قرر المدرب الفرنسي فليب تروسيي الاستقرار، بشكل نهائي في المغرب، بعد أن استأنس بالمناخ الثقافي والبيئي للعاصمة الرباط، وأصبح يملك شبكة من العلاقات يصعب التفريط فيها. استقرار المدرب الفرنسي في المغرب زكاه انصهاره الكلي في المجتمع المغربي، بجميع خصوصياته، ففليب يفضل احتساء قهوة الصباح في مقهاه المفضلة ويجالس مجموعة من الفعاليات الكروية في حي السويسي أو في إحدى مقاهي أكدال، لا يمانع في الحديث باللهجة العامية المغربية، لأنه يجيد الإبحار في قاموسها المتشعب. لكن العلاقة الوجدانية بين المدرب الفرنسي والمغرب ترسخت أكثر، حين قرر، هو وزوجته، اعتناق الديانة الإسلامية، التي تمنحه تأشيرة الانخراط التام في طقوس وعادات المجتمع وتبيح له ولوج المساجد والاستماع إلى خطب العلماء. في يوم الجمعة، 26 مارس من سنة 2006، ومباشرة بعد إنهاء ارتباطه بالمنتخب المغربي لكرة القدم، قرر المدرب الفرنسي فيليب تروسيي الملقب ب«الساحر الأبيض»، وزوجته دومينيك إشهار إسلامهما. اختار تروسيي اسم «عمر»، تيمنا بالصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بينما تحول اسم زوجته الفرنسية من دومنيك إلى «أمينة»، وهو إجراء أقيم بحضور عدلين وبعض أصدقاء المدرب، من بينهم المسير الفتحي العوفير. أقام المدرب الفرنسي وزوجته حفلا بالمناسبة في منزلهما في حي السويسي في الرباط وأعلنا للحضور، بعد أن رددا شهادة «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله»، عزمهما على الاستقرار النهائي في المغرب، وأوصيا بدفن جثمانيهما في جوف تربة المغرب. ولم يكتف «عمر» بمنزله في حي السويسي، بل اشترى فيلا في منطقة «الهرهورة» في ضواحي الرباط، وهو المكان الذي يقضي فيه عطلته الصيفية، لأنه متاخم لمياه المحيط الأطلسي. يتردد على منزل «عمر وأمينة» في الهرهورة مجموعة كبيرة من الفاعلين الرياضيين، ويجد متعة في تنظيم أمسيات للنقاش حول أحوال الكرة، وبين الفينة والأخرى يستأذن لأداء شعائره الدينية. حتى وهو مرتبط بعقود مع منتخبات عالمية، فإن الرباط ظلت محطة استراحة في مشواره، بل إن الحنين إلى المغرب يفوق حنينه إلى موطنه فرنسا، حسب ما أسرَّ به لمسؤول فتحي ظل يلازمه. يفضل تروسيي الركض صباحا رفقة زوجته، وحضور بعض يالمباريات التي تقام في العاصمة، دون أن يجد إحراجا في الرد على استفسارات الجمهور والتقاط صور معه. اختار تروسيي الظرف الملائم لإعلان إسلامه واستقراره في المغرب، فقد فضل الاستقالة من منصبه بعد خلاف مع أعضاء جامعيين، مانحا مقود القيادة للمدرب المغربي امحمد فاخر. ليس الدين والإقامة هما مبعث ارتباط تروسيي بالمغرب، بل إن الرجل يتبنى طفلتين مغربيتين هما «مريم» و«سلمى» يحرص على تربيتهما، بل إنه شوهد مرارا برفقتهما في حي السويسي، غير بعيد عن مقر السفارة التونسية، كما يحرص الرجل على التقيد بطقوس الدين الإسلامي وتعاليمه إذ يرتدي الزي الوطني في المناسبات الدينية. إلى جانب الرباط، يعشق «عمر» و«أمينة» المدن التاريخية المغربية، فلا يترددان في زيارة مراكش وفاس ومدن الجنوب المغربي، كلما أتيحت لهما الفرصة لذلك. وفيليب تروسيي من مواليد 21 مارس 1955 في باريس، لاعب كرة قدم فرنسي ومدرب حالي، وهو يُعرَف ب«الطبيب الأبيض»، بسبب نجاحه الكبير في قارة إفريقيا، مثل نجاحه مع نادي «أسيك أبيدجان» ومع منتخب نيجيريا ومنتخب جنوب إفريقيا ومنتخب بوركينا فاسو، وقد أمضى أفضل فتراته التدريبية مع منتخب اليابان. وقد درب تروسيي منتخب اليابان لكرة القدم منذ عام 1998 وحتى عام 2002، وقاده إلى الفوز بكأس آسيا 2000، وتحقيق المركز الثاني في كأس القارات 2001، والتأهل إلى دوري الستة عشر في كأس العالم لكرة القدم 2002. وأصبح مدربا لمنتخب المغرب لكرة القدم بعد فشل الفريق في التأهل إلى كأس العالم لكرة القدم 2006، وقد أقيل بعد توليه المهمة بشهرين. وهو مرتبط، حاليا، بعقد مع فريق ياباني لخمس سنوات يمتد إلى 2013، وقال إنه سيرحل إلى اليابان في العاشر من غشت المقبل. من أبرز أصدقائه، فضلا عن مسؤولي الفتح، سعيد بادو، شقيق المدرب المغربي بادو الزاكي، وسبق لسعيد أن اشتغل ضمن طاقمه كمدرب لحراس المرمى لسنوات، كما تربطه علاقات راسخة مع صحافيين ولاعبين قدامى.