«الدولة كتركع.. البوليس كيقمع.. والوزير كيجمع.. والبرلمان كيكمع والشباب مشمع...»، إنه جزء فقط من الأغنية الشهيرة لمجموعة «البانك» المغربية «هوسة» والمعنونة ب«الوداع»، والتي قدمتها المجموعة مؤخرا أمام مئات من الشباب المغاربة في إطار فعاليات مهرجان «البولفار» في عيد ميلاده العاشر، وبينما كانت جماهير «هوسة» تردد كلمات الأغنية دون خوف ولا تردد، شوهد على ملامح بعض رجال الأمن بعض الغضب وهم يستمعون إلى صوت واحد يردد «البوليس كيقمع». وقد ظلت أغنية «الوداع» لمجموعة «هوسة» من الأغاني التي يطالب منظمو المهرجانات بتفادي تقديمها في المهرجانات، وهو ما تسبب، ولمدة طويلة، في إقصاء هذه المجموعة من المشاركة في أغلب مهرجانات المملكة، وكانت دائما تسبب العديد من المشاكل لأعضاء الفرقة، كما سبق لخالد موقدار مؤدي الأغنية أن صرح في وقت سابق بأن «أعضاء المجموعة كانوا كلما قاموا بأداء تلك الأغنية في أحد المهرجانات ينتظرون أن تلقي الشرطة عليهم القبض مباشرة بعد انتهاء الحفل»، لكن أعضاء الفرقة كانوا يتمسكون دائما بأدائها، حتى إنهم تجرؤوا يوما وقدموها أمام وزير الثقافة السابق محمد الأشعري، وأسمعوه أمام الملأ «الدولة كتركع.. والوزير كيجمع...». في المقابل وصف المغني جزائري الأصل «أمازيغ كاتب»، مؤسس فرقة «كناوة ديفيزيون»، الحكام العرب ب«الشفارة»، خلال السهرة الختامية للمهرجان، التي نظمت مساء أول أمس بالدارالبيضاء، وظل لوقت طويل يتساءل مع مئات الجماهير التي حضرت السهرة: «هل تعرفون أن السرقة حرام، وعلاش شفرتونا يا أولاد لحرام؟» في إشارة إلى تفشي الرشوة والفساد في المجتمعات العربية، كما صرح أمازيغ من على خشبة البولفار: «الحكام يخافو لعجاجة ولكن غاديا تنوض»، كما لم يتردد مغني الفيزيون الأشهر في مواجهة الرئيس الأمريكي جورج بوش وقال عنه إنه «مات بسبب حقنة زائدة من مشروب كوكا كولا»، وخصص له أغنية كاملة شارك فيها كل من بدر عن مجموعة «ضركة» وخالد عن مجموعة «هوسة»، إلى جانب أمازيغ، بالإضافة إلى موسيقيين آخرين من مجموعة «أمارغ فيزيون» و«سانكوب». وعرفت السهرة الختامية لمهرجان البولفار، ليلة أول أمس، مشاركة مئات الشباب من كل أنحاء المغرب، بحيث كان الجميع ينتظر الفقرة الموسيقية لزعيم الفيزيون المغاربي أمازيغ كاتب، ابن الكاتب الجزائري «كاتب ياسين» صاحب رواية «نجمة»، أمازيغ أطر «إقامة فنية» جمعت بين أشهر فرق الفيزيون المغربية، عملوا من خلالها على إعادة عزف مجموعة من المقطوعات الغنائية من التراث الكناوي بأسلوب جديد وإيقاعات جديدة، كما أعادوا تقديم أغنية «لعفو» لمجموعة هوسة، وقدموا مقطوعة غنائية جديدة «أهدوها إلى جورج بوش»، ورددها كل الحاضرين في السهرة تقول: «بوش مشا دوكا.. بأوفردوز تاع كوكا». من جهة أخرى، تميزت الدورة العاشرة للبولفار هذه السنة بحضور قافلة «مناهضة القرقوبي والمخدرات»، التي ظلت تجوب فضاء البولفار طيلة أيام المهرجان، وقد استحسن العديدون القافلة، وفي تصريح ل«المساء» قال مصطفى ضاعوف، المسؤول الإعلامي للقافلة: «إن القافلة تأتي في سياق برنامج وضعه المسؤولون عنها منذ بداية السنة قبل انطلاق حملة أخرى ستجوب الأحياء المهمشة في الدارالبيضاء»، وقد عمل أصحاب القافلة على توزيع العديد من المنشورات طيلة أيام البولفار، واختاروا أن يعبروا عن مخاطر المخدرات من خلال هيكل ضخم مصبوغ باللون الأحمر يجوب كل أركان المهرجان، ويحمل لافتة كتب عليها «لا للقرقوبي.. لا للمخدرات». للإشارة، عرفت الدورة الأخيرة ل«البولفار»، شأنها شأن جميع الدورات السابقة، حضورا أمنيا كبيرا، حيث لم يسبق أن سجلت أي أحداث عنف على مدى الدورات العشر من المهرجان بين جمهوره، ورغم ذلك فقد حاصرت سيارات القوات المساعدة كل جوانب ملعب «ليطوال» الذي احتضن سهرات البولفار، وكان المثير هذه السنة هو أن رجال الشرطة قاموا بانتزع كل السلاسل الحديدية التي يزين بها هواة موسيقى «الميطال» سراويلهم وملابسهم من أصحابها عند مدخل الملعب، كما تم تفتيش حقائب وجيوب كل عشاق المهرجان، ومصادرة حاملات المفاتيح التي تتوفر على سكاكين صغيرة.