مع تصاعد وتيرة ارتفاع أسعار المواد الأساسية سرى الدم مجددا في شرايين تنسيقيات مناهضة الغلاء؛ فبعد المسيرة النسائية التي شهدتها شوارع مدينة صفرو الأسبوع الماضي، تعتزم تنسيقية الرباطسلا لمناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية تنظيم سلسلة من الوقفات الاحتجاجية ردا على ما تعتبره هجوما على القدرة الشرائية للمواطنين والمزيد من الإجهاز على الخدمات العمومية وفي مقدمتها الصحة، السكن، النقل، التعليم، المواد الأساسية. وحسب محمد الغفري، المنسق الوطني لتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، فقد تم تسطير برنامج نضالي يمتد على مدى أسبوعين على مستوى مدينتي الرباطوسلا. كما تم توجيه نداء إلى باقي التنسيقيات على المستوى الوطني والتي يزيد عددها على السبعين من أجل الانخراط في موجة الاحتجاج ضد الغلاء. وفي تصريح ل« المساء»، عزا الغفري هذه الدينامية الجديدة لتنسيقات مناهضة الغلاء إلى الهجمة الشرسة التي استهدفت القدرة الشرائية للمواطنين طيلة شهر رمضان الذي يتزامن هذه السنة مع العطلة الصيفية والدخول المدرسي. وكشف الغفري عن توزيع التنسيقيات لأزيد من 4 آلاف منشور للتعبئة لهذه الوقفات على صعيد الرباطوسلا، وعن استعداد ما يزيد على 17 تنسيقية أخرى لتنظيم وقفات احتجاجية بكل من بوعرفة وصفرو ومراكش والدار البيضاء والحسيمة والشاون. تصاعد وتيرة الاحتجاجات، التي تؤطرها تنسيقيات مناهضة الأسعار، يرجعها الباحث في علم الاجتماع السياسي حسن قرنفل إلى الدينامية التي باتت تتمتع بها فعاليات المجتمع المدني وإلى التفاف وتكاثف مجموعة من الأطر السياسية، خصوصا منها تلك التي كانت تشتغل داخل الأحزاب السياسية اليسارية ولم تعد راضية عن أداء قياداتها وانخرطت في تبني قضايا الطبقات المسحوقة. وبخصوص إيلاء المسألة الاجتماعية أهمية قصوى من قبل هذه الفعاليات وتراجع الأحزاب الكلاسيكية عن التعاطي معها، أوضح قرنفل، في تصريح ل«المساء»، أن ذلك يؤشر بالفعل على أن جزءا من مهام الأحزاب المتعلقة بالدفاع عن القدرة الشرائية للمواطنين لم يعد يجد لنفسه مكانا ضمن أجندتها السياسية بعد أن انخرطت هذه الأحزاب، سواء كانت يمنية أو يسارية، في اللعبة السياسية وتهافتت على اكتساب المواقع على حساب إهمال القضايا ذات البعد الاجتماعي. وبالتالي، فإن هذا الفراغ -يبرز الباحث في علم الاجتماع السياسي- انبرت لملئه جمعيات من المجتمع المدني المشكلة أساسا من أطر يسارية سابقة. وأمام ضعف البنية التنظيمية وقلة التجربة والوسائل اللوجستيكية المتوفرة لدى هذه التنسيقيات، فإن هناك تخوفات -حسب قرنفل- من إمكانية أن تعرف الوقفات التي تنظمها بعضَ الانفلاتات الأمنية كما هو الشأن بالنسبة إلى أحداث صفرو وسيدي إيفني.