مازال سكان مدينة طنجة يعيشون معاناة مريرة مع المقابر، خصوصا بعد أن أصدر والي طنجة قرارا بمنع الدفن في «مقبرة مرشان»، بدعوى أنها لم تعد قادرة على استقبال أي ميت، لكن يبدو أن هذا القرار لم يكن ليشمل جميع الموتى، لأن المقبرة مازالت تتسع لبعض الموتى المنتمين إلى عائلات لها نفوذ داخل المدينة... وقال شهود عيان ل«المساء» إن عملية الدفن مازالت مستمرة داخل مقبرة «مرشان» رغم وجود قرار بإيقاف عملية الدفن فيها، وهذا ما أثار استغراب وامتعاض السكان، خصوصا الذين تم منع دفن موتاهم داخل هذه المقبرة. ووجهت مواطنة شكاية إلى الوالي، توصلت «المساء» بنسخة منها، تستغرب منع دفن والدتها في مقبرة مرشان، وتقول إنه «في الوقت الذي يتم الترخيص للبعض بدفن موتاهم، فإن آخرين يتم منعهم، حسب المزاجية والمحسوبية، أو لمن يدفع ويشتري القبر بأثمان أكبر». وكانت السلطات المحلية أصدرت قرارا بإغلاق المقبرة، لأسباب قالت إنها أمنية، بعدما صارت قبور الموتى مهدَّدَة من قِبَل منحرفين يقومون بهدمها وإعادة بيعها بأسعار تتراوح ما بين 800 و1000 درهم، بعدما يتبين لهم أنها مهملة أو لا يأتي أحد لزيارتها. وكان قرار منع الدفن في مقبرة مرشان قد خَلَّف استياء مستشارين جماعيين انتقدوا إقدام السلطات المحلية على اتخاذ هذا القرار، بشكل انفرادي، على اعتبار أن هذا الإجراء يحتاج إلى أن يُنَاقَش داخل المجلس ويتم إصدار مقرر جماعي بهذا الشأن. ولا تبدو وضعية مقبرة مرشان أفضل حالا من مجموعة من المقابر الأخرى داخل المدينة، وعلى رأسها مقبرة «المجاهدين»، التي امتلأت هي الأخرى ولم يعد فيها مكان للدفن، مما اضطر السلطات المحلية إلى التفاوض مع مسؤولين عن نظارة الأوقاف، من أجل تسليمها بعض الهكتارات الموجودة في الضفة اليسرى للمقبرة قصد توسعتها. وباستثناء عملية التوسعة التي سوف تشهدها مقبرة المجاهدين، التي حطمت الرقم القياسي من حيث عدد المنحرفين والمتسولين الذين يرابطون داخلها، فإن باقي المقابر سوف تظل على وضعيتها الحالية، لاسيما وأن السلطات لم تقدم أي بديل، بعد إصدار قرار وقف الدفن في مقبرة مرشان، مما يعني أن موتى هذه المنطقة ربما سيحتاجون إلى إجراءات جد معقدة، من أجل نقل موتاهم إلى مقبرة المجاهدين أو إلى مقابر أخرى. وفي الوقت التي تشهد مقابر المدينة هذه الوضعية المزرية، لم يتدخل مجلس المدينة لحل هذا الإشكال، باعتباره المسؤول الأول عن المقابر، ذلك أن الجماعة هي التي تستخلص أموال القبور، حتى إن المكتب المسيِّر لم يخصص طيلة سنة كاملة، ولو نقطة واحدة ضمن جدول أعمال الدورات السابقة لمناقشة وضعية المقابر داخل المدينة. وترى مصادر مطلعة أن معاناة ساكنة طنجة مع المقابر ربما قد تستمر إلى شهور بل لسنوات إذا لم توفر السلطات المحلية والمجالس المنتخَبة أراضي صالحة للدفن، وهو الأمر الذي قد تكتنفه بعض الصعوبة، على أساس أن الأراضي القليلة المتبقية في مدينة طنجة أصبحت كلها تحت رحمة «وحوش العقار».