منذ أن دخل المغرب مرحلة إعادة هيكلة الحقل الديني، وموضوع الزوايا الصوفية في المملكة يسترعي الاهتمام من لدن مختلف الأطراف في الداخل والخارج، بل تحول إلى ورقة سياسية تُلعَب لمحاولة سحب البساط من المغرب الذي يتوفر على إرث صوفي هائل يحتاج فقط إلى الترشيد والتنظيم لكي يكون عنصر إغناء للهوية المغربية. وقبل سنوات قليلة، أقدمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تنظيم ملتقى «سيدي شيكر» والإعلان عما أسمته «القرية الصوفية الكونية»، بهدف تقوية موقع المغرب على الصعيد العالمي، ولكن الوزارة لم تنتبه إلى الألغام الكثيرة «المزروعة» في هذا الحقل الصوفي، بفعل تدخلات خارجية -وأساسا جزائرية- للحيلولة دون لعب المغرب دوراً كهذا.. والحال أن الوزارة انتقلت، سريعا، إلى التبشير بنجاح مخططها حول هيكلة الزوايا، دون أن تعطي فرصة للمشاورات والنقاشات، لتصفية أجواء عقود طويلة من الزمن، لا يكفي لعلاجها عقد ملتقى عالمي في يومين أو ثلاثة أيام للقول إن الأمور جيدة وفي مسارها الصحيح. وكمثال على ذلك، يكفي الاطلاع على ما يجري داخل الطريقة العلاوية وجمعية الشيخ العلاوي، التابعة لها في المغرب، وصراع المرجعيات داخلها، وقضية الوحدة الترابية للمغرب، حيث ما زالت الوزارة، إلى حد الآن، تتعامل مع هذه القضية وكأنها تجري في كوكب المريخ، علما بأن الأمر يتعلق بطريقة صوفية لها حضور نافذ في الجزائر ولديها آلاف الأتباع والمريدين في المغرب، والوزارة مسؤولة عن «الأمن الروحي» لهؤلاء، طالما أنها تتحدث عن التحصين ومحاربة الأفكار الدخيلة والنموذج المغربي في التدين.. وواضح أنه إذا كان هناك فعلا نموذج مغربي في التدين، فهو يتعلق بالحفاظ على ثوابت ومقدَّسات البلاد، ومن بينها قضية الوحدة الترابية للمملكة.