عين الملك محمد السادس محمد الكبير بن أحمد التيجاني شيخا للطريقة التيجانية بجميع زواياها، بظهير شريف، في أول مبادرة ملكية منذ تنظيم «جمع المنتسبين إلى الطريقة التيجانية» في يونيو 2007 بفاس، الذي كان أول ملتقى لأتباع الزاوية منذ أزيد من عشرين عاما. وقال مقدم الزاوية التيجانية بفاس، التيجاني الزوبير في تصريحات ل«المساء»، إن التعيين الملكي «جاء ليسد الفراغ الذي استمر أربع سنوات تقريبا»، منذ وفاة آخر شيخ للطريقة في المغرب، التيجاني البشير بن محمد الكبير. وأضاف الزوبير أن العرف في المغرب جرى أن يسلم سلاطين المغرب ظهائر التعيين لشيوخ الطريقة، وهو نفس الأمر الذي قام به الملك محمد الخامس مع الشيخ التيجاني الطيب بن علال، والحسن الثاني مع التيجاني البشير بن محمد الكبير. وقال الزوبير إن تعيين شيخ الزاوية «سوف يعطيها إشعاعا أكبر في هذه المرحلة»، لأن مهمته ستكون هي التحدث باسمها رسميا في المحافل الدولية، وتمثيلها في الملتقيات خارج المغرب، والتنسيق بين مختلف الزوايا المتواجدة بالمغرب. ليكون الملك محمد السادس بذلك قد سحب البساط من تحت قدمي بوتفليقة الذي حاول الاستحواذ على الطريقة التيجانية. وقد دخلت الجزائر منذ عامين على خط التنافس مع المغرب في تقوية الزاوية التيجانية بها، حيث تم تنظيم لقاء ثان في بلدة عين ماضي، حيث ولد مؤسس الطريقة سيدي أحمد التيجاني، إثر اللقاء الذي احتضنته مدينة فاس قبل عامين، وتم تعيين شيخ جديد للزاوية التيجانية هناك. وسعت الجزائر، حسب مراقبين ومسؤولين في الزاوية، إلى سحب الإشعاع الروحي من الزاوية التيجانية في المغرب، التي تعتبر الزاوية الأم، كون شيخها المؤسس مدفونا بفاس، حيث يوجد ضريحه الذي يعد مزارا يقبل عليه سنويا مئات الآلاف من المريدين من مختلف أقطار العالم. وبالمقابل تعيش الزاوية الكتانية، إحدى كبريات الزوايا الصوفية في المغرب، حالة من الغليان الداخلي بسبب التخوف من حصول تصدع فيها، إثر تسليم الظهير الشريف للمشيخة إلى أحد أفراد العائلة الكتانية، وهو عبد اللطيف بن محمد الطيب الشريف الكتاني، يوم الجمعة الماضي، من طرف الملك محمد السادس بمسجد القرويين بفاس. وقالت المصادر إنه لأول مرة يسلم ظهير ملكي شريف لشيخ من شيوخ الطريقة الكتانية عبر تاريخها، خلافا لبعض الزوايا الأخرى، مما يؤشر على تحول في الموقف الرسمي. وبخصوص الظهير الذي تسلمه عبد اللطيف بن محمد الكتاني، قالت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إنه حتى الآن لا يعرف ما إذا كانت الطريقة ستكون برأسين، لأنه يتضمن تعيين الشخص المذكور شيخا للزاوية وناطقا باسمها ومسؤولا عن تسييرها. وسبق لعبد اللطيف بن محمد، وهو من مواليد 1931، أن عمل في السابق رئيسا للمركز الإسلامي بروما، ثم رئيسا للمركز الإسلامي بنيروبي، كما عمل وزيرا مفوضا بالسفارة المغربية في المملكة العربية السعودية. وذكر مصدر مقرب من الطريقة الكتانية أن تعيين عبد اللطيف بن محمد الكتاني فاجأ مريديها، لكون يوسف الكتاني هو شيخ الطريقة الكتانية في المغرب، رسميا، ولم تستبعد أن يرفع هذا الأخير إلى الملك محمد السادس شكواه، مضيفة أن يوسف الكتاني يعتبر أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، هو الذي يقف وراء إبعاد اسمه من البروتوكول وتقديم عبد اللطيف بن محمد الكتاني، لحسابات بين الاثنين، وذلك في إطار سياسة إعادة هيكلة مشيخات الطرق الصوفية التي يشرف عليها وزير الأوقاف، والتي أطلقها في سبتمبر من السنة الماضية، بتنظيم لقاءات سيدي شيكر، قريبا من آسفي، لمجموع الزوايا الصوفية في المغرب، والتي كانت قد أثارت قلق بعض الزوايا، ومنها الزاوية الريسونية، لكونها اعتبرت ذلك تدخلا من التوفيق في شؤونها الداخلية. ومعلوم أن العديد من الزوايا الصوفية تعيش مشكلات داخلية بخصوص المشيخة أو العقارات، وبعض هذه النزاعات وصل إلى قاعات المحاكم، مثلما حصل مع الزاوية الكتانية نفسها، عندما تنازع شيخها الحالي يوسف الكتاني مع الشيخ بدر الدين الكتاني، وأصدرت المحكمة حكما بإبطال مشيخة هذا الأخير، وعقد مريدو الطريقة اجتماعا حضره مسؤولو الرباط انتهى إلى انتخاب يوسف الكتاني شيخا للطريقة.