لم تقتصر مقترحات الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الخاصة بقانون مالية السنة القادمة على الشق الضريبي، بل امتدت إلى الإحاطة بالروافد التي ترفع معدل النمو إلى ما بين 7و8 في المائة، وهو الهدف الذي يمكن أن يتحقق في تصوره بإصلاح المالية العمومية بما يفضي إلى ترشيد النفقات والتحكم في العجز الموازني. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يدعو، حسب ما تجلى من مقترحاته التي نظم بشأنها ندوة صحفية الجمعة الماضية بالدار البيضاء، إلى مقاربة شاملة ومتعددة السنوات للمالية العمومية في المغرب، فهو يتصور أنه بإمكان طرح إشكالية المالية العمومية على المدى الطويل أن يسمح بالتحكم في النفقات العمومية و تحسين الموارد، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن التفكير على مستوى النفقات والموارد يجب أن يرنو إلى عدم إعاقة تنافسية المقاولات وتأمين النمو الاقتصادي. والاتحاد يعتبر أن السنة القادمة ستكون فاصلة على مستوى مشروع قانون المالية، بالنظر إلى توقع تعديل بنية النفقات والموارد في علاقة مع إصلاح القانون التنظيمي للمالية العمومية وترقب مقترحات اللجنة الاستشارية للجهوية، التي ستمنح للجهات اختصاصات مالية مختلفة عما تتمتع بها حاليا، وانكباب الاتحاد العام لمقاولات المغرب على بلورة رؤية 2020 والتي سوف تتضمن رأيه في مختلف الاستراتيجيات القطاعية والأوراش التي تمس المقاولة. ويحاول الاتحاد العام لمقاولات المغرب مد الجسور بين تنافسية المقاولة والمالية العمومية، فهو يحاول رصد القطاعات التي يمكنها أن تفضي إلى دفع عجلة النمو بما يخول بلوغ معدل يتراوح بين 7و8 في المائة الذي يسهل حل معضلة البطالة، ففي انتظار رؤية 2020، يلاحظ الاتحاد أن النمو ارتهن منذ 2003 للخدمات المالية الاتصالات والبناء والأشغال العمومية، والحال أن هذا الأخير يعاني من تداعيات ظرفية صعبة منذ 2009. وتفقد الصناعة وزنها في النسيج الاقتصادي المغربي، مما يحذو بالاتحاد إلى الدعوة إلى البحث عن روافد جديدة للنمو، تتمثل في محاصرة تراجع الصناعة عبر تنمية العرض الصناعي وتنمية الصادرات وتطوير اقتصاد المعرفة والبحث والتطوير، غير أن بلوغ هاته الأهداف يقتضي في تصور الاتحاد خلق تناغم وانسجام بين الاستراتيجيات القطاعية، لما لذلك من تداعيات موازنية وتسريع وتيرة تنفيذ تلك المخططات ومعالجة مشكلة مناخ الأعمال والانكباب على إشكالية حجم المقاولات والمنتوجات التي تستجيب للأسواق الكبيرة. بعد تناول روافد النمو التي يراها الاتحاد ضرورية لبلوغ معدلات تساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، يدعو إلى البحث عن حلول راديكالية للمشاكل الموازنية التي يعاني منها المغرب، و البدء بإصلاح نظام الدعم عبر استهداف الفئات التي تستحق الاستفادة منه، وإصلاح نظام التقاعد الذي يتوقع أن تعاني جميع أنظمته من فقدان التوازن إذا لم يبحث عن حلول دائمة، والتوجه نحو محاربة القطاع غير المهيكل عبر إجراءات خالقة للمقاولة والاستثمار، بالموازاة مع تلك الإصلاحات، يتطلع الاتحاد إلى ترشيد النفقات العمومية، بالاتجاه نحو حذف النفقات غير الضرورية وتأمين فعالية النفقات الملتزم بها و ضمان فعالية نظام الاقتطاعات الإجبارية، حيث إن تبني قواعد تدبير جيدة يمكن أن يحصر العجز الموازني في مستويات تشجع النمو الاقتصادي، الذي يفترض أن يكون محركه الأساسي القطاع الخاص الخالق للثروات. وتروم الإجراءات الجبائية التي يتطلع إليها الاتحاد العام لمقاولات المغرب دعم تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة وتشجيع التطوير والبحث والتنمية المستدامة وتوجيه الضريبة على القيمة المضافة في اتجاه دعم خزينة المقاولات ووضع إجراءات لتشجيع الإدخار والاستثمار وتحسين العلاقة بين الملزم و الإدارة الضريبية.