أخنوش يكشف نتائج الصناعة الوطنية ويبرز مواكبة الحكومة للاستثمارات    بورصة البيضاء تنهي التداولات ب"الأخضر"    وضع الناشط المناهض للتطبيع إسماعيل الغزاوي رهن تدابير الحراسة النظرية    تألق دياز يلفت أنظار الإعلام الإسباني    "اليونسكو" تدرس إدراج الحناء في قائمة التراث الثقافي غير المادي    بلغة الأرقام يستعرض أخنوش البرامج والمشاريع الصناعية التي أبصرت النور في عهد حكومته    درك أزمور يحبط محاولة للهجرة السرية    انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في المغرب بعد بدء عملية الاستيراد    مقتل جندي إسرائيلي في معارك لبنان    ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى منطقة الفيضانات بعد الغضب الشعبي    جدول أعمال مجلس الحكومة المقبل    حكيمي يبتغي اعتلاء العرش الإفريقي    للا مريم تترأس حفلا في ذكرى برلمان الطفل    الأمطار تعود إلى الريف وسط انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    تهم ثقيلة تلاحق "رضى ولد الشينوية"    لافروف يحذر الغرب من النووي الروسي    وزارة الصحة الروسية تطلق اختبارات سريرية لعلاج جديد لسرطان الدم    دوري أبطال أفريقيا للسيدات.. الجيش الملكي يلاقي المسار المصري وعينه على العبور للنهائي    "جون أفريك": الأرشيف الذي تعهدت فرنسا بإعادته للمغرب قد يُعزز مطالب المملكة ويُغير معالم الحدود مع الجزائر    محاولة اغتيال وزير العدل الكندي السابق الداعم لإسرائيل    النرويج.. القبض على ابن ولية العهد بتهمة الاغتصاب    جماعة الزوادة في قلب التنمية الاجتماعية و الاقتصادية الحقيقية بالإقليم    حادث مأساوي على طريق القصر الكبير – العرائش ينهي حياة طالب جامعي    الذهب يلمع عند أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار    مساء هذا الثلاثاء في برنامج "مدارات" : لمحات من السيرة الأدبية للكاتب والشاعر محمد الأشعري    نظرية الجسد النسوي    المؤسسات والمقاولات العمومية تساهم بما يفوق 10 مليارات درهم في ميزانية الدولة    الكاف يبعد رحيمي من قائمة ترشيحات جائزة أفضل لاعب أفريقي    من حزب إداري إلى حزب متغول    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    العرائش.. نزاع حول قطعة أرضية بين سيدة وشقيقها ينتهي بجريمة قتل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وزارة الداخلية تخصص 104 مليارات سنتيم لإحداث 130 مكتبًا لحفظ الصحة    ولي العهد السعودي يهنئ الملك بمناسبة عيد الاستقلال        الركراكي: الصبر والمثابرة أعطيا ثمارهما وتسجيل 26 هدفا لم يكن بالأمر السهل    حاتم عمور يصدر كليب «بسيكولوغ»    شبكة تسلط الضوء على ارتفاع أسعار الأدوية في المغرب    أربع جهات مغربية تفوز بجائزة "سانوفي" للبحث الطبي 2024    الشاعرة الروائية الكندية آن مايكلز تظفر بجائزة "جيلر"    تسجيلات متداولة تضع اليوتيوبر "ولد الشينوية" في ورطة    اتهمتهم بمعاداة السامية.. عمدة أمستردام تعتذر عن تصريحات تمييزية بحق مسلمي هولندا    في تأبين السينوغرافيا    ما هي الطريقة الصحيحة لاستعمال "بخاخ الأنف" بنجاعة؟    فريق بحث علمي يربط "اضطراب التوحد" بتلوث الهواء    صحتك ناقشوها.. إضطراب النوم / الميلاتونين (فيديو)    إندرايف تغير مشهد النقل الذكي في المغرب: 30% من سائقيها كانوا يعملون بسيارات الأجرة    مجموعة ال20 تعلن وقوفها خلف قرار وقف إطلاق النار في غزة    جمعية الإمارات لطب وجراحة الصدر تضيء برج خليفة في حملة توعوية لمكافحة مرض الانسداد الرئوي المزمن    نشرة إنذارية: زخات رعدية ورياح عاصفية في عدد من أقاليم المملكة    زنيبر: الاضطرابات الناجمة عن كوفيد-19 زادت من تفاقم الآثار "المدمرة بالفعل" للفساد    شركة سوفيرين برو بارتنر جروب في قطر تعلن عن انضمام مدير عام جديد إلى فريقها، لقيادة مسيرة التوسع وتعزيز التعاون الاستراتيجي، في خطوة طموحة تنسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030    عرض الفليم المغربي "راضية" لمخرجته خولة بنعمر في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسبانيا ليست في حاجة إلى افتعال أزمة مع المغرب
نشر في المساء يوم 13 - 08 - 2010

حسنا فعل رئيس الوزراء الإسباني خوسي لويس ثباطيرو لدى إعلانه استعداد حكومته لتقديم إيضاحات للسلطات المغربية حول الاحتجاجات الصادرة عنها حيال الانزلاقات العنصرية الخطيرة، لكن الأكثر أهمية في هذا الموقف، الذي جاء متأخرا في سياقه الزمني، أن الإعلان تزامن مع استقبال ثباطيرو من طرف العاهل الإسباني خوان كارلوس، الذي ينظر إلى دوره الرمزي
على أنه يبعد إسبانيا عن تداعيات الصراعات الداخلية، خصوصا في ما يتعلق بالتعاطي مع الملف المغربي.
فالعاهل الإسباني، وقد كان بدوره عرضة للتورط في خلفيات سياسية كانت وراء زيارته مدينتي سبتة ومليلية في وقت سابق، يدرك جيدا أن هناك خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها في محك العلاقات المغربية الإسبانية، إضافة إلى أنه يشكل ضمانة للحيلولة دون أي تصدع تجلبه بعض الممارسات غير المحسوبة، وقد يكون رئيس الوزراء الإسباني عمد إلى اختيار توقيت تصريحه بالتزامن مع ذلك الاستقبال الذي يُرجَّح أن يكون عرض في جانب منه إلى الأزمة الراهنة التي تجتازها العلاقات بين الرباط ومدريد، والإيحاء هنا ذو دلالة رمزية تطال خاصيات التقدير المتبادل الذي لا يمكن إلا أن ينسحب إيجابا على آفاق إعادة بناء الثقة.
إسبانيا ليست في حاجة إلى افتعال أزمة مع جارها الجنوبي، خصوصا وقد جربت كيف أن الأزمات لا تصب في الاتجاه الذي يخدم المصالح الاستراتيجية لبلدين يضطلعان بدور هام على الضفتين الشمالية والجنوبية للبحر المتوسط، بل إنها حين حاولت في بعض المرات إقحام دول الاتحاد الأوربي في خلافات ناشئة مع المغرب، قوبلت مساعي الأوساط الإسبانية المتشددة بالرفض.
حدث ذلك قبل أن يحظى المغرب بصفة الوضع المتقدم في علاقاته مع الاتحاد الأوربي، فيما انبرت عواصم أوربية لبلورة مواقف أقرب إلى الحياد لدى اندلاع أزمات مغربية إسبانية، وما زالت الوساطة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي كولن باول بادية في إعادة الأوضاع إلى طبيعتها، بعد المغامرة الإسبانية في جزيرة ليلى غير المأهولة، غير أنه من المفارقات أن يكون الحرس الإسباني عمد إلى محاولة إحياء هذا الجرح لدى تخليهم عن مهاجرين أفارقة في عرض الساحل المتوسطي قبالة الجزيرة ذاتها، ما يعني أن هناك بعض الأوساط الإسبانية لا تريد التخلص من عقدة الأزمة مع المغرب.
الآن ليس الأمر بالخطورة التي تجعل تلك الأوساط مطمئنة إلى أنها قامت بدورها في إشعال الحرائق لتأزيم العلاقات بين مدريد والرباط، ومسؤولية الإدارة الإسبانية الحاكمة تعي جيدا أن أزماتها مع المغرب لا تأتي من الرباط وإنما من داخل الكيان الإسباني الذي يحفل بالتناقضات، وأبرزها ارتفاع أصوات متشددة لا تريد للحوار المغربي الإسباني حول مستقبل المدينتين أن يتم وفق إرادة السعي لإنهاء المشاكل، وليس افتعال المزيد منها. ففي النهاية، لن يكون في وسع تصرفات عنصرية في المعابر الحدودية للمدينتين المحتلتين أن تخلق واقعا جديدا، وإنما في إمكانها أن تساهم في تعقيد الوضع الراهن.
إذا نظرنا إلى التحديات المشتركة التي تواجه المغرب وإسبانيا، على حد سواء، في المسائل المرتبطة بالتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية وأنماط الانفلات الأمني وتعزيز الحوار الأوربي الإفريقي، وانتشال منطقة المغرب العربي من حالة الجمود الذي لا يساعد في تثبيت الأمن والاستقرار، فإنها تحتم سيادة توافق دائم، يكفل لإسبانيا أن تشكل بوابة الامتداد الأوربي نحو العمق الإفريقي، كما يتطلع المغرب الإفريقي إلى الفضاء الأوربي، وهذا الالتزام المشترك يفترض بناء ثقة متبادلة في حوار الأنداد، حيث لا استعلاء ولا انتقاص من دور الجغرافيا في تفاعل الخرائط وليس تصارعها.
لم يفعل المغرب أكثر من تنبيه السلطات الإسبانية إلى عيوب وممارسات خاطئة، تناقض أسس التفاهم والاحترام، ولم يكن عصيا على إسبانيا، العضو في الاتحاد الأوربي، الذي يجاهر بقيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، أن تذعن لمطالب المغرب في وضع حد لتلك الممارسات وفتح تحقيق شامل للحد من مخاطرها. ففي العلاقات بين الدول لا مكان للتصرفات الانفرادية المعزولة، إذا افترضنا أن الأمر ينسحب على سلوكات موظفي الشرطة والحرس المدني، غير أن الوقائع التي لا يرقى إليها شك تفيد بعكس ذلك، تماما، أي أن تلك التصرفات كانت سلطوية، وهناك أوساط تنتهجها، إن لم يكن من خلال تبريرها، فمن خلال غض الطرف عنها، وهذا شيء يتنافى وأخلاقيات المعاملات بين الدول.
لا يحتاج الموضوع إلى كثير من التأمل لإدراك أن تلك التصرفات كانت جزءا من خطة مدبرة، فهي جاءت بعد زيارة زعيم الحزب الشعبي الإسباني مارينانو راخوي للمناطق المحتلة، ورافقها تعنت دبلوماسي في تلقي رسائل لمجرد أنها وصفت المدينتين بأنهما محتلتين، في حين أن هناك المزيد من المؤشرات التي تفيد بإمكان تعرض المهاجرين المغاربة المقيمين في إسبانيا لضغوط الترحيل.
وإذا كان صحيحا أن الأزمة المالية والاقتصادية ألقت بظلالها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في شبه الجزيرة الإيبيرية، فإن حل هذه المعضلات ذات الطابع العالمي والبنيوي لا يمكن أن يتم من خلال استفزاز مشاعر المغاربة، بل إنه، بعكس ذلك، يمكن أن يجعل من الحوار مع المغرب طريقة عملية للبحث في تنويع وتشجيع الاستثمارات التي تجلب المنافع المشتركة، وبالتالي فإن الرؤية المحدودة التي كانت وراء تصعيد الأزمة مع المغرب لا تتوخى الدفاع عن المصالح الحقيقية لإسبانيا، بل إنها تضع العراقيل أمام تدفق الموارد التي تدعم الإنتاج، وسيكون أجدى أن تنطلق إسبانيا مع الواقع الراهن للتفكير بمنطق جديد، في أفق بناء علاقات الثقة مع جارها الجنوبي، وأفضل بداية أن يبدأ الحوار من أي قضية ليشمل كافة القضايا العالقة، وأن يترك للزمن أن يضغط بنفوذه لتجاوز الإخفاقات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.