- سيدي الرئيس، كيف حالك؟ < أستغرب كثيرا عندما أسأل عن أحوالي الصحية، فكما ترون أنا في أحسن حال. - بعد أن شغلت لمدة تقارب نصف قرن مناصب كبرى في الدولة، منها منصب رئيس الدولة، ماذا كان إحساسك عندما استيقظت يوم السادس عشر من ماي 2007؟ < تناولت فطوري كالعادة. بطبعي، لست متقلب المزاج. صحيح أن الفرنسيين، ربما، تساءلوا: « ماذا سيفعل شيراك الآن؟» لكن أنتم تعرفون. أنني بقيت إلى آخر يوم في مدة ولايتي الرئاسية حريصا تماما وملتزما بأن تستمر الحكومة والدولة في أداء وظائفهما كاملة. منذ زمن طويل، عندما كنت أفكر في مرحلة ما بعد الرئاسة، كنت أتمنى أن أخدم العالم بشكل مختلف، أن أنخرط في معارك هي معاركي شخصيا، من أجل احترام الآخر و تشجيع حوار الثقافات وتحقيق التنمية المستدامة، لهذا ارتأيت أن أفضل طريقة للوصول إلى ذلك هي خلق مؤسسة تحمل هذه القيم والأفكار، وهي فكرة استوحيتها من مؤسسة كلينتون ومؤسسة نيلسون مانديلا اللذين طرحت معهما مرارا هذا الموضوع. - تنكب أيضا على تأليف كتاب؟ < نعم، لدي رغبة كبيرة في تأليف كتاب، لقد بدأت في الكتابة للتعبير عن التزامي بعدد من القضايا. لن يكون الكتاب مجرد مذكرات، ولكن أيضا تأملا في تحديات الزمن الحاضر، وفي كل المعارك التي يجب خوضها من أجل التضامن والعدالة وحماية كوكبنا. - وما الذي تفعله غير ذلك؟ < أتحمل مهامي كرئيس سابق للدولة، وأهتم كثيرا بحضور المجلس الدستوري. من جهة أخرى، أستقبل العديد من الشخصيات المنخرطة في العمل الجمعوي، مثلا في مجال العناية بالأشخاص المعاقين ومجال الصحة، كما استقبل خبراء في مختلف الميادين. ولا يخفى عليكم أن مكتبي يوجد في زنقة ليل على بعد 50 مترا من مقر الجمعية الوطنية (البرلمان)، وأنه من السهل على البرلمانيين الذين يودون التحدث إلي أن يقطعوا الشارع ليصلوا إلي... وأنا أستقبلهم استقبال الأصدقاء. من جانب آخر، أتلقى زيارات من شخصيات أجنبية أثناء زياراتها لفرنسا، مثلا مؤخرا زارني شيمون بيريز، حسني مبارك وفلاديمير بوتين. أيضا أسافر أحيانا، فبعد أن سافرت إلى موريطانيا والسنغال ومالي، سأذهب في فصل الخريف إلأى الصين واليابان، ثم أعود مرة أخرى إلى السنغال ومالي، فهذا كله يساعدني على إغناء أفكاري في ما يتعلق بالمؤسسة. - تحضر في المجلس الدستوري إلى جانب فاليري جيسكار ديستان... < في الواقع، قابلته يوم 15 نونبر 2007، مباشرة بعد برنامج تلفزيوني كانت قد شاركت فيه أن إيمون. فقلت للرئيس جيسكار ديستان إنني وجدت مداخلة زوجته ممتازة وطلبت منه أن يبلغها تهاني وتقديري، وأعتقد أنه استحسن ذلك مني. - ما الذي تفتقده أكثر، الحركة أم السلطة؟ < لم أكن أبدا مهتما بامتيازات السلطة، ما كان يهمني دائما هو الحركة وأداء الواجب والالتزام والتواصل مع الناس. والحالة هذه، فإن لدي إحساسا بأنني لازلت أفعل الشيء نفسه، بل إن لدي إحساسا أنني أفعل ذلك بحرية أكبر. وفي هذا الإطار، ناديت مؤخرا إلى التعبئة ضد مشكل كبير ألا وهو مشكل الجوع في العالم. أكاد أجزم بأن أجندتي مليئة تقريبا بنفس الشكل الذي كانت عليه عندما كنت في الإيليزيه. - ما هو هدف مؤسستك؟ < إنها مؤسسة من أجل احترام البشر لبعضهم البعض من أجل السلام، لهذا وضعت لها هدفين رئيسيين، هما حوار الثقافات والتنمية المستدامة. بالنسبة إلي، هذه المؤسسة يجب أن تساهم في النقاشات الكبرى وأن تساعد على تحريك الوعي وتعبئة مختلف الأطراف المعنية من أجل الالتزام بأداء أدوارهما في هذا المجال. أريدها أيضا أن تقوم بأدوار ملموسة وواقعية، البرامج الأربعة الأولى التي سطرناها تسير في هذا المجال، الأول برنامج عن الماء ينطلق من السينغال ومالي... الثاني يتعلق بالصحة ومسألة الدواء، فهناك أعداد هائلة من الناس غير قادرة على الاستفادة من أي خدمات صحية، وهناك أدوية مقلدة وغير نافعة بل قد تكون خطيرة، لهذا فهذا البرنامج يبدأ في البنين من أجل توزيع أدوية ذات جودة على المواطنين. البرنامج الثالث يتعلق بتراجع مساحات الغابات في العالم، وهو سبب رئيسي من أسباب الاحتباس الحراري. أما البرنامج الرابع والأخير فيتعلق بساكنة الغابات، مثل هنود الأمازون والبيغمي في الكونغو والبانتو في إفريقيا، هذه الشعوب التي بقيت منعزلة لمدة قرون رغم أنها تتوفر على ثقافات وتقاليد تعود إلى الأجداد، سوف يفقدونها تماما إذا ما تم إلحاقهم بالمدن، لذا خلقنا مكتبة على الأنترنيت من أجل الحفاظ على هذه الثقافات المهددة بالاندثار، كما أن تسعين في المائة من الستة آلاف لغة التي يتحدثها الناس عبر العالم مهددة بالانقراض خلال هذا القرن. - هل ستنظمون مؤتمرات؟ < طبعا، هناك خبراء معروفون سوف يزودوننا برؤاهم الخاصة حول كل هذه القضايا الحيوية. إن لأعضاء اللجنة الشرفية في مؤسستي، هم أيضا، أدوار يلعبونها وهي أن يتقاسموا معنا تجربتهم وأفكارهم. - كيف تحصل على الأموال اللازمة لتمويل المؤسسة؟ < تمنيت ألا تحصل هذه المؤسسة إلا على أموال من الخواص، وهي الآن تستفيد من مساهمات مهمة، يمكنني أن أشيد بكرم السيدة ليليان بيتنكور. والسيد فرانسوا بينو وعدد من كبريات، الشركات مثل فيوليا البيئة وسانوفي أفانتيس ومختبرات بيير فابر ولازار فرير وفيمالاك... وسوف نتلقى أيضا مساهمات أجنبية. - لقد تحدثت عن الأدوية، ما هي حصيلة «ضريبة شيراك» التي فرضتها انطلاقا من عام 2006؟ < عندما أعلنت عن تلك الفكرة، استقبلت في البداية بشكل سلبي جدا خاصة من قبل شركات الطيران، لكن رغم ذلك، وبالنظر إلى الوضع الذي كنت أحظى به في ذلك الوقت، نجحت في فرضها. لست نادما على تلك الخطوة خاصة وأنه اليوم لم يعد أحد يناقش هذه الضريبة. وانطلاقا من هذه السنة، الثلاثمائة مليون أورو التي تم جمعها تستعمل في تمويل برامج لتوفير الدواء لمعالجة أمراض مثل السيدا والسل ... - كيف تمضي أيامك وعطل نهاية الأسبوع؟ < ليس من طبيعتي أن أجيب عن هذا النوع من الأسئلة، لكنني سأجيبك بما أنك قد سألتني، أستيقظ صباحا وأصل إلى المكتب حوالي التاسعة ولا أغادره إلا في الساعة الثامنة مساء لكي أتناول العشاء في بيتي. وفي الساعة الواحدة، غالبا ما أغيب عن المكتب لكي أحضر غداء عمل. يوم السبت، أعود إلى المكتب، ولكن فقط لكي أتفحص في هدوء الملفات التي لم أتمكن من معالجتها خلال الأسبوع. يحدث أحيانا أن أدخل متجرا أو أن أذهب لزيارة بعض الأروقة الفنية، أما يوم الأحد فحسب الظروف، أقابل أصدقاء أو أخرج. وكثيرا ما أصحب حفيدي مارتان إلى معارض، كما فعلت قبل بضعة أسابيع، حيث ذهبنا إلى معرض تاريخ بابيلون في متحف اللوفر. - هل اكتشفت مزايا القيلولة؟ < نعم، أعترف بذلك، لكن شريطة أن تكون قصيرة، كما كان يقول وينستون تشرتشل. - هل تتصور أن تعود مرة أخرى إلى قصر الإيليزيه؟ < مبدئيا، لا أرى ما يمنعني من ذلك إذا كان هناك حفل رسمي. - هل التلفزيون والراديو والجرائد أشياء مفيدة؟ هل نجحت أخيرا في أن تعطي «وقتا للوقت» وألا تشعر بالملل؟ < الشعور بالملل ليس من طبعي، حتى إنني لا أذكر آخر مرة شعرت فيها بالملل، الفرق الوحيد بين اليوم والسابق هو أنني أصبحت أجد بعض الوقت لكي أقرأ وأطلع على الأخبار. أشاهد التلفزيون وأستمع إلى الإذاعة وأتصفح الجرائد، لكن ليس أكثر من اللازم. ومن وقت إلى آخر أشاهد فيلما.. أفلام رعاة البقر مثلا... - هل تعتقد أن رئيس الدولة أثناء ولايته يكون معزولا عن العالم؟ < لا أعتقد، لكنها مسألة طباع بالمقام الأول، هناك أشخاص بطبعهم يقطعون علاقتهم بالعالم. وإذا تأملت جميع الرؤساء الذين تعاقبوا على جمهوريتنا منذ بداية الجمهورية الخامسة فإنني لا أجد أن أحدا منهم تنطبق عليه هذه الحالة، لقد كانوا جميعا حريصين على أن يبقوا على اتصال بالناس وأن يستمعوا إليهم وكانوا يحاولون أن يعرفوا ما يشغلهم... وهذا جزء من وظيفتهم. إن القول بأن «الإيليزيه هو برج عاج» هو مجرد أسطورة وكاريكاتير. - هل كان التقدير حقيقيا؟ < هناك تقدير واحترام الوظيفة، هذا أكيد. لكن الأمر لا يزيد على حده، فنحن في جمهورية، والوضع جيد هكذا. - تبدو وكأنك تخاف من الموت... < لا أخاف أبدا من الموت، والتقدم في السن لا يخيفني، أنا أومن بالحركة وبأهمية الاستمرار. وإذا كنت قد خلقت مؤسستي فمن بين الأسباب التي دفعتني إلى فعل ذلك كوني أريد أن أنقل إلى الأجيال القادمة عددا من القيم التي أومن بها، ولكي أدافع عن أفكار ومشاريع عزيزة على قلبي. - جاك شيراك، هل يمكن أن يكون أبا وجدا عاديا؟ < بلا شك، الآن، هل أنا أب جيد أو جد جيد، ماذا سيكون جوابك؟ من يمكنه أن يجيبك هما ابنتاي لورانس وكلود وحفيدي مارتان. لست واثقا من أنني جيد جدا، من حيث كوني لم أستطع أن أخصص لحفيدي ما كنت أتمنى أن أكرسه له من الوقت، لكنني سأستدرك الأمر. - هل هناك أشياء أنت نادم عليها؟ < بل هناك مشاريع أفكر فيها. - حصلت زوجتك بيرناديت على وسام الشرف، هل هذه مفاجأة؟ < تشغل زوجتي منذ تسع وعشرين سنة مقعد مستشارة عامة في «لا كوريز» وفي بلدية ساران. وقد بذلت مجهودا كبيرا في مؤسسة مستشفيات فرنسا، وفي جمعية «لو بون نوف» التي ظلت ترأسها منذ 1990. فحتى لو لكم تكن برنارديت تحمل لقب شيراك فإنها كانت ستحصل ومن زمن بعيد على وسام الشرف نظرا إلى أنشطتها المتعددة. - مثل العديد من الفرنسيين، لديك كلب... < نعم، لدي كلب أحبه كثيرا، اسمه سومو. في الحقيقة، هذا الكلب المالطي قدمه مارتان هدية لبيرناديت في أحد أعياد ميلادها، لكنه سرعان ما بدأ يتقرب مني... - إذا كنت ذاهبا إلى جزيرة معزولة، ماذا ستأخذ معك؟ كتابا أم صورة فوتوغرافية أم ماذا؟ < قبل التفكير في غذاء الروح علي أن أفكر في أخذ الماء وسندويتش بالنقانق. لأكون جادا، سآخذ معي بعض الأشعار ومذكرات الجنرال دوغول وكذا صورة لعائلتي. - ماذا عن المستقبل؟ < مستقبلي متمحور أساسا حول المؤسسة. الواقع أن مهام رئيس الدولة لا تنتهي بانتهاء فترته الرئاسية، كما أنني أريد أن تكون هذه المؤسسة فعالة وأن تساهم في العثور على أجوبة عن الأسئلة الكبرى التي يطرحها العالم. - بماذا تشعر عندما تسمع كلمة «عطلة»؟ هل يشعرك ذلك بدوار؟ < لا، أكون سعيدا عندما أكون في عطلة، لكنني لا أغالي في الأمر، أعترف بهذا. أحب السفر وعندما أكون في «لاكوريز» أكون سعيدا رغم أنني لا أذهب إلى هناك كثيرا،حيث أقابل أصدقاء أوفياء، وسأذهب إليها بانتظام أكثر من الآن فصاعدا، لأني أجد هناك جذوري. - ما هي الرسالة التي تود أن ترسلها إلى الفرنسيين؟ < أقول لهم ما قلته لهم عند مغادرتي الإيليزيه، إنهم شعب عظيم، وإنهم قادرون على القيام بإنجازات كبرى في عالم اليوم، وإنني أحبهم من كل قلبي. عن باري ماتش