تهريب المخدرات لم يعد يعتمد ركوب البحر فقط للوصول إلى الضفة الأخرى. لقد أصبحت لهذه التجارة المربحة مطارات سرية خاصة بها، تحط وتقلع منها طائرات صغيرة تستعملها المافيات الدولية لتهريب الحشيش المغربي جوا. منطقة مولاي بوسلهام البعيدة بحوالي 70 كيلومترا عن القنيطرة هي القاعدة المفضلة لتهريب المخدرات جوا، فحقولها المستوية ووجود شبكة من الوسطاء المغاربة الذين يشرفون على استقبال وشحن الطائرات بالمخدرات، جعل المنطقة «مطارا» دوليا للملاحة الخارجة عن القانون. تتمركز الفرق «التقنية للمافيات» في منازل تطل على البحر، حيث يجري التخطيط لنقل المخدرات عبر طائرات صغيرة، وهذه الفرق، مكونة من تجار المخدرات المغاربة، والوسطاء الذين «يشترون» الطريق الآمن من الدرك والبوليس، و«الحمالة» الذين ينقلون الحشيش من المخازن في المناطق المجاورة. وبعد التأكد من سلامة الأحوال الجوية وخلو المنطقة من الدرك والأمن والاتفاق على ثمن الصفقة وتعويضات الوسطاء، تنزل الطائرات، الآتية في الغالب من إسبانيا ومن البرتغال وألمانيا وفرنسا ودول أوربية أخرى، وتحط في حقول المزارعين الذين يبيعون أرضهم وصمتهم مقابل تعويضات مالية تصل إلى الملايين. مصدر أمني قال ل«المساء» إن «رحلات تهريب المخدرات عبر الطائرات تزداد كلما تم تشديد الطوق على الحدود البحرية وعلى النقل البري، وإن فصل الصيف يشهد نزول من 5 إلى 8 طائرات كل شهر في منطقة مولاي بوسلهام وحدها». مصدر آخر على اطلاع بالرحلات السرية لتهريب المخدرات يقول إن «45 % من رحلات تهريب المخدرات عبر الطائرات تعرف نجاحا تاما، و35 % من الرحلات تفشل إما بسبب حملات الأمن أو بسبب سوء الترتيبات، فيما لا يقع بين يدي السلطات المغربية سوى 10 % من ربابنة التهريب جوا، هؤلاء فقط هم الذين يقدمون إلى المحاكمة». أما سبب فشل 55 % من عمليات التهريب، فيرجع إلى صراعات المافيات الدولية والمحلية، وتصفية الحسابات التي تدفع أفراد هذه العصابات إلى التبليغ عن بعضهم لدى الدرك والشرطة. برلماني من حزب معارض، فضل عدم ذكر اسمه، أرجع ضعف السلطات الأمنية أمام العصابات الدولية لتهريب المخدرات إلى «ضعف الأجهزة المخابراتية بالمنطقة وقلة الإمكانات البشرية واللوجستيكية، مما يجعل مساحات كبيرة في الغرب والشمال خارج أية تغطية أمنية». في شهر أبريل 2007، سقطت في نواحي سيدي قاسم، وبالضبط في دار الكداري، طائرة صغيرة تحمل الجنسية الألمانية. وهذا الحادث ألقى الضوء على تغيير المافيات الدولية لخارطة مطاراتها من الشمال إلى الغرب بفعل تشديد المراقبة الجوية في جبل طارق. المواطنون الذين تحدثت معهم «المساء» حول الحادث قالوا: «الشباب هنا في دار الكداري عاطلون عن العمل، وجلهم يرحب بالتعاون مع «الكاوري مول الطيارة» دون أن يسألوا عن حمولته هل هي الحشيش أو الكوكايين.. المهم أنه يدفع وبالأورو أحيانا». الخطير يقول مسؤول آخر أن الطائرات لا تقتصر على تصدير الحشيش إلى أوربا بل تدخل الكوكايين إلى المغرب الذي أصبح سوقه مزدهرا بالمادة البيضاء. السلطات المغربية، وأمام عجزها عن التصدي للمافيا الطائرة في أجوائها، وأمام احتمال تقاطع تجارة المخدرات مع «تجارة الإرهاب»، تحاول التنسيق مع الأنتربول، وتحث دول أوربا الغربية على التعاون معها لضبط حركة الملاحة في الجو... غدا ننشر تحقيقا حول الموضوع طائرات لتصدير الحشيش واستيراد الكوكايين < الطائرات التي تستخدم في التهريب هي طائرات سياحية - رياضية، عادة ما تكون بمحرك واحد من نوع توربو. < سرعتها 300 ميل بحري في الساعة وتحلق على ارتفاع 26.000 متر من سطح البحر. < الطائرات تستوعب ستة ركاب وحمولة تقدر ب29 طنا، وتكون مسافة الإقلاع، مع عائق 50 قدماً، 2800 قدم تقريبا. مسافة الهبوط في نفس الظروف هي 2400 قدم، هذا دون استخدام الارتداد. < إلى جانب الطائرة، هناك وسائل لوجيستكية أخرى على قدر كبير من التطور التكنولوجي. < مافيات التهريب تستعمل الزوارق السريعة والهواتف النقالة وسيارات رباعية الدفع وسيارات «جيب» ووسائل الاتصال من نوع «تلكي ولوكي»...