خلال اجتماع المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية الأخير، قدمت دراسة اكتوارية بشأن الوضع المالي للتعاضدية، ما هي أهم خلاصات هذه الدراسة؟ في البداية، لا بد من توضيح السياق الذي جاءت فيه هذه الدراسة. عندما تسلمنا مهمة تسيير التعاضدية العامة، قدمت لنا الإدارة تقريرا مفصلا عن الوضعية المالية والاختلالات الهيكلية الخطيرة التي كانت توجد عليها، وهذه الاختلالات تنعكس بشكل مباشر على الخدمات التي تقدمها للمنخرطين. وقام المجلس الإداري في البداية باعتماد مخطط من شهرين لإنقاذ الوضع وإيقاف النزيف، ونجحنا في ذلك. ثم بعد ذلك اعتمدنا مخططا استراتيجيا يهدف إلى إعادة الهيكلة وتنمية المؤسسة. غير أن أصواتا ارتفعت من داخل التعاضدية ومن خارجها تشكك في الأرقام التي قدمت بشأن الوضع المالي، وتحدثت تلك الأصوات عن كون تلك الأرقام مغلوطة، وفيها تهويل. وبالتالي عمدنا إلى مركز دراسات من أجل القيام بدراسة حول الوضع المالي للتعاضدية. كشفت الدراسة أن الوضع المالي للمؤسسة خطير، كم هو حجم العجز المالي للتعاضدية؟ إن الدراسة الاكتوراية التي أنجزها مكتب الدراسات لم تظهر فقط عجزا ماليا للتعاضدية فقط، بل أبانت عن اختلال بنيوي داخل التعاضدية. فالعجز المالي سنة 2009 بلغ ما يقرب من مليارين و600 مليون سنتيم، وهذا العجز مرشح للارتفاع في السنوات القادمة. والأخطر من ذلك أن العجز لا يهم فقط صندوق التعاضد، بل يشمل أيضا صندوق التقاعد والوفيات التي كشفت الدراسة أنها تعرف خللا بنيويا، وهذا ينعكس بشكل كبير على الخدمات المقدمة للمنخرطين. وزادت الدراسة أن الأموال المرصودة للتسيير تصل إلى 56 في المائة، في حين أن المنخرطين لا يستفيدون إلا من 10 في المائة من قيمة انخراطهم. فعلى سبيل المثال إذا كان المنخرط يقدم 100 درهم، فإنه لا يستفيد إلا من 10 دراهم، وهكذا دواليك. وبالتالي فالمنخرط الذي من المفترض أن يستفيد أولا وأخيرا، نجد أن نصف الموارد المالية للتعاضدية تذهب إلى التسيير وهذا أمر غير طبيعي وغير صحي، إذ إن الميزانية المخصصة للتسيير لا يجب أن تتجاوز 10 في المائة وفي أسوء الأحوال 15 إلى 20 في المائة. ما هي القرارات التي ستعتمدونها من أجل مواجهة هذا الأمر؟ هذه الوضعية هي بطبيعة الحال مقلقة ولا تدعو للارتياح، ويجب مواجهتها بحزم وجدية. وأعتقد أن أولى القرارات التي يجب أن يتخذها المجلس الإداري للتعاضدية هو الاحتكام وتطبيق القانون سواء في الحسابات والصفقات والاقتناءات وتدبير الموارد البشرية، إضافة إلى قرارات تهم الجانب الإداري والمالي.
عبد المولى عبد المومني - رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية