استمعت السلطات الأمنية بفاس، بداية الأسبوع الجاري، إلى ثلاثة مسؤولين إداريين يعملون بالقيادة الجهوية للوقاية المدنية بفاس، وذلك في إطار ملف التحقيق في مآل شواهد طبية لرجال إطفاء أصيبوا أثناء تدخلهم من أجل إخماد حريق المركب الخزفي بالمدينة، في السنة الماضية. وواصلت المفتشية العامة للوقاية المدنية استدعاء مسؤولين كبار في القيادة الجهوية، وذلك لتعميق البحث في هذا الملف الذي خرج إلى الصحافة في تزامن مع توصل القيادة العامة بشكايات متفرقة لرجال الوقاية المدنية الذين يقدمون أنفسهم على أنهم متضررون من تجميد شواهد طبية في رفوف إدارتهم الجهوية لأسباب يصفونها ب«الغامضة». ولم تقف «انتفاضة» المتضررين عند هذا الحد، فقد بعثوا رسالة التماس إلى الديوان الملكي بتاريخ 5 يوليوز الجاري، يطالبون فيها ب«الإنصاف وإعادة فتح التحقيق في واقعة المركب الخزفي «كوصيما» بفاس». وشهد هذا المركب اندلاع حريق مهول منذ حوالي سنة ونصف، أدت التدخلات من أجل إطفائه إلى وفاة القائد الإقليمي للوقاية المدنية وعنصر آخر من رجال الإطفاء وأحد عمال المركب، وإلى إصابة القائد الجهوي للوقاية على مستوى رجله، وهي الإصابة التي نجم عنها بترها، إلى جانب إصابة 6 إطفائيين آخرين. واستغرب الأفراد الستة المصابون في هذا التدخل، في الرسالة التي بعثوا بها إلى الديوان الملكي والتي توصلت «المساء» بنسخة منها، عدم مغادرة الشواهد الطبية والأوراق الإدارية المتعلقة بحوادث الشغل للثكنة التي يتبعون لها، مع إشارتهم إلى أن أحد المسؤولين الكبار في قيادتهم الجهوية قد توصل بتعويضات هامة، تراوحت ما بين مادية وعقارية، من صاحب المعمل الذي تحول، بعد الحريق، إلى خراب قبل أن يكون مسرحا لأوراش بناء في منطقة استراتيجية غير بعيدة عن وسط المدينة. وكان هؤلاء الإطفائيون قد تساءلوا في وقت سابق، في اتصالات مع «المساء»، عن وجود تقارير من شأنها أن تكون مغلوطة حول الحريق ومسبباته، وشروط سلامة بناية المركب، ومعايير السلامة الصحية داخله باستحضار ما كان يتضمنه من كميات غاز البروبان. ودعوا إدارتهم العامة وولاية جهة فاس، في رسائل مجهولة، إلى فتح تحقيق في ملابسات الحريق وتداعياته، متحدثين، بلغة اليقين، عن كون هذا التحقيق سيكشف عن استفادة البعض من شقق متفاوتة الحجم من صاحب المصنع، إضافة إلى أن «هناك أشياء أخرى» لم يشرحوها، قالوا في رسالتهم إن التحقيق سيميط اللثام عنها. وكانت إدارة المركب الخزفي، الذي يعود بناؤه إلى سنة 1966، قد عمدت، مباشرة بعد حريق 10 يناير 2009، إلى تسريح عماله الذين دخلوا في اعتصامات مفتوحة قبالة مقره، قبل أن ينهوا معركتهم ب«هدوء». وفتحت السلطات تحقيقا حول ملابسات الحريق الذي شارك في إطفائه حوالي 120 إطفائيا من فاس والرباط، لكن دون أن يتم، إلى حد الآن، الإعلان، بشكل رسمي، عن نتائج التحقيق.