اختتمت مساء أول أمس السبت أشغال الملتقى الأورومتوسطي الثاني حول «الاتفاقية الدولية ضد الاختفاء القسري»، التي نظمتها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بالتعاون مع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والفيدرالية الأورومتوسطية ضد الاختفاء القسري والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، دون إعطاء أي ضمانات أو وعود بشأن التزام المغرب بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي سبق أن وقع عليها من بين أربعين دولة دون التصديق عليها. وشهد اللقاء «مواجهة ساخنة»، على حد تعبير بعض المصادر، بين إدريس اليزمي الذي قدم عرضا عن تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في طي صفحة الماضي والكشف عن حالات الاختفاء القسري في المغرب خلال سنوات الرصاص، وبين المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، الذي اعتبر أن عمل الهيئة شابه القصور والعديد من الاختلالات. واعتبر محمد ليديدي، الكاتب العام لوزارة العدل، في كلمته خلال الملتقى الذي انطلق الجمعة الماضي واختتم أول أمس، أن «الاختفاء القسري يعد قضية تصب في صلب اهتمامات كافة الفاعلين والمعنيين بمسألة حقوق الإنسان»، داعيا في نفس الوقت إلى «التصدي لهذه الممارسات الخارجة عن نطاق القانون وتطويقها»، وقال إن الفضاء المتوسطي كان دائما ولا يزال مهد الحضارات ومرتعا يجب التضامن في إطاره والعمل داخله «لإسعاد البشرية جمعاء»، مبرزا أن المغرب «انتهج منذ التسعينات خيارا لا رجعة فيه، ويتجلى في تعزيز دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات، وذلك من خلال إعادة النظر في كافة الخروقات المرتكبة، ليس بغرض التدارك والإصلاح، بل من أجل فتح آفاق مستقبل واعد». وقالت أمينة بوعياش، رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إن الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان تسعى، من خلال هذا الملتقى، إلى «فتح حوار ونقاش وتبادل التجارب لبلورة مسارات جديدة للترافع من أجل الوصول إلى المصادقة على الاتفاقية الدولية ضد الاختفاء القسري، المعتمدة من طرف المجلس الأممي لحقوق الإنسان في يونيو 2006»، واعتبرت أن هذه الاتفاقية، التي تنص على مبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب وعلى حق عائلات الضحايا وذوي حقوقهم في معرفة الحقيقة، تعد ثمرة 25 سنة من مجهودات الجمعيات والمنظمات الحقوقية وعائلات ضحايا الاختفاء القسري»، وقدرت بوعياش عدد ضحايا الاختفاء القسري في العالم بنحو 41535 شخصا، علاوة على الحالات التي لم يتم التصريح بها، أما خديجة رياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فقد قدرت حالات الاختفاء في المغرب بحوالي 60 حالة ممن لم يتم الإعلان عن أسمائها إلى حد الآن، مؤكدة أن هناك حالات عالقة لم يتم الكشف عن مصيرها، بينها حالات تم تسجيلها في الفترة الأخيرة. وقال عبد السلام بوطيب، عضو المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، في تصريحات ل»المساء»، إن الملتقى شكل أرضية لتلاقي مجموعة من التجارب حول القطع مع الماضي، من بلدان متوسطية عدة، خصوصا من إسبانيا والأرجنتين والبوسنة وسوريا ولبنان والجزائر وليبيا، كما تم التعرف من خلاله على تجربة أكراد العراق وسوريا وتركيا الذين حضروا الملتقى واستعرضوا تجربتهم مع الاختفاء القسري. واعتبرت حورية إسلامي، عضو التنسيقية الدولية لعائلات ضحايا الاختفاء القسري في المنطقة المتوسطية، أن الملتقى كان بمثابة حملة دولية لدفع المغرب إلى المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، مشيرة إلى أن التنسيقية، التي أنشئت في لبنان من طرف أربعة بلدان بينها المغرب، شهدت انطلاقة جديدة بعد صدور الاتفاقية الدولية حول الاختفاء القسري عام 2007، والتي مازالت العديد من البلدان المتوسطية لم تصادق عليها لكي تدخل حيز التنفيذ. يشار إلى أن عدد البلدان المصادقة على الاتفاقية لا يتجاوز أربع دول، وأن دخولها حيز التنفيذ يتطلب مصادقة عشرين دولة عليها.