أعلنت ما يزيد عن 60 تنسيقية محلية لمناهضة ارتفاع الأسعار بمختلف ربوع المملكة عن عزمها تنظيم وقفات احتجاجية بعدد من الأحياء الشعبية مساء اليوم الجمعة، بالتزامن مع ذكرى أحداث 20 يونيو التي عرفتها مدينة الدارالبيضاء سنة 1981 والمشهورة بأحداث كوميرا التي خلفت العديد من القتلى والجرحى. وبخلاف الوقفات السابقة التي نظمتها هذه الحركات الاحتجاجية التي تزامن ظهورها مع موجة الغلاء التي يعيش على إيقاعها المغرب طيلة السنوات الأخيرة، حيث أقدمت السلطات المحلية على الاتصال بالمنظمين، إما لثنيهم عن تنظيم تلك الوقفات، أو للتنسيق معهم لوضع الترتيبات الأمنية اللازمة لإنجاح تلك الوقفات، فإنها اختارت هذه المرة التعامل بنوع من اللامبالاة وكأن شيئا لم يقع. وأوضح محمد غفري، رئيس الملتقى الرابع لتنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار، أنه لأول مرة لم يقدم أي مسؤول في الدولة على الاتصال بهم، معتبرا، في تصريح ل«المساء»، أن مرد ذلك ربما يعود إلى تداعيات أحداث سيدي إفني التي فجرها القمع المبالغ فيه من قبل القوات العمومية في تعاملها مع المتظاهرين. وحول ما إذا كانت السلطات ستقدم على منع هذه الوقفات، بالنظر إلى حساسية المناطق الشعبية التي ستنظم فيها، استبعد الغفري حدوث هذا الأمر، مشيرا في السياق ذاته إلى أنه لو كانت لدى السلطات نية المنع، لقامت بتوجيه قرارات مكتوبة تفيد بذلك، إلا أنه وإلى حدود ظهر أمس الخميس -يكشف عضو لجنة المتابعة- لم تتوصل أية تنسيقية بأي شيء من هذا القبيل. اختيار ذكرى «أحداث كوميرا»، التي مازال الجدل قائما بشأن عدد ضحايا تلك الانتفاضة التي تفجرت على إثر دعوة نوبير الأموي في 20 يونيو من سنة 1981 إلى إضراب عام، لم يكن قرارا اعتباطيا بالنسبة إلى الجهة الداعية إلى هذه الوقفات، فهي تريد، عبرها، توجيه رسائل واضحة بكون ذاكرة الشعوب لا تموت وأن الحق يأبى النسيان. المخاوف من تكرار سيناريو أحداث سيدي إفني الأخيرة أو أحداث مدينة صفرو حاضرة بقوة، سواء بالنسبة إلى السلطات الأمنية أو داعمي هذه الحركات الاحتجاجية، وإن كانت لكل طرف قناعته الخاصة. فالانفلات يقع بالنسبة إلى التنسيقيات عندما يكون هناك استفزاز من لدن القوات العمومية للمتظاهرين، وعدم السماح لهم بالتعبير بشكل سلمي عن مطالبهم، أما السلطات الأمنية فإنها تبرر موقفها بحرصها على حفظ الأمن العام وضمان الصالح العام.