه المشاهدون؟ هذه فكرة غير صحيحة بالمرة وليس هناك استفتاء يؤكد لنا ذلك، علما أن للإعلام دورا آخر غير تحقيق الربح، ويتمثل هذا الدور الذي أعتبره مهما جدا في الرقي بثقافة المشاهد وذوقه ولا يجب أن يفعل العكس بحجة أن ذلك ما يريده المشاهدون. هناك برامج وأفلام و«كليبات» غنائية جميلة وذات هدف وتحمل معاني جميلة ترفيهية واجتماعية، وأتساءل لماذا تغيب مثل هذه المنتجات الفنية عن القنوات الفضائية المحلية؟. الأمر أشبه ما يكون بتعاطي المخدرات، حيث إن الإعلام كل مرة يرفع من نسبة الجرعات للمواطن البسيط، يبدأ الأمر بمسلسل واحد ثم اثنين فثلاثة وأربعة... إلخ، حتى يجد المرء نفسه مكبلا إلى الشاشة لا يستطيع الفكاك عنها، ويتشبع هو وأسرته بالقيم الواردة فيها وهي القيم التي يعرف الجميع آثارها السيئة على الشباب والأسرة والمجتمع بشكل عام. أفلهذا السبب خلت أغانيك من التلميحات الجنسية والكلمات الماجنة التي باتت تسيطر على كثير من الأغاني الرائجة في الوسط الفني حاليا؟ لقد أديت بعض الأغاني التي بها مخالفة شرعية من ناحية العقيدة وإن كانت من ناحية الكلمات مقبولة ويمكن سماعها برفقة الأسرة والعائلة، لكنها للأسف تضمنت على سبيل المثال استنجادا بالأضرحة وأصحابها، إلى جانب ما كانت تحدثه من رقص واختلاط بين الجنسين. أعتقد أنه آن الأوان لإيجاد فن يخاطب المبادئ والروح عوض الاقتصار على مخاطبة الغرائز، فن هادف يساعد على بناء ذوق سليم وفكر نظيف وخلاق. لقد كنا نعتقد ونحن نؤدي أغانينا أن الجمهور إذا لم يرقص كثيرا فإن حفلتنا فاشلة، في حين أن الأمر مجرد عدم استيعاب لحقيقة الفن وأهدافه الحقيقية التي لا تتلخص بالتأكيد في هز البطون والأرداف. كيف كان جدوان يتعامل مع المعجبات بشكل خاص وقد كن كثيرات بالمناسبة؟ كنت أظهر للجميع ما أمكن أن لدي مبادئي وقيمي الخاصة التي أحرص على احترامها وأن لدي زوجة أقدرها وأحترمها ولدي ولد وبنت أتحمل مسؤوليتهما. لكن وبرغم كل ذلك، فإن بعضهم لم تكن لتهمه تلك التفاصيل الأساسية بالنسبة لي، ويحاول الالتفاف عليها سعيا منه لجلبك لسهرة خاصة هنا أو هناك لا يعلم إلا الله حقيقتها. كنت أراوغ تلك الطلبات والمحاولات وأحرص على فرض جو الاحترام على شخصيتي، وهنا أؤكد أنك إذا أردت أن لا تسقط في تلك المستنقعات الآسنة فبإمكانك ذلك برغم كل المحاولات والضغوطات، والعكس بطبيعة الحال صحيح، إذ أن الإرادة هي كل شيء وهنا لا بد أن أؤكد أنني قبل أن أعتزل الغناء بحوالي 7 سنوات، كانت مشاعر الرفض لتلك السهرات والحفلات الفنية تنتابني بشدة.. كان كل أملي حينئذ أن أنتهي بأقصى سرعة وأعود إلى منزلي وزوجتي وأبنائي. وكيف كنت تتفاعل مع العنصر الأخلاقي في تعاملاتك مع أعضاء فرقتك الذين تم تغيير العديد منهم؟ كنت شديد الحرص على أن يكون أعضاء الفرقة ملتزمين بالابتعاد عن الخمور والمخدرات بشتى أنواعها، وكنت أشرح لهم أن الجمهور إذا شم رائحة الخمر منبعثة من فم أحد الأعضاء فإن الفرقة كلها ستسقط في أعين محبيها وجمهورها بشكل عام. لكن للأسف بعضهم لم يكن يلتزم بهذا القرار الذي اتخذته مما اضطرني لطرد بعضهم من المجموعة حتى إنه بحلول سنة 1999 كان تقريبا نصف الأعضاء قد تم تغييرهم بسبب ذلك. ما أريد تأكيده هو أنني كنت ألتزم مع أعضاء فرقتي باحترام بعضنا البعض، وباحترام جمهورنا فلا معاكسة للفتيات ولا تعاطي للخمور أو المخدرات، حتى إنني اضطررت لطرد أحد أشقائي بسبب ذلك، الأمر كان عندي مهما ومحوريا ولا يمكن لفرقتنا أن تستمر دون أن تحكمها هذه الضوابط المهنية والأخلاقية، وأعتقد أن جمهورنا يستطيع أن يشهد بذلك.