حكاية الجنسية البرازيلية للسرفاتي هي أطرف الحكايات التي تداولها الناس حول هذا المعارض الشرس للحسن الثاني عندما كان النظام يرفض مغربيته بحجة حمله «جنسية برازيلية». أبراهام السرفاتي ليس برازيليا، إنه مغربي من ديانة يهودية، وعائلته هاجرت في وقت مبكر من مدينتها الأصلية طنجة نحو الدارالبيضاء، وهناك رأى أبراهام النور في أحد أيام سنة 1926. مر السرفاتي، الذي يوصف بأنه يهودي معاد للصهيونية، بأغلب مراكز الاعتقال أيام مغرب سنوات الرصاص، بدءا بدرب مولاي الشريف وانتهاء بسجون الدارالبيضاء والقنيطرة. يوصف السرفاتي بكونه من المعارضين الجذريين لنظام الحسن الثاني، وأدى ثمن ذلك أزيد من 17 عاما من الاعتقال، وعندما عاد من منفاه الفرنسي طالب بدرهم رمزي تعويضا عما يراه شيئا لا يمكن تعويضه. درس السرفاتي في باريس علوم المناجم وخبايا الأرض، وانتهى باحثا عن خبايا السياسة وما تخفيه كواليسها من مؤامرات. هكذا، وفي زمن الحماية، انخرط مبكرا جدا في صفوف منظمات يسارية جذرية مثل الشبيبة الشيوعية المغربية، والحزب الشيوعي الفرنسي، ثم الحزب الشيوعي المغربي، وأصبح في زمن الاستقلال من قياديي تنظيم «إلى الأمام» بعد سنوات أمضاها خبيرا في شؤون المعادن وموظفا لامعا في المكتب الشريف للفوسفاط. بداية السبعينيات، سيكون للسرفاتي موعد مع أسوأ فترات حياته حيث اعتقل سنة 1972، مباشرة بعد التحاقه بتنظيم إلى الأمام وانسحابه من الحزب الشيوعي. وقتها تعرض لتعذيب وحشي، واختفى عن الأنظار إلى حدود سنة 1974 حين تم اعتقاله من جديد وأدين بالسجن المؤبد بتهمة التآمر على قلب النظام، وبعد 17 عاما شهدت فرنسا حملة إعلامية قوية لصالح إطلاق سراحه، قادتها، دانيال ميتران، زوجة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران. استقر السرفاتي في فرنسا بعد إطلاق سراحه سنة 1991، وانتظر قرابة تسع سنوات، أي سنة واحدة بعد موت الحسن الثاني في يوليوز 1999، لكي يتم السماح له بالعودة إلى المغرب، وشغل منصب مستشار بالمكتب الوطني للأبحاث المعدنية، وحاول أن يسترجع بعضا من حماسه النضالي السابق، حين طالب باستقالة الوزير الأول وقتها عبد الرحمن اليوسفي. لكن لا اليوسفي استقال، ولا السرفاتي عاد إلى أيام مجده النضالي.