برمجت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، يوم السبت الماضي، حلقة جديدة من برنامج «الوسيط»، خُصِّصت لمناقشة مشاكل الإنتاج الرمضاني، قبل أن يتقرر في الأخير تأجيل الحلقة. وتحدثت تقارير صحافية، بشكل صريح، عن اتخاذ العلمي الخلوقي، المدير المركزي للإنتاج والبرمجة، قرارا بتوقيف البرنامج، وفي التبرير الذي أعطي لذلك أنه لم يكن ليقبل الخلوقي أن يطرح نوفل الرغاي، المدير المركزي للماركوتينغ والتواصل والعلاقات الاستراتيجية، رؤاه للعملية الإنتاجية وعلاقتها بالبرمجة والإشهار، في حين أقحمت مصادر أخرى المدير العام للشركة، محمد عياد، في عملية التوقيف وخلقه تحالفا غير معتاد مع الخلوقي، لسد الطريق أمام أي إمكانية لبروز متواصل للرغاي في واجهة الأحداث، قبل أن يُنشَر أن الرئيس المدير العام للقطب العمومي، فيصل العرايشي، هو من قرر توقيف بث «الوسيط»، قبل عشر دقائق من بداية البث... بينما تقول «رواية» إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة إن الأمر يتعلق بمشاكلَ تقنية لم تُسعف في بث الحلقة.. ويقول «مشككون» إن عملية الإعلان عن برمجة الحلقة وتقديم وصلة الإعلان عن بث الحلقة يبقيان عمليتين تابعتين لمرحلة التأكد من عملية صلاحية الحلقة للبث. وفي ضوء صمت إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وتفضيل زهور حميش، «وسيط» الشركة عدم الإدلاء بأي تصريح، إلى حين استبيان حقيقة الأمر، لا بد من سرد مجموعة من المعطيات النظرية التي تؤطر وجود مؤسسة «الوسيط»، أولها أن الوسيط، حسب ما ينص على ذلك دفتر التحملات الذي استنسخ، بشكل شبه كلي، النموذجَ الفرنسي، يُعيَّن، بشكل مباشر، من الرئيس المدير العام للشركة، ويوضع تحت مسؤوليته المباشرة ولا يمارس أي مسؤولية تحريرية ولا يتدخل أبدا في اختيار وإعداد وإنجاز البرامج. وتتمتع مؤسسة «الوسيط» بالصفة الاستقلالية، مما يعني أن أي حديث عن ضرورة استشارتها أي مسؤول آخر غير الرئيس المدير العام الشركة، حول فحوى أو اختيار مقترَح ما، يُفقِد الحلقة المقترَحة السندَ القانونيَّ والأخلاقي. من جهة أخرى، وبصرف النظر عن الجانب الأدبي المرتبط بضرورة تكريس الوساطة الحقيقية، عبر احترام توقيت البث، فإن للأمر جوانب قانونية، إذ إن الوسيط مطالَب بأن يضمن نقط إلغاء أو تأجيل أو عدم احترام التوقيت المعلَن عنه لبث الحلقة في التقرير السنوي الذي تقدمه لرئاسة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، كما أن الشركة الوطنية، ممثَّلة في مديريتَيْ البرمجة والبث، مطالبتان بتقديم الأسباب الحقيقية التي أفضت إلى إلغاء أو تأجيل الحلقة، دون إشعار قبلي ردا على طلب توضيح مرتقب من الهاكا. وفي ارتباط بواقع «الوسيط» المغربي، لا بد من التذكير بأن التجارب الفرنسية، على الخصوص، تعتمد في خلق فعل وسائطي تفاعلي حقيقي، على الاستقلالية الفعلية والبث المباشر وخلق خطوط خضراء مجانية تتيح فتح مجال الانتقاد، فضلا على ضرورة تخصيص بلاطو خاص بالبرنامج، قادر على خلق تواصل بصري مقبول بين المُشاهد والبرنامج.