تعرفنا على كارلا بروني عارضة أزياء فاشلة، ثم سمعناها ورأيناها مغنية بصوت «يحمحم ويكمكم» في دواخله السحيقة. بعدها، طلعت علينا هذه الأيام ممثلة سينمائية لتقف أمام الكاميرا، وليست أية كاميرا، بما أن المايسترو الذي سيرها هو المخرج الأمريكي وودي آلن، الذي له ألفة مع عالم النساء والعائلات والأزواج، بعقدهم ومشاكلهم واستيهاماتهم الصبيانية. وقد نجح وودي آلن في ترجمة وتمرير مناخات مدينة نيويورك المغلقة متكئا على التحليل النفسي الفرويدي لتفكيك دواخل الأزواج ورغباتهم المنحصرة، وذلك من خلال أسلوب قادح. وقد أصبحت اليوم أفلام، مثل «حنا وأخواتها» و«آني هول» و«مانهاتن» و«وردة القرمزية للقاهرة» و«حرب وحب»... تحفا مميزة في تاريخ السينما الحديثة. بعد مدريد و«تجنيده» للممثلة بينيلوب كروث في فيلم «فيكي كريستينا برشلونة»، يعود وودي آلن في فيلمه الجديد Midnight in Paris، وهو عنوان مؤقت، إلى باريس هذه المرة التي يبدو أنه يكن لها، ككل الأمريكيين، عشقا غير مشروط، وبرفقة «كاستينغ» مخضرم (فرنسي-أمريكي)، على رأسه ماريون كوتيار وكاد المالح والممثل الأمريكي أوين ويلسون. لكن ظهور كارلا بروني ساركوزي ولو في لقطة خفيفة، حيث أدت دور مديرة متحف، كان مدعاة لتساؤلات بل لانتقادات تركزت أساسا على تعامل المحاباة الذي أظهره المخرج الأمريكي تجاه ممثلة تفتقر إلى أدنى شروط الاحترافية في ميدان التمثيل، إذ لم تتابع دروسا في المسرح ولا هي متخرجة من مدرسة سينمائية، وإنما وقفت وراء الكاميرا لا لشيء إلا لكونها تعشق أفلام وودي آلن ولكونها أيضا زوجة الرئيس ساركوزي. وقد اضطر المخرج الأمريكي إلى معاودة اللقطة عشرات المرات، مما دفعه في الأخير إلى عتابها. أما المحترفات من الممثلات فلا يستغرق منهن أداء مثل هذه اللقطة سوى بضع دقائق. لو عول وودي آلن على كارلا بروني ساركوزي لتمديد وتمطيط الطوابير لمشاهدة الفيلم حال عرضه في الصالات الفرنسية مستقبلا، لخسر رهان الجمهور والنقاد و«البوكس أوفيس»! على أيّ، كانت الصحافة البريطانية أول من سارع إلى تقديح «الممثلة» كارلا بروني ساركوزي التي رأت فيها ممثلة باهتة ومن دون حضور لامع. وتحت أنظار زوجها الذي حضر تصوير بعض لقطات الفيلم، دخلت وخرجت كارلا إحدى البقالات 35 مرة وهي تتأبط «كوميرة»! كما أن الصحافة سخرت من حضور نيكولا ساركوزي تصوير بعض لقطات الفيلم، فيما المفروض من الرئيس أن يلزم الحياد، حتى وإن كانت زوجته قد «رضعت الفن» منذ صغرها! المشكل هو أن فرنسا مع آل ساركوزي أصبحت تعيش دلع ومخمليات الجمهوريات الموزية، حيث يباح للزوجات نظم الشعر وتعاطي النحت والرسم والنفخ في الميكروفون والوقوف خلف الكاميرات.