تحول المستشفى الإقليمي في مدينة سلا، في الآونة الأخيرة، إلى ساحة للاحتجاجات من طرف عدد من المرضى وذويهم، بسبب تدني مستوى الخدمات واستغلال المستشفى كغطاء لممارسات تجارية تهدف إلى تحقيق الربح المادي، على حساب معاناة المرضى. ولجأ أحد المصابين بكسر في يده اليمنى، الأسبوع الماضي، إلى خوض إضراب عن الطعام وإلى الاعتصام أمام سيارة الطبيب المكلف بإجراء عملية جراحية له، في الوقت الذي تنوي فيه عائلته القيام بوقفة احتجاجية، بعد إصرار أحد الأطباء على ضرورة شراء قطع الحديد التي تستعمل في العملية من مؤسسة بعينها بسعر 7000 درهم، رغم أن ثمنها في محلات أخرى لا يتجاوز 2200 درهم، وهو ما خضعت له أسرة المريض، بعد أن تم تخفيض الثمن إلى 5000 درهم، ليبقى المريض في الانتظار مدة ثمانية أيام، قبل أن يتم رفض إجراء العملية الجراحية، دون تبرير واضح، وهي الواقعة التي كانت موضوع رسالة وجهت إلى عدد من المسؤولين من بينهم ياسمينة بادو، وزيرة الصحة، للمطالبة بالتدخل لانقاذ حياة المريض، ووضع حد للتسيب الذي يعيشه المستشفى، في حين تدخلت بعض الأطراف على الخط، لاحتواء هده الفضيحة، التي تعد واحدة من سلسلة فضائح يعيشها هذا المستشفى، خاصة بعد أن أبدى عدد من المرضى وذووهم استعدادهم للمشاركة في الوقفة. ويشمل الوضع الكارثي أيضا قسم الولادة، وكذا قسم المستعجلات الذي يعكس صورة واضحة عن مستوى الخدمات في مستشفى إقليمي في مدينة يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة، حيث يضطر البعض إلى تحمل نزيفهم وآلامهم لمدة طويلة في انتظار دورهم نتيجة ضيق قسم المستعجلات، والذي يوجد به سريران للفحص، في غياب تام لأجهزة التدخل والإنعاش، حيث يلجأ المستشفى في كثير من الحالات إلى إعادة توجيه المصابين بجروح خطيرة إلى قسم المستعجلات التابع للمركز الجامعي ابن سينا في الرباط، وهو إجراء ينطوي على إهدار لوقت قد يكون حاسما في إنقاذ أرواح المواطنين، وتفادي حدوث مضاعفات خطيرة، خاصة بالنسبة إلى الضحايا حوادث السير أو الحروق. وفي نفس السياق، فإن المصابين بأزمات تنفسية الذين يصلون إلى قسم المستعجلات في وضع صحي حرج، يجدون أنفسهم مضطرين بدورهم للانتظار، رغم أن ذلك يشكل خطرا على حياتهم، أو يضطرون إلى تبادل أقنعة الأوكسجين بالتناوب، في غرفة ضيقة ومتسخة، وهو ما يؤدي إلى نشوب عدد من الاحتجاجات من طرف المواطنين الذين يقصدون المستشفى، وهي الاحتجاجات التي يتم إخمادها من طرف أعوان الحراسة وكذا رجال الأمن. يشار إلى أن مدينة سلا من المنتظر أن تعرف إحداث مستشفى إقليمي جديد يليق بالمدينة، عوض المستشفى الحالي الذي يُجْمِع السكان على ضرورة إغلاقه، لأن «وجوده مثل عدمه».