«الصيف الساخن» هو الشعار غير المعلن الذي أطلقته تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، من خلال الإعلان عن تنظيم وقفات احتجاجية بعدد من المدن المغربية يوم 20 يونيو الجاري، الذي يصادف ذكرى انتفاضة يونيو التي عرفتها مدنية الدارالبيضاء سنة 1981، والتي خلفت العديد من القتلى والجرحى. محمد الغفري، رئيس الملتقى الرابع لهذه التنسيقيات، أوضح أنهم اختاروا هذا الشكل التصعيدي عبر نقل الاحتجاجات إلى الأحياء الشعبية ردا على السياسة الحكومية التي تغاضت عن حماية القدرة الشرائية للمواطنين واستمرار موجة الزيادات في الأسعار. وأكد الغفري، في تصريح ل»المساء»، أنه بعد وقفة 12 أبريل الماضي التي ووجهت بقمع شديد من طرف قوات الأمن، الذي لم يسلم منه حتى الصحافيون الذين غطوا تلك الوقفة بالرباط، قرروا اتخاذ شكل نضالي آخر أكثر تصعيدا، عبر نقل الوقفات الاحتجاجية من مراكز المدن إلى الأحياء الشعبية، حيث يكتوي المواطنون من ذوي الدخل المحدود والمنعدم بنار الغلاء. وحول طبيعة الرسالة التي تود هذه التنسيقيات بعثها إلى من يهمه الأمر، عبر الإصرار على تنظيم تلك الوقفات في ذكرى انتفاضة 20 يونيو، أوضح الغفري أن المبتغى من وراء ذلك هو تذكير النظام بأنه عندما يتدخل بعنف لقمع الحركات الاحتجاجية تقع الكوارث. وتوقع الغفري انخراط ساكنة المدن المغربية الصغرى بشكل ملحوظ في هذه الوقفات، مشيرا، في السياق ذاته، إلى أنه من المفترض أن تعرف أكثر من 30 مدينة مغربية وقفات احتجاجية في نفس اليوم، مضيفا أنه ليس لهم سوى حناجرهم للتعبير عن رفضهم لاستهداف القدرة الشرائية للمواطنين. وحسب عبد الغني منديب، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، فإن ظهور هذه التنسيقيات يندرج في إطار إنتاج المجتمع المغربي لأشكال ومؤسسات احتجاجية جديدة، لأن المؤسسات الاحتجاجية التقليدية الكبرى، كالأحزاب والنقابات، أصبحت غير قادرة، في ما يبدو، على مسايرة التغييرات السريعة التي يعرفها المجتمع. وأوضح أستاذ علم الاجتماع، في تصريح ل»المساء»، أن كل النخب السياسية والنقابية لها عمر افتراضي محدد، إذ لا يمكنها دائما الحفاظ على حويتها وفعالياتها داخل السياقات المجتمعية المتغيرة والتقليدية. واعتبر الخبير الاجتماعي أن الاحتجاج المنظم، أيا كان شكله والمؤسسات التي يتجسد داخلها، يبقى ظاهرة صحية وسليمة تؤشر على وجود اختلالات اجتماعية يمكن للمجتمع تداركها وتقويمها، مضيفا، في سياق آخر، أن الحركات الاحتجاجية التقليدية التي كانت تقودها الأحزاب والنقابات أصبحت، بسبب عدم تجديد نخبها وهياكلها، بمثابة صدف بحرية فارغة، الأمر الذي حدا بالمجتمع إلى ابتداع وابتكار أشكال ومؤسسات احتجاجية جديدة تكون أكثر فعالية في الاستجابة لحاجة المجتمع الملحة للتعبير عن الاحتجاج.