قدمت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أول أمس، تشخيصا سلبيا جدا لواقع المغرب في مجال مكافحة الرشوة والفساد في مختلف القطاعات. وأوضحت أن المؤسسات العمومية تأتي في طليعة القطاعات الحكومية والخاصة التي يتهددها الفساد. وردت الهيئة انتشار هذه الظاهرة المتنامية إلى قضية الإفلات من العقاب الذي بات يقض مضجع مختلف الهيئات العاملة في إطار مكافحة الفساد بالمغرب وخارجه. وخرجت بخلاصة تقول إن البحث عن تدابير لسد ثغرات القوانين الزجرية في هذا الباب، فضلا عن إبداع إجراءات بديلة للحد من هذه الظاهرة، بات أمرا حتميا. لكن أبرز ما كشفه التقرير هو أن المغرب تعوزه استراتيجية متكاملة، محددة الزمن والأهداف، لمحاربة الرشوة والفساد، في القطاعين الحكومي والخاص، وكذا آليات عملية لتفعيل ترسانته القانونية. هذه الخلاصات تأتي بعد سنوات من الحديث عن شعار تخليق الحياة العامة ومحاربة الرشوة، قبل أن يتم تنصيب الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة. وهي خلاصات تبين أن تلك الشعارات الحكومية كانت مجرد بالونات فارغة في الهواء، في غياب آليات قانونية واضحة وعدم وجود إرادة سياسية حقيقية لدى الحكومة للقضاء على هذه الظاهرة التي أصبحت جزءا من الحياة العامة للمواطنين في الإدارات والمؤسسات العامة، حيث إن المشكل الذي أصبحنا نعاني منه اليوم هو أن المجتمع المغربي حقق نوعا من التطبيع مع موضوع الرشوة التي لم تعد بمثابة محظور اجتماعي أو سياسي. ورحم الله أيام «ناس الغيوان» الذين اعتقلوا فقط لأنهم غنوا عن الرشوة عندما قالوا: «والحاكم تايزور تايستقبل الرشوة»، لأنه رغم انتشار الرشوة في تلك الفترة فإن المجتمع والدولة لم يكونا قد طبّعا علاقاتهما معها كما هو الحال اليوم.