نصب الباعة المتجولون في ساحة مسجد طارق في البرنوصي في الدارالبيضاء دمية ووضعوا عليها «لمسات خاصة» توحي بالحرمان الذي طال أبناءهم، بعد أن منعوا من استغلال ساحة المسجد التي تعودوا عرض بضاعتهم فيها للاسترزاق وكسب كسرة خبز لأطفالهم. الدمية تجسيد لواقع بدأت بوادره تظهر على الباعة المتجولين وعلى أطفالهم، فالجوع نتيجة حتمية في ظل عدم توزيع هؤلاء الباعة على مناطق أخرى أو تنظيمهم في سوق نموذجي يراعي إنسانيتهم ويحفظ مدخولهم اليومي وقوت أسرهم، خاصة أن التجارة تعرف انتعاشا في مثل هذه الفترة من السنة، حسب بعض المتضررين. ويعتزم الباعة المتجولون، الذين يخوضون اعتصامهم المفتوح منذ السبت الماضي، خوض معركة «الأمعاء الفارغة»، إلى حين تعاطي الجهات المسؤولية بشكل إيجابي مع المشكل الذي أُقحِموا فيه، بسبب انطلاق الأشغال لبناء سياج حديدي وحائط حول ساحة مسجد طارق، مما سيحرمهم من قوت يومهم. وأكد مصدر من الباعة أنْ لا شيء سيثنيهم عن مواصلة الاعتصام الذي سيليه إضراب عن الطعام، إلا إيجاد حلول بديلة تخرج الباعة من حصار «التجويع» الذي فُرِض عليهم وفتح حوار جاد للإبقاء على لقمة العيش التي يحصلون عليها من «الفراشة». واعتبر المصدر نفسه أن إنشاء هذا السياج كان يتطلب أن يوازيه تفكير مسؤول في مصير عدد كبير من المواطنين والمواطنات الذين لا دخل لهم سوى من هذه التجارة، بل إن منهم من قضى أكثر من عشرين سنة في هذه الساحة. تقول «هندح.»، تاجرة متجولة، وهي مطلقة بأربعة أطفال، أكبرهم لا يتجاوز السادسة عشرة من عمره، إنها تزاول التجارة «الفراشة» في هذه الساحة منذ سنوات، ومنها تؤدي ثمن استئجار «المطبخ» الذي تكتريه من أجل السكن رفقة أطفالها، كما تؤدي عن طريق «الفراشة» أقساط سلفات صغرى تحاول بواسطتها تطوير تجارتها البسيطة. وتساءلت «هند» عن مصير أطفالها بعد إغلاق الساحة وكيف ستوفر لهم قطعة خبز؟... ويرفع المحتجون في اعتصامهم شعارات تندد بالمقاربة «اللا اجتماعية» التي تنهجها سلطات العمالة وبطريقة «الكيل بمكيالين» التي تتعامل بها السلطات المحلية معهم، ذلك أن من يعرقلون السير ويحتلون بعض الطرق العمومية حسب تصريحاتهم،لا يلقون المعاملة نفسها التي يتعرض لها باعة ساحة مسجد طارق، والذين لا يتسببون في أي عرقلة في حركة المرور. وردد المحتجون شعارات تندد بتسييج الساحة من قبيل «بالوحدة والتضامن اللّي بْغيناه يكونْ يكونْ، سياسة التقشفْ شي يْفرشْ وشي يشوف..). وتجدر الإشارة إلى أن ظاهرة الباعة المتجولين آخذة في الارتفاع، بسبب الإغلاقات المتتالية لشركات النسيج، حيث إن أغلب من طُرِدوا من العمل يتوجهون نحو التجارة الحرة في الأسواق الشعبية.