مباشرة بعد انتهاء اجتماع المجلس الإداري لشركة «صورياد دوزيم»، بدأ مكتب إدارة القناة الثانية بالطابق الرابع يستعد لاستقبال أصغر مدير في تاريخ القناة. أبصر سليم الشيخ النور في الرباط في أبريل 1972 من أبوين يعملان في المكتب الوطني للسكك الحديدية.. التحق سنة 1990 بثانوية مولاي يوسف بالعاصمة الرباط، ثم غادرها وقد حصل على شهادة الباكالوريا بتفوق، واجتاز امتحانا وحيدا ابتسم له ليجد مقعده داخل المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات المختص في تكوين أطر عليا تضطلع بمهام تسيير مقاولات القطاع الخاص أو العمومي. بعد أربع سنوات غادر الشاب الرباطي المعهد بديبلوم في التسويق والاتصال واعترف للمقربين منه بأنه اختار دراسة الرياضيات لأنه «يرغب في تعميق فهمه للروح الإنسانية». أصدقاء طفولته يتذكرون عشقه للموسيقى الذي جعله يخصص لها جزءا من المنحة الدراسية التي حصل عليها من أجل الانتساب إلى فرقة للجاز وسعت من شعبيته بين زملائه داخل المعهد..»كنت أحس أنه من الطبيعي أن تكون متفوقا في الدراسة لأنه في اعتقادي لا تستقيم الأشياء بالنسبة إلي إذا تم إنجاز نصفها فقط». في سنوات طفولته لم يستطع أبدا الجواب عن سؤال تقليدي يطرحه الكبار عليه: «بماذا تحلم أن تكون عندما تكبر؟» ففي كل المناسبات لم يكن يجد الإجابة المناسبة.. التحق مباشرة بعد تخرجه بشركة «بيل» المنتجة لجبنة البقرة الضاحكة حيث عمل مساعدا للمدير المسؤول عن المنتوج، استمرت التجربة مع الشركة الفرنسية مدة ست سنوات. تعاقد سنة 2000 مع «أونيليفر المغرب» وهي شركة متعددة الجنسيات متخصصة في مواد التنظيف التي عينته مديرا للتسويق داخلها إلى حدود سنة 2003، اعترف سليم الشيخ أنها كانت تجربة مهنية غنية اكتشف فيها المفاهيم الإنسانية للثقافة الانجلوساكسونية في تسيير المقاولات وتدبير الموارد البشرية والتي تركز منهجياتها العملية على «ثقافة النتائج المحصلة». زاوج سليم خلال عمله بفرنسا بين عمله الإداري والدراسة بتولوز واستطاع سنة 2000 أن يحصل على ديبلوم الدراسات العليا المتخصصة في التسويق. أشرف في أونيلفير على مديرية المنتوجات وقام بتأطير مجموعة من المستخدمين، لينتقل بعدها في فترات متقطعة إلى عدد من دول المغرب العربي، ومتابعة أنشطة تجمع المعلنين بالمغرب التي ظل يديرها ما بين 1998 و2006 بالموازاة مع رئاسته للجنة التسويق بغرفة التجارة الدولية. شكلت سنة 2003 منعطفا جديدا في المسيرة المهنية للمسؤول الشاب، حيث اتصل به مشغله الأول بشركة «بيل» واقترح عليه مركزا مغريا وهو أن يكون على رأس مديرية التسويق. لم يتردد في الموافقة واستمر في ذلك إلى حدود يناير 2006، ليقترح عليه المسؤولون من جديد منصبا ب»بيل أنترناسيونال». تحفظ في البداية عن قبول المنصب المعتمد في باريس لكنه وافق في النهاية على تسلمه.. انفتاحه على فضاء المقاولات الأوروبية مكنه من المشاركة في دورات تدريبية دولية في مجال التسويق والإشهار وتكنولوجيات السمعي البصري في بروكسيل ودوربان وجوهانسبورغ وبومباي وباريس. بعد ستة أشهر، تم اقتراح اسمه لشغل منصب الإدارة العامة لوكالة الإشهار بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة(صاب سابقا) ليستقيل نهائيا من «بيل» ويحل بالمغرب لاستلام منصبه الجديد. عمل على تأسيس هيئة رواج الصحافة الوطنية (أو جي دي) حيث يدير أمانتها المالية، إلى جانب موقعه كنائب رئيس للمركز البين-المهني لقياس نسب مشاهدة القنوات التلفزية. مصادر من القناة أكدت أن التغيير الذي عرفته القناة على رأس الإدارة العامة سيجعل سليم الشيخ في بؤرة المجهر الإعلامي السمعي البصري بالمغرب، بعد أن تشبع خلال مساره المهني الذي امتد طيلة 14 سنة بمبادئ التسيير المؤسساتي وثقافة المقاولة، وسيجد أمامه ملفات تتطلب معالجة، عميقة خاصة بعد أن كشف التدقيق الداخلي عن وجود ثقب مالي في ميزانية القناة تجاوز 11 مليار سنتيم، وتذمر الصحفيين من توزيع المهام بين مختلف الأقسام... لا يفضل سليم الشيخ، على غرار فيصل العرايشي، الخوض في السياسة التي أسر للمقربين منه بأنه يفضل الابتعاد عنها ما أمكن، واستطاع بالمقابل ربط علاقات مع المقاولات وكبار المعلنين بالمغرب ونجح حسب المتتبعين في استثمار الثقة التي وضعها فيه فيصل العرايشي الذي ساند ترشيحه في المنصب الجديد.