سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزارة التعليم تحدث ثانويات التميز وبعض الآباء يصفون المشروع بأنه «إقصائي» تتوفر الثانويات على داخليات وبنيات تحتية وإدارية وتربوية لاحتضان التلاميذ المتفوقين
تستعد وزارة التربية الوطنية لانتقاء 48 مدرسا للتدريس في «ثانويات التميز التأهيلية»، التي تم إحداثها تنفيذا للمذكرة الوزارية 101، الصادرة بتاريخ 15 يوليوز 2009، والتي تم بموجبها إحداث ثلاث ثانويات للمتفوقين، وهي ثانوية «عبد الكريم الخطابي» في مدينة الناظور -الجهة الشرقية و«الثانوية التقنية» في مدينة كلميم -جهة كلميمالسمارة، وثانوية «مولاي يوسف» في مدينة الرباط، -جهة الرباطسلا زمور زعير، والتي تم انتقاؤها من بين سبع ثانويات تم اختيارها في البداية. وتتوفر الثانويات على داخليات، لاحتضان التلاميذ المتفوقين وعلى المعايير والشروط الأساسية في البنية التحتية والإدارية والتربوية، لتوفير الأجواء اللازمة للتحصيل والإبداع داخلها. وتنص المذكرة 107، الصادرة بتاريخ 3 يونيو 2010 والخاصة بشروط ومسطرة انتقاء أطر التدريس للعمل في «ثانويات التميز»، والمذكرة 102، الصادرة في 26 ماي، في شأن ولوج «ثانويات التميز»، على أن التعليم داخل هذه الثانويات سيُفتح في وجه تلاميذ الثالثة إعدادي المتفوقين في دراستهم، خلال الموسم الجاري، حيث سيتلقون نفس البرامج والمناهج الخاصة بهذا السلك، إضافة إلى استفادتهم من مجزوءات إجبارية في مجال التربية على القيم وتنمية الكفايات المستعرضة في المجالات المنهجية والاستراتيجية والثقافية والتكنولوجية والتواصلية، ومن مجزوءات اختيارية في مجال تعميق التمكن من الكفايات المرتبطة بالمواد الدراسية المقررة. وعليه، وجب انتقاء مجموعة من المدرسين الأكفاء، حسب رأي الوزارة، لتأمين عملية التحصيل الدراسي داخل هذه الثانويات. وفتحت الوزارة مجال الترشيح للتدريس داخلها في وجه أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، الحاصلين على شهادات التبريز أو الماستر أو الدكتوراه أو ما يعادلها، كما سمحت لحاملي الإجازة المتوفرين على أقدمية ست سنوات من التدريس الفعلي في الثانوي التأهيلي على الأقل، بخوض غمار المنافسة. وسيتم انتقاء أولي للمترشحين على مستوى الأكاديميات، بناء على ملفاتهم، يليه انتقاء نهائي على الصعيد المركزي، بعد مقابلة مباشرة بين كل مرشح ولجنة مركزية خاصة. كما يخضع المنتقون كل ثلاث سنوات لنفس العملية. وأشارت مذكرة الوزارة رقم 107 إلى أن المدرسين في هذه الثانويات سيستفيدون من شهادات تقديرية وجوائز للمدرسين الذين يحققون أحسن النتائج ومن دورات تكوينية مستمرة ومن المشاركة في تظاهرات علمية وتربوية، داخل وخارج أرض الوطن، وتبادل الزيارات مع مؤسسة شبيهة. وسيتم نشر تجاربهم الناجحة وإنتاجاتهم. وليست فكرة «ثانوية التميز» أو ثانويات الموهوبين أو المتفوقين مولودا مغربيا، بل هو اتجاه جديد متنامٍ، وخصوصاً في الدول التي أدركت مدى المردود العلمي والاقتصادي لإنشاء مثل هذه المدارس. ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية، أنشئت في العشر سنوات الأخيرة أكثر من 12 مدرسة ثانوية داخلية تركز على العلوم والرياضيات، بعد أن أثبتت أول مدرسة أنشئت في ولاية «نورث كارولينا» في عام 1980 أهميتها في نتائج الطلاب الذين تخرجوا منها وما جلبته للولاية من جذب للاستثمارات الاقتصادية، بفضل التميز التعليمي الذي أحدثته هذه المدرسة. وأخذت الولايات تتسابق في إنشاء مدارس ثانوية داخلية، بمعدل مدرسة في كل ولاية. ويتم اختيار الطلاب المتميزين على مستوى الولاية ويُستقطب المدرسون المتميزون لها، وتجتذب الدعم المالي والعيني من المؤسسات الخيرية والخاصة، كما تقوم هذه المدارس برفع كفاءة التعليم في الولاية، عن طريق تدريب المعلمين ونماذج البرامج المتميزة التي تنتجها والتي يمكن تطبيق الكثير منها كبرامج إثرائية في المدارس العادية. وفي كوريا الجنوبية، هناك 15 مدرسة ثانوية للموهوبين والمتميزين في العلوم والرياضيات، يدرس فيها 3738 طالباً وطالبة، وهي مدارس حكومية بأحدث التجهيزات في المختبرات والمعامل، وقد أذهلت نتائج هذه المدارس الكوريين أنفسَهم، لما أثبته الطلاب المتخرجون فيها من تميز في الدراسة الجامعية ومستوى الأداء وجودته لديهم. وفي سنغافورة، أتاحت مدارس خاصة للموهوبين للبلد، رغم صغر رقعته، أن يفوز طلابها بالمركز الأول في العلوم والرياضيات في مسابقات «الأولمبياد العالمية». وتوجد مدارس ثانوية للموهوبين في كل من ماليزيا والصين وألمانيا والأردن وغيرها من الدول التي بدأت تدرك مدى أهمية هذه المدارس لمستقبلها العلمي والتقني. وأثارت ثانويات التميز التأهيلية التي أعلنت وزارة التربية الوطنية عن إحداثها بموجب الدخول المدرسي المقبل، سخط بعض أولياء عدد من التلاميذ الذين رأوا في هذا المشروع إقصاء لعدد كبيرة من التلاميذ، واعتبره البعض محاولة لإرساء نظام شبيه بالأقسام التحضيرية ما بعد الحصول على الباكالوريا. ويعتزم هؤلاء الآباء طرح المشكل لدى البرلمان وعلى النقابات، و كذا دفع جمعيات الدفاع عن حقوق الطفل من أجل التدخل، على اعتبار أن هذه الثانويات تخرف حقوق الأطفال الذين يجب أن يكونوا سواسية ولا يجب التمييز بينهم. وتساءل بعض الآباء في اتصال مع «المساء»، عن المعايير التي ستعتمد لاختيار التلاميذ الذين سيدرسون في هذه المدارس، خاصة وأن المعدلات المعتمدة في الاختيار تصل إلى 17، مشيرين إلى أن الخبراء الذين قاموا بالتخطيط لهذه الثانويات لا يعرفون بالتحديد أبجديات علم نفس الطفل، خاصة هؤلاء الذين عملوا بجد ولكنهم لم يستطيعوا الحصول على معدل أعلى من 16. وقال أحد الآباء ل«المساء»، «إن فكرة عزل الأطفال المرموقين عن الأطفال العاديين هي فكرة غير تربوية، إذ إنه من المحبذ أن يكون داخل نفس القسم الطفل الجيد والعادي، لأن الجيد يرفع المستوى ويدفع الآخرين للحاق به». كما أن عملية انتقاء ثانويات التميز والتي لم تفرز سوى ثلاثة ثانويات على الصعيد الوطني طرحت لدى الآباء وأولياء التلاميذ مجموعة استفسارات حول المستويات الحقيقية لباقي الثانويات، ولماذا لم يتم انتقاء ثانوية داخل كل جهة، وكيف تم إقصاء بعض الجهات التي تضم مدنا كبرى، والمفروض أن تتوفر على ثانويات بمستويات وبنيات عالية الدارالبيضاء، فاسمراكش...). كما استاء الآباء من قلة المقاعد المخصصة للمتفوقين، مقارنة مع عدد التلاميذ المميزين في مستوى الثالث إعدادي في جهات المملكة، وهو ما يعني انعدام المساواة في التربية والتعليم. الآباء ليسوا وحدهم من انتقدوا قلة الثانويات المحدثة، فالمدرسون في التعليم الثانوي التأهيلي يرون أن الوزارة تسعى إلى فرز نخب داخلهم، باعتماد معايير لا تمثل الوجه الحقيقي لمستواهم، موضحين أن الشهادات العليا ليست معيارا حقيقيا لمدى قدرة المدرس على العطاء التربوي والإبداع في مجال تخصصه، ومطالبين بمضاعفة عدد ثانويات التميز داخل كل جهة، والأكثر منه، إحداث جذوع مشتركة ألف وباء في كل الشعب، للفرز بين تلاميذ الثالثة إعدادي الناجحين دون حصولهم على معدل 10 من 20. وتمكين الفئة الأولى من مناهج وبرامج تمكنهم من استدراك ما فاتهم ومسايرة برامج مستواهم الجديد. ومن المشاكل التي تترتب عن إحداث مثل هذه الثانويات ما وقع على سبيل المثال في ثانوية مولاي يوسف في الرباط، إذ طلب من الأساتذة أن يتقدموا بطلب إلى إدارة الثانوية، لكي يتم اختيار الأساتذة «الأكفاء» من بينهم، أي الحاصلين على شهادة التبريز أو الماستر أو الدكتوراه، وهم المخولون للتدريس في مدارس التميز التأهيلية، أما الباقي فيتعين عليه أن يغادر إلى ثانوية أخرى، مع العلم بأن بعضهم قضى أكثر من عشرين سنة في التدريس في هذه الثانوية، غير أن المعايير التي وضعها خبراء وزارة التربية الوطنية لا تعترف بكفاءتهم.