إذا حدث وخرجت إلى أحد الأسواق الشعبية سيسترعي انتباهك ويصل إلى سمعك الصوت العالي للموسيقى الشعبية المنبعثة من عربات بائعي «سيديات ال DVD»، وحين ستلتفت إلى مصدر الصوت ستتفرج على فتيات بملابس فاضحة تقفن أمام الكاميرا بكل جرأة وتواجهنها بثقة، ترقصن وتتلوين وتتحيرن وخلفهن فرقة موسيقية أغلب أفرادها «مْبَوَّقْ» وإلى جانبهن مطرب يصدح صوته بأغان ساقطة مثيرة لغرائز تُحَمِّسُ السَّاهرين على «الغَرَامَة» أكثر فأكثر وتدفع بالفتيات إلى الزيادة في جرعات الإغراء والفسق والفجور. فما معنى أن يقحم أحد هؤلاء المطربين إحدى صفات هؤلاء الفتيات في أغانيه ويقول مثلا: والويهْ آ الشهبة، والمقصود هنا أن تحسن الشقراء المتواجدة في حلبة الرقص لَيَّ الخِصْرِ والتفنن في تحريكه. أو حين يقول: - واخَّا ثاني على مولات الكُصَّة، خلات حميدة (أحد الحاضرين طبعا) فيه الفقسة. ليكون هنا المطرب، إضافة إلى عمله كمغن، قد «دبر لمولات الكُصَّة» على زبون وما عليهما إلا إخباره لاحقا بأن «داك الشيء داز واعر....» ليقحم ذلك مجددا في أغانيه بقوله: -وابْصَحْتَكْ آحْمِيدَة . للأسف أنا لا أبالغ هنا، ولكن هكذا تباع المرأة وتقدم بصورة مُهينة ومُذِلة وتعرض كسلعة رخيصة من أجل التسويق لسيديات وأغاني مطربي الكاباريهات. فمن المسؤول عن هذه الخلاعة الظاهرة للعيان؟ وأين هي ضوابط الحشمة والحياء لدى هؤلاء الفتيات اللواتي لا تزال غالبيتهن في عمر الزهور؟ أكيد أن الكثيرات منهن هاربات، يعانين من التفكك الأسري ولا يوجد رقيب أو حسيب لهن ويعشن حياة شبه مستقلة ومنفصلة عن أسرهن، كما أن فيهن من ترغب ربما في احتراف الغناء و تحقيق الشهرة وشق طريقها والحصول على فرصة العمر، علما بأن أغلب مطربات هذه الأغاني كن هاربات سابقا وهو ما يشجعهن ويدفعهن إلى تَخَيُّلِ أنفسهن في عالم من النجومية والتألق ومنهن كذلك من تحاول لفت الانتباه والأنظار إليها بالظهور أمام الكاميرا بصورة تخدش الذوق العام نتيجة إحساسها المبالغ فيه بتقدير الذات والشعور بالأهمية وبأنها جميلة ورشيقة وأنيقة، وكل همها التفاخر بهذه المواصفات أمام الآخرين، وكثيرا ما تتحول حالة الاستعراض هاته إلى حرفة لهن أو مهنة تفضي إلى حالة من الانحراف السلوكي غير محمود العواقب. وقد سألت تاجرا لبيع «السيديات» حين لفت انتباهي أنه يبيع أيضا سيديات القرآن الكريم. كيف يجمع بين هذا وذاك؟ فرد قائلا: إن هذه السيديات الفاضحة صارت اليوم تجارة رائجة ترغب الناس في اقتنائها وتدر ربحا أكيدا من غيرها، وهو ما يفسر تشغيلها بالزيادة في الصوت إلى أقصى حد وبيعها للناس أينما ذهبوا وتصوير المزيد منها بجرأة زائدة عن كل مرة.