توصلت إدارة وكالة إنقاذ فاس والتخفيض من الكثافة السكانية بما يفوق 10 طلبات للمغادرة الطوعية، بعدما أعلنت، في الفترة ما بين 18 و25 يونيو الماضي، عن فتح هذا الباب أمام حوالي 60 مستخدما من أطرها وتقنييها. وبررت الإدارة فتحها باب هذه المغادرة الطوعية بتفعيل توصية اجتماع سابق للمجلس الإداري للمؤسسة، انعقد في نهاية فبراير الماضي. ولم يحسم اجتماع لهذا المجلس عقد في 29 يونيو الماضي في مآل هذه المغادرة الطوعية التي يعود سبب تحريكها إلى التخوف من أزمة صبيب مالية قد تصل إلى حد عجز هذه الوكالة عن أداء أجور مستخدَميها، بعدما عجزت، منذ مدة، عن إعادة إطلاق موقعها على الأنترنت. ويعود تاريخ إحداث هذه المؤسسة شبه الخاصة ذات رأس المال العمومي إلى سنة 1989، حيث عوضت مندوبية المحافظة على مدينة فاس، التي كانت تعمل تحت إشراف وزارة الداخلية، وأسندت لها مهمة التدخل لإنقاذ بنايات فاس العتيقة، وبدأت هذه الأشغال التي مولت في البداية من قبل البنك الدولي، في سنة 1991. ويضم مجلسها الإداري عضوية جل القطاعات الحكومية، ومنها وزارة الإسكان والأوقاف والثقافة، إضافة إلى مؤسسة الإيداع والتدبير والقرض العقاري والسياحي والمجلس الجماعي للمدينة والمجلس الإقليمي ووالي ولاية جهة فاس بولمان وجمعية «فاس سايس». ويترأس اجتماعاتها الكاتب العام لوزارة الداخلية. وعاشت هذه الوكالة أزهى فترات عمرها بمداخيل التصرف في تجزئات عقارية في محيط المدينة. وإلى جانب استثمار هذه العائدات في أداء مستحقات مستخدَميها، فقد صُرِفت جوانب من هذه الميزانيات في مشاريع ترميم وصيانة وإصلاح في فاس العتيقة. وأفضى نفاذ هذه الميزانية إلى دخول هذه الوكالة في مرحلة «عجز» دفعها إلى تشجيع موظفيها على المغادرة الطوعية، قبل أن تصل بها الأوضاع حد التأخر في صرف رواتبهم لأشهر طويلة، كما يحدث بالنسبة إلى مستخدمي وكالة النقل الحضري في المدينة ذاتها. وبالرغم من هذه الوضعية، ما زالت الوكالة تواصل عمليات تدخلها في المدينة العتيقة. وكانت هذه العمليات محورا لآخر تقرير صادم صدر عن المجلس الأعلى للحسابات، تحدَّث عن صفقات غير قانونية تتم فقط بمكالمات هاتفية وأخرى غامضة، كما تطرق إلى تحويلات لا توجه إلى الغاية التي أعدت لها واعتبر أن تدعيم المباني المهددة بالانهيار بأعمدة خشبية يشكل خطرا على ساكنة المدينة، مضيفا أن هذه الدعامات، والتي كانت في الأصل حلولا مؤقتة، تحولت إلى حلول شبه نهائية تهدد بالانهيار، بسبب تلاشي أعمدة الخشب. ولم تسلم تجزئتا «الرياض» و»عين الشقف»، اللتين شكلتا أهم موارد الوكالة، من انتقادات المجلس الأعلى للحسابات. فقد أشار هذا التقرير إلى اختلالات في تدبير بنيات التجهيز المرتبطة بهما. واعتمد في إصدار هذه الملاحظات على خبراء ينتمون إلى المختبر العمومي للدراسات والتجارب، والمعروف اختصارا ب»LPEE «.