تطورات كبيرة ومتسارعة عرفها حزب الاتحاد الاشتراكي منذ انتخابات 2007، لم يكن الحزب يعتقد بأنه سيمنى بهزيمة كبيرة غير مسبوقة في تاريخه، فمعظم قياداته البارزة لم تتمكن من الفوز بمقعد برلماني في تلك الانتخابات، مثل إدريس لشكر، نزهة الشقروني، محمد الأشعري، وعبد الهادي خيرات.. وبالمقابل تمكن عدد من الأعيان الذين رشحهم الحزب من الفوز باسم الاتحاد.. عشية تلك الانتخابات كانت صدمة كبيرة للحزب الذي كان يستعد لإعلان فوزه في مقره المركزي بوضعه شاشات عملاقة ومكبرات صوت تردد أناشيد حماسية. سادت أجواء كئيبة في ردهات المقر عندما كانت الأنباء تتوالى عن فشل الاتحاد في تحقيق نتائج جيدة، وبدأ القلق يدب في صفوف الاتحاديين بعدما أظهرت النتائج أن حزب عبد الرحيم بوعبيد تقهقر إلى المرتبة الخامسة، بعدما كان في المرتبة الأولى في انتخابات 2003. ولم تمض إلا أيام حتى بدأت المشاورات حول تشكيل الحكومة، وبدأت الأسئلة تروج وسط الاتحاديين حول جدوى المشاركة، فتم عقد مجلس وطني للحزب قرر الموافقة على المشاركة من الناحية المبدئية، على أن تكون المشاركة «فعالة»، وفوض للمكتب السياسي تنفيذ هذا القرار. بدأت المشاورات مباشرة بعد تعيين عباس الفاسي وزيرا أول، وكانت تلك إشارة على احترام «المنهجية الديمقراطية» في اختيار الوزير الأول من الحزب الأول في الانتخابات، لكن محمد اليازغي فاجأ أعضاء المكتب السياسي باقتراحه لائحة من الوزراء أغلبهم من الجيل الجديد، فثار في وجهه المكتب السياسي بمن فيهم أقرب الناس إليه، مثل إدريس لشكر ومحمد بوبكري. ومباشرة بعد تشكيل الحكومة تبين أنها تضم 11 وزيرا من التقنوقراط، فقرر المكتب السياسي اتخاذ موقف «المشاركة النقدية»، فزاد موقف الحزب ارتباكا. وفي اتجاه آخر تم الضغط على اليازغي من طرف خصومه في القيادة لتقديم استقالته، وتم تشكيل قيادة جماعية، فزادت حدة الأزمة، ودخل الحزب في متاهات وأوضاع شاذة تطلبت منه عقد مجلس وطني لاحتواء الأزمة، وتقرر عقد المؤتمر الثامن، وبعدها عقدت خمسة مجالس وطنية متتالية في ظرف شهرين، تم خلالها تشكيل لجنة تحضيرية، تولت مراجعة طريقة انتخاب الكاتب الأول والمكتب السياسي من خلال اعتماد نظام اللائحة لأول مرة، وإقرار مبدأ اختيار قيادة الحزب من المؤتمر، ووضع شروط صارمة لقبول اللوائح، وإقرار مبدأ تغيير ثلثي أعضاء المكتب السياسي. كل هذه التغييرات أثارت قلقا لدى عدد من مسؤولي الحزب الذين اقتنعوا بأنه مع تطبيق هذه الشروط فإنه لن يكون لهم موقع في المؤتمر المقبل، فبدأت النقاشات داخل المكتب السياسي حول ضرورة تعديل نظام اللائحة، وتخفيف شروطها، وتم التوصل إلى إدخال تعديلات عليها خلال المجلس الوطني قبل أسبوع، وتم تشكيل لجنة من «الحكماء» لتتولى صياغة القانون في نسخته النهائية، وتمكنت اللجنة من إدخال تعديلات أخرى، أقرها المجلس الوطني الذي عقد مساء الخميس الماضي، وجاءت آخر مقتضيات القانون على الشكل التالي: 1 - حذف اشتراط حصول اللوائح المرشحة على 15 في المائة من توقيعات أعضاء المجلس الوطني، 2 - أن تقدم اللوائح إلى رئاسة المؤتمر، وليس إلى اللجنة التحضيرية، 3 - أن تحصل اللائحة الأولى على 51 في المائة من مقاعد المكتب السياسي، ويكون رأسها هو الكاتب الأول، شريطة أن تحصل على 30 في المائة من أصوات المؤتمر، 4 - أن يتم توزيع بقية المقاعد على اللوائح الأخرى الحاصلة على عتبة 15 في المائة من أصوات أي 205 أصوات من مجموع 1365 مؤتمرا. 5 - تمت زيادة كوطا النساء في المكتب السياسي ومختلف الأجهزة إلى 25 في المائة بدل 20 في المائة، 6 - أن يتم تعميم نظام اللائحة على جميع الأجهزة المحلية بما فيها مكاتب الفروع. وبخصوص المرشحين فإنه إلى حدود الساعات الأخيرة قبيل المؤتمر تنحصر لائحة المرشحين في كل من عبد الواحد الراضي، عضو المكتب السياسي، الذي أعلن أنه سيقدم استقالته من الحكومة لتعزيز حظوظه، وفتح الله ولعلو وحبيب المالكي، فيما أصبح مؤكدا أن كلا من جمال أغماني وزير التشغيل وإدريس لشكر سيقدمان لائحتهما أيضا، وبقى باب المفاجآت مفتوحا في المؤتمر.