ذكرى انتفاضة 20 يونيو التي عرفتها مدنية الدارالبيضاء سنة 1981، لن تكون كسابق عهدها، بعد أن قررت تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار اعتبارها يوما وطنيا للاحتجاج ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، فما يميزها هذه السنة هو «حالة الاستنفار» الذي أطلقته هذه التنسيقيات من أجل تنظيم وقفات احتجاجية بعدد من المدن المغربية، وبخاصة داخل الأحياء الشعبة، موحدة في الزمان ومختلفة في المكان. وبالنسبة إلى محمد أبو النصر، عضو لجنة المتابعة المنبثقة عن مجلس التنسيق الوطني، فالهدف من تنظيم هذه الوقفات هو «استرجاع دينامية التنسيقيات ونقل المعارك إلى الأحياء الشعبية والمهمشة وتصعيد النضال والضغط على المسؤولين من أجل وقف مسلسل هذه الزيادات». ورغم التخوف الذي يبديه البعض من تكرار سيناريو أحداث سيدي ايفني بعد قرار تقريب الاحتجاج من الأحياء الشعبية، فإن أبو النصر يستبعد، في تصريح ل«المساء»، وقوع أي انفلاتات لأن التنسيقيات اعتادت تنظيم هذه الوقفات بشكل «حضاري وسلمي»، وأوضح أن ذكرى 20 يونيو تبقى من الذكريات التي خرج فيها كادحو مدينة الدارالبيضاء للاحتجاج على موجة الغلاء التي عرفها المغرب في تلك الفترة، مضيفا أن نفس الظروف التي أسفرت عن انتفاضة 20 يونيو تتكرر اليوم. وتعليقا على أحداث سيدي إفني، أوضح أبو النصر أن الناس تضغط من أجل التحرك لوقف مسلسل الزيادات وحل المشاكل العالقة، ليصطدموا بزرواطة المسؤولين الذين لا يجيدون أي لغة غيرها. وحث أبو النصر الحكومة على فتح تحقيق مع التنسيقيات ووضع حد لمسلسل الزيادات، تفاديا لاتساع هوة الاحتقان الشعبي التي باتت تنذر بوقوع ما هو أسوأ. تنامي ظاهرة الحركات الاحتجاجية واتساع رقعتها يندرجان في سياق طبيعي طالما أن المجتمع المغربي يعد مجتمعا متحركا وحيويا تغذيه الأوضاع الاجتماعية المتوترة، حسب ما عبر عنه أحمد شراك، أستاذ مادة السوسيولوجيا بكلية الآداب ظهر المهراز بفاس. واعتبر الخبير في رصد الظواهر الاجتماعية الحركات الاجتماعية الأخيرة تجسد قوة راقدة غير مؤطرة وغير مؤدلجة وغير خاضعة لأي سياق تنظيمي معين، وما يحركها في الميدان هو الحاجة، وبتعبير دارج «وصلها السكين للعظم»، أما الأحزاب السياسية -يضيف شراك- فإنها تبقى منشغلة بشؤونها الداخلية ولا تشكل لديها المسألة الاجتماعية في الوقت الراهن أية أولوية، لكن هذه الاحتجاجات تمثل بالنسبة إلى الحكومة كابوسا حقيقيا. ويبقى الاحتجاج المنظم، أيا كان شكله والمؤسسات التي يتجسد داخلها، حسب العديد من المتتبعين، ظاهرة صحية وسليمة تؤشر على وجود اختلالات اجتماعية يمكن للمجتمع تداركها وتقويمها، حيث إن الحركات الاحتجاجية التقليدية التي كانت تجسد في الأحزاب والنقابات أصبحت، بسبب عدم تجديد نخبها وهياكلها، بمثابة صدف بحرية فارغة، الأمر الذي حدا بالمجتمع إلى ابتداع وابتكار أشكال ومؤسسات احتجاجية جديدة تكون أكثر فعالية في الاستجابة لحاجة المجتمع الملحة للتعبير عن الاحتجاج.