وضع تنفيذ قرار قضائي، نهاية شهر ماي الماضي، حدا لتصرف الاتحاديين في مقر «تاريخي» لهم بفاس العتيقة، كان قد ساهم في تأطير البدايات الأولى لاعتناق أحلام اليسار المغربي من قبل عدد من شبان فاس العتيقة تحولوا فيما بعد إلى قيادات الاتحاد، وأبرزهم المرحوم عمر بنجلون ومحمد اليازغي، وهو أحد «ديناصورات» الحزب الحاليين. وقد تفاجأ عدد من الاتحاديين بقرار إغلاق مقر «الزربطانة» بالمدينة العتيقة، واستعادته من قبل ورثة من كانوا يعتقدون بأن سلفهم من القيادات «التاريخية» أنهوا معه إجراءات اقتناء هذا المحل منذ بداية الستينيات من القرن الماضي. لكن ورثة صاحب المحل رفعوا دعوى قضائية بالإفراغ ضد الحزب، وتمكنوا من ربح القضية التي لم يكن أغلب الاتحاديين على علم بها قبل أن يفاجؤوا بإغلاق مقرهم وتغيير مفاتيح بابه الرئيسي. وعمدت السلطات، التي نفذت القرار، إلى تغيير مفاتيح المقر مع تجميع ما تبقى من محتوياته في أحد أركانه في انتظار الوقت المناسب لمنحها لمسؤولي الاتحاد الاشتراكي على المستوى المحلي، وذلك بعدما وجدت صعوبة في تبليغ الإجراءات إلى مخاطب رسمي في الحزب بسبب فراغ تنظيمي يعانيه منذ حوالي سنتين. ويواجه الاتحاديون خطرا محدقا آخر يهدد بإفراغهم من مقر كتابتهم الإقليمية بمركز المدينة، بعدما تراكمت عليهم فواتير الكراء لأشهر عديدة، دون أن يتمكنوا، بسبب أزمتهم التنظيمية، من تسديدها. وعاش الاتحاد الاشتراكي رفقة حزب الاستقلال، منذ عقود، تجارب ل«التناوب» في تدبير الشأن المحلي بالمدينة، لكن الاتحاديين عاشوا، في الآونة الأخيرة، حروبا داخلية بين عدة أجنحة ساهمت في تجميد حركية الحزب، مما فسح المجال أمام تنامي حضور مكونات حزبية أخرى أبرزها حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة. وفي ظل هذه الأزمات التنظيمية قدم الكاتب الإقليمي للحزب، المحامي محمد الدباغ استقالته، وتخلى عدد من أعضاء هذه الكتابة عن مهامهم، فيما فضل كثير من الأطر الجامعية الركون للصمت في انتظار اتضاح الرؤية.